الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

استبدال اللحوم والدجاج بالحبوب بعد ارتفاع أسعارها.. ماذا يأكل اللبنانيون؟

لم تجد السيدة اللبنانية رحمة مهنا سوى حبوب البازلاء والفاصوليا لإطعام أبنائها الأربعة، إضافة لنفقات ابنها الأصغر المريض الذي ترتفع أسعار علاجه بشكل كبير، وتقول رحمة التي انفصلت عن زوجها قبل سنوات إنها تتولى الإنفاق على أبنائها إن احتاجتها بعض الأسر كمساعدة منزلية بدوام جزئي وبدخل لا يتجاوز الـ20 دولاراً، وهو مبلغ لا يكفي لشراء كيلوغرام من اللحم الذي ارتفعت أسعاره أكثر من 5 أضعاف، ليُسجل الكيلوغرام نحو نصف قيمة الحد الأدنى للأجور المُحدد بـ675 ألف ليرة وهو ما يُعادل 33 دولاراً.

ووفقاً لبيان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المُتحدة فإن لبنان يشهد حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية فى تاريخه، وأن أسعار المواد الغذائية قد ارتفع بنسبة 1000%، فيما أصبحت المواد الغذائية الأساسية بعيدة المنال بالنسبة لمعظم العائلات فى البلاد.

ماذا يأكل اللبنانيون؟

تقول مهنا إن ابنها الأكبر يعمل ليُساعدها على إعالة أسرتها إلا أن دخله لا يكفي لإعالة أسرة مكونة من 5 أطفال تضمها مع 4 أبناء، لذا ورغم أن أشقاءها يساعدونها في بعض الأحيان إلا أن ارتفاع الأسعار الكبير لا يكفي لتسد احتياجات أسرتها الأساسية.

وتتابع في حديثها مع «الرؤية»: «ابني الأصغر مريض لا بد من شراء أدوية له كل 15 يوماً، وفي ظل قلة فرص العمل لا يستطيع ابني الأكبر تلبية احتياجاتنا، لذا تغيب اللحوم والدجاج عن مائدتنا لا نستطيع شراءها، وكل الأكلات التي تحوي لحوم أو دجاج لا أستطيع تأمينها لأبنائي سوى مرة واحدة في الشهر كله».

وتعتمد رحمة في إعداد الوجبات الغذائية لأبنائها على المعكرونة والبازلاء والمجدرة، إلا أنها وعن المجدرة تقول: «أصبحت تلك الوجبة أيضاً نوعاً من الرفاهية، إذ ارتفعت أسعار العدس الذي يدخل في تكوينها بشكل كبير».

نظام غذائي نباتي بالإجبار

بحسب تقارير اقتصادية بات نحو 80% من السكان تحت خط الفقر، وانحسرت الطبقة المتوسطة إلى حد كبير، وهو ما تؤكده الشابة اللبنانية ميرا في حديثها مع «الرؤية».

وأضافت: «أسعار المواد الغذائية زادت بمقدار أكثر من 10 أضعاف، حتى الطبقة المتوسطة التي كان أفرادها يعيشون حياة يُمكن اعتبارها إلى حد ما مُناسبة، يمكن اعتبارها اختفت، وتناول اللحوم لم يعد يحدث سوى بالمٌناسبات يمكننا القول كل أسبوع أو أسبوعين مرة واحدة».

وتُتابع ميرا: «سعر كيلو اللحم تبلغ قيمته الشرائية أكبر من يومية العمال، مثلاً هناك من تبلغ يوميتهم 50 ألف ليرة فيما يبلغ سعر كيلو اللحم الواحد ذو الجودة المتوسطة 250 ألف ليرة، وربما تنخفض أسعار الدجاج عن اللحوم بعض الشيء، ويمكن مُلاحظة أن بعض المطاعم لم تعد تُقدم اللحوم في قائمة طعامها الخاصة واختفت وجبات (البيف) لارتفاع أسعارها بشكل كبير».

وأضافت: «أصبحنا نتبع نظاماً غذائياً نباتياً يعتمد على تناول الحبوب والبقوليات بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار حتى المُعلبات كالتونة وغيرها والتي كانت تشكل جزءاً كبيراً من مائدة اللبنانيين، واختفت هي الأخرى لتلحق باللحوم والدجاج».

ويبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج حوالي 120 ألف ليرة بما يُعادل 5 دولارات، مقابل 300 ألف ليرة بما يُعادل 15 دولاراً لفيليه البقر.

تقليص صنوف الطعام على المائدة

تقول الشابة سيرين لـ«الرؤية» إن زيادة الأسعار أثرت على اختيارات المواد المُستخدمة لإعداد الطعام كزيت الزيتون، الذي تم استبداله بأنواع أقل جودة نظراً لارتفاع سعره الكبير.

وتقول سيرين: «تناول اللحوم أصبح من الذكريات لكثير من البيوت اللبنانية من وقت ارتفاع سعر صرف الدولار».

اختلاف أسعار صرف الدولار أرهقت المواطن اللبناني والمقيم، كما يروي لنا عماد النويهي المصري المُقيم بلبنان، ويقول النويهي: «ما أتقاضاه من راتب لا يكفي احتياجات أسرتي المعيشية، إضافة لانخفاض القوة الشرائية، أصبحت الناس تقتصد في مشترياتها، فأصبح الموائد التي كانت تحوي أكثر من صنف تضم صنفاً واحداً مع تقليص الأرز واللحوم وغيرها».

ارتفاع مُستمر للأسعار

ويُتابع: «حتى لو انخفض سعر الدولار فالتجار يستمرون برفع الأسعار، حتى أن القدرة الشرائية انعدمت لدى اللبنانيين والمقيمين بحوالي 70%».

بالنسبة لأصناف المائدة يقول النويهي إن المائدة اللبنانية كانت غنية فيما قبل، لكن الآن الاعتماد الأكثر على الحبوب والبقوليات، وتراجع الاعتماد على اللحوم والأسماك، وبدلاً من الشراء سابقاً بالكيلوغرام حل محل ذلك الشراء بالأوقية، أي نحو 200 جرام فقط.