السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

متطوعون: رجوع حملات التطوع الرمضانية أعاد إلينا بهجة العطاء

يبدو رمضان هذا العام وكأنه تأكيد على رسالة التعافي من الوباء وجائحة كورونا التي غيّرت خط سير كل ما اعتدنا عليه، طيلة السنوات الماضية، ولعل الجهود التي بذلتها القيادة الرشيدة والمؤسسات الصحية والوقائية، باتت تجني ثمارها اليوم بعودة الحياة كما كانت عليه قبل العامين الماضيين.

فعادت هذا العام خيام إفطار صائم وتوزيع الوجبات الرمضانية على الإشارات المرورية والتقاطعات وقت آذان المغرب، بعدما افتقدناها جميعاً خلال العامين الماضيين، إثر الإجراءات الاحترازية المتبعة حرصاً على أمن وسلامة الجمهور، وعادت معها فرحة وبهجة العطاء الذي تقدمه المؤسسات الخيرية كل عام، بالتعاون مع شباب وفتيات الفرق التطوعية، الذين افتقدوا كل هذه الأجواء التي يملؤها التعاون وروح الفريق والعطاء.

وأكدت مجموعة من الشباب المتطوعين خلال استطلاع رصدته «الرؤية»، أن عودة خيام إفطار صائم ومشاركتهم بالحملات التطوعية الرمضانية قد أثلجت صدورهم، كونها أعادت لهم الأجواء التي افتقدوها طيلة العامين الماضيين، مشيرين إلى أن الوعي لدى الجمهور بات موجوداً كما يجب، وهناك التزام واضح بالإجراءات الاحترازية.

حملات تطوعية

وتتعدد الحملات الرمضانية التي يشارك فيها الشباب المتطوعون هذا العام، منها: حملة «أفطر» التي تتولى توزيع وجبات كاملة للأسر المتعففة في الإمارات الشمالية، وحملة «أطعم تؤجر» من فريق «أبشِر» التطوعي بالتعاون مع القيادة العامة لشرطة أبوظبي والتي ستبدأ الأسبوع القادم على الإشارات والتقاطعات بالإمارة متضمنة علباً تحتوي على التمر واللبن والماء وبروشورات توعوية، وحملة «كسر الصيام» التابعة للهلال الأحمر في واحات أدنوك، وحملة «مساجد آمنة» التي ستكون خلال وقت صلاة التراويح.



أجواء روحانية

وأشارت الشابة المتطوعة أميرة الخياط، العاملة بمجال التطوع منذ 17 عاماً، إلى أنها سعيدة بعودة العمل التطوعي بشهر رمضان، والذي يتزامن هذا العام مع عودة النساء للصلاة في المساجد وتناول السحور خارج البيت، لافتة إلى أن تجمع المصلين خلال صلاة التراويح هو أكبر ما افتقدته بالأجواء الروحانية التي يمتلكها الشهر الفضيل، ومتحمسة كونها مشاركة بعدد من الحملات التطوعية هذا العام.

وأوضحت الخياط بأنها لم تنقطع عن ممارسة العمل التطوعي خلال فترة كورونا حيث شاركت بالعمل مع خط الدفاع الأول آنذاك، وقالت: "لم نعد للحياة الطبيعية اليوم، لولا الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي فرضت علينا، والتي منحتنا مشاعر اطمئنان بالعودة خصوصاً بعد الخوف الذي دبّ في قلوبنا جميعاً وحرصنا على تعقيم كل الأشياء."



زيادة المتطوعين

وأفاد المتطوع محمد أحمد الصعيدي، 37 عاماً، والعامل بمجال التطوع منذ 12 عاما، سواءً في الخيام الرمضانية والتقاطعات ومحطات البترول وجميع الفعاليات التي تخص الفرق التطوعية والهلال الأحمر، بأن فرحة الناس كبيرة كونها مفتقدة الفعاليات والأنشطة الرمضانية بعد انقطاعها بالفترة الماضية، مشيراً إلى الزيادة الملحوظة بعدد المتطوعين بعد الجائحة، الأمر الذي يدل على وعي الناس الإنساني بأهمية العطاء والتكاثف والتعاون.

وأوضح أن المتطوعين يتمتعون بتعاون كبير مع المشرفين وروح الحماس تملأ الفرق التطوعية، وكلها رغبة بمزيد من العطاء للناس، بهدف الحصول على الأجر وإسعاد الآخرين، لافتاً إلى أن ذلك يدل على وعي وإقبال الناس على العمل التطوعي وأهميته بالعمل المجتمعي.





إقبال كبير

وأشار الشاب إبراهيم جمال، العامل بمجال التطوع منذ ما يزيد على 6 سنوات، إلى أن الإقبال ملحوظ سواء من الناس على الخيام الرمضانية، أو من المتطوعين، وقال: "كثير من الناس المقيمة لوحدها وبحاجة لممارسة تواصل وحياة اجتماعية ولقاء الآخرين خلال وقت الإفطار، ويجدون هذه الخيام الرمضانية مساحة تمنحهم ذلك، أما المتطوعين فلاحظت حماس الكثير منهم بحيث يحضرون مبكراً قبل توزيع وجبات الإفطار بساعتين أو ثلاث."

