الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

محمية يديرها متطوعون مولعون بالحيوانات تنقذ أسود السودان

كانت «كنداكة» تجلس فيما مضى جائعة داخل قفص صغير في الخرطوم، لكنها باتت تنظر إلى أشبالها الصغيرة تمرح داخل محمية تقع في قلب سهل عشبي، وذلك بفضل حفنة من المتطوعين في السودان.

ولكن هذه اللبؤة ذات السنوات الخمس أُطلقت، بعد ثمانية أشهر من الاستعدادات، من حديقة حيوان الخرطوم مع أسدين آخرين في يناير 2021.

وأُنقذت الأسود الثلاثة التي كانت تعاني من الجفاف والترهل بفضل حملة على الإنترنت، ومنذ ذلك الحين اتسع المشروع وأصبحت محمية الباقير التي استقبلتها والواقعة على بعد ساعة بالسيارة من الخرطوم، تؤوي 17 أسداً تراوح أعمارها بين ستة أشهر وست سنوات تعيش على مساحة تفوق 40 ألف متر مربع.

في كل يوم، يوزع عثمان صالح ومعتز كمال و20 متطوعاً آخرين ما بين 5 إلى 10 كيلوغرامات من اللحوم على كل أسد وعلى حفنة من الضباع لديها مساحة مسوّرة خاصة بها في الهواء الطلق.

سكارفيس ومنصور



ويتعين على هؤلاء المتطوعين توزيع وقتهم بين خدمة المحمية ووظائفهم، حيث إن عليهم تحمل أعباء الانتقال والبحث عن طرق بديلة لتلك الطرق المغلقة بسبب التظاهرات.

ويقول المتطوع معتز كمال البالغ 30 عاماً «إن الوقود سعره مرتفع والانتقال إلى المحمية مكلف ولكني آتي كل يوم لأنني أشعر بسعادة في كل مرة».



وانضم مهندس الاتصالات الشاب هذا المولع بالكلاب منذ الصغر، إلى المشروع منذ البداية، وهو يزور المحمية في كل عطلة نهاية الأسبوع، ويكلفه التنقل إلى المكان ما بين دولارين إلى أربعة دولارات تقريباً.

ويبدي كمال إعجاباً خاصاً بالأسد «سكارفيس» وهو ذكر كبير ذو وبر باللون البيج، وكذلك بـ«الطيب»، وهو أسد آخر أخذ اسم متطوع غادر مؤخراً إلى أوغندا لاستكمال دراسته من أجل أن يصبح طبيباً بيطرياً بعد أن اكتشف أثناء وجوده في المحمية ولعه بالحيوانات.



وهناك أيضاً الأسد «منصور»، الذي أطلق عليه هذا الاسم لأنه تغلب على الجوع في حديقة حيوانات الخرطوم، ونجا من العنف في السودان، وهو استثناء مقارنة بما يحدث في مناطق أخرى من العالم.

ويشير الصندوق العالمي لحفظ الطبيعة إلى أن عدد الأسود الأفريقية انخفض بنسبة 40% على مدى ثلاثة أجيال.

ولم يعد هناك سوى 20 ألف أسد في الأوساط البرية في أفريقيا، من بينها حفنة تعيش في السودان، في حديقة الدندر الوطنية بالقرب من الحدود مع إثيوبيا الغارقة حالياً في الحرب.

أفيال وزرافات وحمير وحشية



لكن كل هذه الحيوانات بحاجة إلى طعام، بحسب ما يشير عثمان صالح مؤسس المحمية الذي استطاع أن يجمع بنفسه كل الأسود القابعة في الأسر في السودان، سواء من حديقة الحيوان في الخرطوم أو من الأفراد.

ويكافح صالح كل يوم لإطعام الحيوانات، ويضطر أسوة بجميع المتطوعين إلى التبرع من ماله الخاص لشراء أكثر من 100 كيلوغرام من اللحم يومياً لنزلاء المحمية.



ويقول «لدينا متبرعون في السودان وفي الخارج، لكن ذلك لا يكفي، خصوصاً أنه لا الحكومة ولا الشركات التي اتصلنا بها وافقت على مساعدتنا».

وفي بلد يعتمد ثلث سكانه على المساعدات الإنسانية، يُعتبر التبرع بأموال لإطعام الحيوانات نوعاً من الترف.

ويضيف صالح «هناك سودانيون كثيرون يعانون من الجوع، ومن الطبيعي أن تكون لهم الأولوية».



ويعوّل صالح على المتطوعين وأنصار الرفق بالحيوان، ويوضح أن «أطباء بيطريين متطوعين يأتون كل أسبوع لإجراء فحوص روتينية» للحيوانات.

كما «يأتي كل ستة أشهر أطباء بيطريون من منظمة (فور بوز) غير الحكومية للقيام بجراحات وتدريب أطقمنا المحلية».



ويحلم عثمان صالح بتوسيع نشاط محميته في السودان حيث تلقّى التنوع البيئي ضربات قاسية بسبب النزاعات المسلحة والتنقيب عن الذهب والنفط.

ويقول مبتسماً «ربما نستطيع يوماً ما استقبال أفيال وزرافات وحمير وحشية، كل هذه الحيوانات التي اختفت من السودان».