الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

مربو "الرنة" ينتفضون ضد حقول توربينات الرياح في لابلاند



على قمة جبلية تعصف بها الرياح، يتنقل الأخوان يوما بين توربينات الرياح المنتشرة على مد البصر، في موقع كان يضم مراعي شتوية لحيواناتهما... فحالة الطوارئ المناخية لا تثني مربي الرنة في هذه المنطقة عن النضال في سبيل التخلص من التوربينات.

ويقول الأخ الأصغر ليف أرنه من سيارته ذات الدفع الرباعي: «في ما مضى، كانت المنطقة مثالية لحيوانات الرنة، إذ كانت خالية من أي نشاط بشري. أما الآن، فقد لحقت أضرار بالمنطقة برمّتها».

على جانبي الدائرة القطبية الشمالية، يعارض أعضاء أقلية سامي في شمال أوروبا بشدة مشاريع ضخمة لطاقة الرياح وغيرها من منشآت البنى التحتية «الخضراء» التي يقولون إنها تهدد سبل عيشهم وتمسّ بتقاليد متوارثة من الأسلاف.

ومن غير المستبعد أن ينتصر أفراد هذه الأقلية في نضالهم هذا.

ففي حكم مدوّ في أكتوبر، قضت المحكمة العليا النروجية بأن مزرعتين لطاقة الرياح أقيمتا في شبه جزيرة فوسن في غرب النروج تتعديان على حقوق ست عائلات من أقلية سامي، بينها عائلة يوما، في عيش تقاليدهم الثقافية، في انتهاك للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة.

مع أربع منشآت مجاورة أصغر حجماً، يشكل حقلا التوربينات في ستوريا وروان أكبر حقول طاقة الرياح الأرضية في أوروبا، بسعة إجمالية تبلغ 1057 ميغاواط، ما يغطي حاجات أكثر من 170 ألف أسرة من الطاقة.

وفي حين أعلن قضاة المحكمة العليا الأحد عشر بالإجماع بطلان تصاريح التشغيل والمصادرة التي مهدت لبناء 151 توربينة رياح، لم يذكر هؤلاء شيئاً بشأن مصير هذه المنشآت.

لكنّ الأمر محسوم بالنسبة للأخوين يوما اللذين ترعى أسرتهما حيوانات الرنة منذ أجيال، إذ «يجب تفكيك هذه التوربينات».

ويقول الأخوان إن حقل ستوريا للتوربينات الذي أُنجز سنة 2020، يحرم الأسرة من «أفضل» المراعي الثلاثة التي تقود إليها قطعانها خلال الشتاء.



لا رنة في الأفق



يراقب جون كريستيان، الأخ الأكبر في عائلة يوما، الأفق الواسع المغطى بالثلوج بمنظاره، لكنه لا يرى أي رنة في الأفق.

ويقول: «من المستحيل أن تأتي الرنة إلى هنا الآن، مع كل الاضطرابات الهائلة الناجمة عن دوران توربينات الرياح التي تخيفها وتحدث الكثير من الضوضاء».

ويضيف: «هناك أيضاً مواقف السيارات والطرق والمعابر... الطبيعة دُمرت تماماً هنا. لم يتبقَ شيء سوى الصخور والحصى».

قبل حكم المحكمة العليا، أوصت محكمة من درجة أدنى بدفع تعويضات مالية إلى المتضررين من خسارة الأرض للسماح للرعاة بشراء العلف لحيواناتهم لتقتات عليها خلال الشتاء.

لكنّ المعنيين بالقضية رفضوا هذا الخيار بشكل قاطع.

ويقول ليف أرنه: «يجب أن تجد حيوانات الرنة طعامها. إذا أعطيناها علفاً، لن يعود الأمر رعياً تقليدياً».

ولا يكشف أفراد عائلة الرعاة هذه عن عدد قطيعهم من الرنة، لأن «ذلك سيكون أشبه بالكشف عن الرصيد المصرفي»، لكنهم قد يضطرون إلى خفض عدده، إذا لم يجدوا عدداً كافياً من المراعي.



ويواجه ليف أرنه البالغ 55 عاماً صعوبات اقتصادية تجعله بالكاد قادراً على الصمود. وهو أكد أمام المحكمة أن شركته حققت أرباحاً تقل عن 300 ألف كرونة (34 ألف دولار) عام 2018.

وبالتالي، فإن تصغير حجم قطيعه من شأنه أن يهدد جدوى نشاطه برمّته.

في غضون ذلك، تستمر التوربينات في الدوران، على الرغم من حكم المحكمة.



ويؤكد توربيورن ستين، الناطق باسم كونسورسيوم «فوسن فيند» الذي يستثمر الجزء الأكبر من حقل توربينات الرياح: «نأخذ حكم المحكمة العليا على محمل الجد... نحن بالطبع نريد تصحيح الوضع، لأنه خطير للغاية».

ويقول: «الخطوة التالية هي تحديد ظروف التشغيل التي تضمن قدرتنا على تشغيل توربينات الرياح من دون انتهاك حقوق الرعاة أو تهديد رعايتهم. ما نعطيه الأولوية الآن هو إجراء حوار مع الرعاة».