الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

بدأ حياته عاملاً في محجر.. حكاية شاب مصري جمع بين العمل والتفوق الدراسي

لم يكن اختيار الشاب المصري أبوخضير الشيمي الذي تحول إلى تريند في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبل وزارة الشباب والرياضة لعضوية مبادرة سفراء مصر أو من قبل الأمم المتحدة التي أصبح سفيراً من قبلها للشباب، اعتباطاً، فقد قدم الشاب المصري قصة نجاح تستحق أن تكون أنموذجاً يحتذى به.

وقد تكون نشأة الإنسان في وضع اجتماعي صعب دافعاً لكثيرين لتنمية حياتهم والتفكير في مستقبلهم بمزيد من التحدي والإصرار، على عكس ما قد يتوقع البعض، هذا بالضبط ما حدث مع أبوخضير الشيمي الذي تُوفي والده قبل أن يرى هو نور الحياة، لتربيه أمه السيدة المثابرة بما أتاحته لها ظروفها.

لم تحرمه من شيء قدر ظروفها، فما كان من الشاب العشريني إلا أن يطرق باب العمل في سن صغيرة وهو دون الـ12 عاماً، متخطياً كل الإحباطات التي يمكن أن تواجه طفلاً في مثل سنه.

داخل محاجر الطوب بالمنيا حيث نشأ، بدأ أبوخضير طريق العمل في مهن مختلفة، لم تُثنه عن تحقيق التفوق الدراسي عبر كل سنوات تعليمه.

كان دافعه الطموح حتى تتحقق آماله وأمانيه، لكي يُنفق على مشواره التعليمي ويُساعد والدته التي تحملت في سن صغيرة مشقة تربية 6 أبناء، مثّل أبوخضير أصغرهم، لتمر السنوات ويصبح واحداً من أنجح الشباب في جيله على مستوى جامعته ببني سويف في صعيد مصر.

ويروي ابن محافظة المنيا مركز سملوط بصعيد مصر، صاحب 23 عاماً، في حديثه مع «الرؤية» تفاصيل رحلة كفاحه، وقال إنها بدأت عندما كان في الصف الخامس الابتدائي كعامل في محجر الطوب الأبيض بالمحافظة التي يمتهن أبناؤها هذا النوع من العمل، وتعتبر مصدر الدخل العام لمحافظة المنيا.

25 جنيهاً



وعن بداياته في العمل يقول أبوخضير: «كنت أعمل لنحو 6 ساعات متواصلة، ثم أعود بعد ذلك لمذاكرة دروسي ثم النوم مباشرة، وكنت أتقاضى 25 جنيهاً في اليوم الواحد، واستمريت في العمل بمصانع الطوب الأبيض حتى الصف الثاني الثانوي».

كان العمل مرهقاً بالنسبة لطفل في سنه، إذ يحتاج إلى قوة بدنية عالية، وهو الأمر الذي دفعه للبحث عن مهن متفرقة في عدد من الكافيهات والمحلات في فترة الإجازة الصفية، ثم يعود للعمل في محاجر الطوب مرة أخرى أثناء بدء الدراسة نظراً لقربها من المنزل، وأجرها المرتفع بالنسبة له في هذا الوقت.

تفوق درسي



عند التحاقه بالثانوية العامة لم يكن هناك بُد من التفوق، لم يغلبه اليأس عندما قال له أحد زملائه: «لن تستطيع تحصيل أكثر من 50% في الثانوية العامة لأنك تعمل طوال الوقت»، كانت تلك الجملة داعمة له بشكل كبير، جعلته يواصل الليل بالنهار عملاً ودراسة.

ويقول: «كنت أُحدث نفسي دائماً أنني لا بد أن أحقق تفوقاً كبيراً في دراستي، كان هدفي الدخول لكلية تحسّن من وضعي ومستواي الاجتماعي، وتؤهّلني للعمل في مجال مرموق بدلاً من الأعمال المرهقة التي عملت بها سابقاً».

واستطرد: «حصلت في الثانوية العامة على مجموع 97% بفضل دعم والدتي وأشقائي أيضاً وهو مجموع يؤهّلني لكلية الطب، لكن قراري كان الالتحاق بكلية التجارة الشعبة الإنجليزية رغم مصاريف الدراسة الكبيرة بها إلى حد ما، إلا أنني صممت أن أُمضي قٌدماً في طريقي».

والتحق أبوخضير بكلية التجارة الشعبة الإنجليزية، وتخرج فيها بتقدير عام امتياز مع مرتبة الشرف وحصل على المركز الثاني على دفعته متفوقاً على أقرانه.

وزيراً للمالية



لم ينس تأهيل نفسه لسوق العمل فحضر العديد من الدورات التدريبية، وكان أهمها بوزارة الاستثمار والبنك المركزي، كما حصل على العديد من الشهادات المختلفة منها شهادة Accounting fundamentals من معهد CFI، والمشاركة في سيمنار نظمه معهد المحاسبين الاداريين عن الـBig date، بجانب المشاركة في مؤتمر التكنولوجيا وريادة الاعمال تحت تنظيم الاتحاد الوطني للقيادات الشبابية.

وعن خبراته: "كنت عضواً في سفراء شباب مصر، وفي الاتحاد الوطني للقيادات الشبابية ومنظمة متطوعي الأمم المتحدة، وشاركت في عدد من المُسابقات الدولية منها مُسابقة نظمها معهد المحاسبين الإداريين بالولايات المتحدة الأمريكية IMA، حصلت خلالها على مركز متقدم وجرى تكريمي من قبل المعهد، وحصلت على منحة للدراسة بالمعهد مجاناً، قيمتها الفعلية 25 ألف جنيه".

قصة أبوخضير لاقت صدى واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مصر خلال الفترة الماضية، واُعتبر «سفيراً للشباب» الذين يحلمون بتغيير واقعهم بالدأب والمثابرة، ويحلم أن يصبح أصغر وزير مالية في مصر باستكمال دراسته للماجستير والدكتوراه.