وحول الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوعي بعد الجائحة بين الناس، قال: "بعض الأشخاص تجاوزوا الجائحة واعتادوا على إجراءاتها وأصبحت ضمن نمط حياتهم اليومية، كارتداء الكمامات وترك مسافة متر بينهم وبين بعض، في حين بعض الأشخاص لا زالوا خائفين من اختلاطهم بالآخرين وهي فئة قليلة جداً، كما أن نسبة إشغال الخيام الرمضانية تصل إلى 70%، وفقاً لقوانين الهلال الأحمر، فإن كانت الطاقة الاستيعابية للخيمة 100 شخص، نستقبل 70 شخص فقط، ويتم توزيع بقية الوجبات الرمضانية خارج الخيمة."



لقاء الأصدقاء

وأشارت هاجر يوسف، العاملة بمجال التطوع منذ ما يزيد على 5 سنوات، إلى أن عودة لقاءاتها مع أصدقائها وزملائها بالعمل التطوعي، وشبكة العلاقات الاجتماعية التي كونتها خلال العمل التطوعي، أكثر ما افتقدته بالحملات التطوعية الرمضانية، مشيرة إلى أن روح الفريق وتجمع أعضائه قبل الإفطار من أكثر التفاصيل التي تدخل البهجة والسرور إلى قلبها.

وقالت: "تنعكس روح الفريق على أدائنا مع الناس وطريقة تحدثنا معهم، وهي أجواء افتقدناها طيلة السنوات الماضية بسبب الجائحة، كما أن أصدقاء العمل التطوعي مختلفون عن أي أصدقاء آخرين، تجمعنا بهم علاقة خاصة ومختلفة."



إيثار وإنسانية

وقال علي عبيد، متطوع بالخيام الرمضانية منذ أكثر من 15 عاماً: "الانقطاع الذي سببته الجائحة وظروفها في نصب خيام إفطار صائم الرمضانية، جعل الناس متلهفة لعودة تجمعهم لتناول وجبة الإفطار، ولمست خلال تطوعي بإحدى الخيام هذه السنة مشاعر إيثار وإنسانية بين مجموعة من الأفراد الآسيويين من فئة العمالة، حيث كانوا يتناوبون لتناول وجباتهم على نفس السماط (مفرش الأكل) حفاظاً ومراعاةً على مسافة الأمان والإجراءات الاحترازية للخيام."

وتابع: "بالرغم من أن أجواء الخيام الرمضانية قد عادت مع التغييرات التي فرضتها الجائحة، وأننا لا زلنا مفتقدين كافة التفاصيل السابقة التي اعتدنا عليها، فإن عودتها أفضل من العدم بلا شك، والجمهور مستوعب ومتفهم لكافة التغييرات المفروضة، وهناك وعي واضح وملحوظ."



عودة كاملة

وحول رأي الجمهور والعامة بعودة نشاط الخيام الرمضانية، قال محمد أحمد، 22 عاماً: "أعتقد بأن الحياة قد عادت بشكل كامل إلى طبيعتها، وأصبحت الكمامة ومسافة الأمان من الدروس المستفادة التي خرجنا منها من محنة كورونا، ولعل أكثر التفاصيل التي افتقدتها وقوف أهل الخير والشباب المتطوعين على إشارات المرور لتوزيع وجبات كسر الصيام التي تحتوي على التمر والماء، فقليل منا من يحمل معه ماء أو تمراً لكسر صيامه على الطريق قبل الوصول للمنزل، وكثيراً ما نضطر للتأخر لأسباب عديدة."



عمل الخير

في حين عبّرت إسراء علي، 28 عاماً، عن سعادتها بخبر عودة خيام إفطار صائم، وأبهجها مشهد إقبال الناس على الخيام، خاصةً وأنها كانت تبحث عن أي مسجد أو خيمة للمساهمة بتوزيع أمور بسيطة، كعلب الماء أو علب التمر، لافتة إلى أن هذه التفاصيل البسيطة قد افتقدتها طيلة السنتين الماضيتين وجعلتها تثمّن إمكانية عمل الخير على أنها نعمة لا تُقدَّر بثمن."

الأثر النفسي

وحول الأثر النفسي الذي يتركه العمل التطوعي والعطاء في نفس وأداء الإنسان بحياته عموماً، أفادت مدربة الحياة وأخصائية البرمجة العصبية مودة الوزير، بأن العطاء يعزز العديد من المشاعر والأفكار الإيجابية بنفس وعقل الإنسان، فكلما أعطى الإنسان لمن حوله، كلما شعر بسعادة وراحة ورضا عن نفسه وعن حياته، ولمس قيمة لوجوده بالحياة، كونه يمد يد العون والمساعدة للمحتاجين، مؤكدةً على أن شهر رمضان المبارك شهر لتبني عادات سلوكية إيجابية، وتهذيب للنفس والعقل والروح بعيداً عن أي ضغوطات ومشاحنات، والتي تنعكس إيجاباً على أدائه بشهور السنة التالية لرمضان.