الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

صناعة النسيج اليدوي.. فن يقاوم الاندثار في مصر

في مدينة فوه بمُحافظة كفر الشيخ شمالي مصر، ولد الشاب المصري محمد مُحيي الشرقاوي لأسرة تعمل في فن النسيج اليدوي، ليتعلم هذا الفن في الخامسة من عمره علي يد والده الذي ورثه من أجداده.

لوحات مُبهرة على قطع خاصة من القماش يتم رسمها بأنامل فنانين مدينة فوه المعروفة بهذا النوع من الفن المنسوج والمرسوم بواسطة النول اليدوي، لتزيين الحوائط والأرضيات.

يتميز فن النسيج اليدوي بالمتانة، حيث يتحمل فترات طويلة جداً من الزمن، بفضل خاماته الطبيعية التي تتميز بأن لها وجهين متشابهين تماماً تتطلب فناناً حقيقياً لإعدادها.

في طريقه لتعلم هذا الفن بدأ محيي، بنول صغير ليتعلم هذا الفن ثم بدأ التعلم على النول الأكبر مع والده في سن الـ7 سنوات بحسب ما قال في حديثه مع «الرؤية».

وتابع مُحيي: "لا يتطلب أن يكون يتقن محترفو هذا اللون من الفنون الرسم بالأساس، لكن الخبرة في درجات الألوان وأنواعها مهمة."

ويشرح مراحل إعداد اللوحة بأنها تبدأ بتجهيز الخيوط والتي تعتمد ألوانها على لون الصورة التي نريد رسمها بالنول، ثم تجهيز القماش على النول عبر تكبير مساحة الصورة 10 مرات لتصبح مساحتها متراً واحداً في متر ونصف.





نوع الخيط وسعر اللوحة

ذكر محيي أن لنوع الخيط المستخدم في اللوحة دوراً كبيراً في تحديد سعر اللوحة، فمثلاً اللوحات التي يتم استخدام خيط الحرير الطبيعي في تشكيلها تختلف من حيث السعر عن تلك التي استخدم فيها خيط الصوف، إضافة أيضاً للوقت المُستخدم في إعداد اللوحة والذي يزيد أو يقل بحسب نوع الخيط أيضاً.

ويتابع مُحيي: "خيوط الصوف الطبيعي هي الأغلى، حيث تستغرق 6 أشهر في إعدادها، إضافة إلى أن تفاصيل الصورة تكون سبباً من أسباب زيادة الوقت المُستغرق، فكلما زادت التفاصيل زاد الوقت والعكس، وكل تلك العناصر تُسهم في تقييم ثمن اللوحة النهائي."

وعن أسعار اللوحات: «اللوحات التي تبلغ مساحتها متراً إلى متر ونصف تبدأ من سعر 7 آلاف جنيه مصري «1400 درهم»، أما البورتريهات بعرض 70 في متر واحد فتبدأ من 6 آلاف جنيه «1200 درهم» لأعلى سعر بحسب مساحته وتفاصيله."



منتجات النسيج اليدوي

وعن فن النسيج اليدوي يشرح مُحيي: "يتميز هذا الفن بأننا نستطيع نسج أي رسم مهما وصلت درجة صعوبة تفاصيله وكثرة ألوانه، والصوف الطبيعي من أهم الخامات المُستخدمة في النسيج اليدوي، لذلك أحرص دائماً علي اقتناء أجود أنواع الصوف وهو صوف أغنام المارينو الذي أستورده من نيوزيلندا."

ويستطرد: "توجد أنواع كثيره مثل الصوف الأوسيمي والفلاحي والبرقي والصعيدي والعبيدي والرحماني، لكن الأفضل صوف المارينو لنعومة ملمسه ونقائه وبياضه الناصع."

ويُضيف: "منتجات النول اليدوي مميزة إلى الآن، وليس لها منافس رغم كثرة المحاولات، فهي تنسج طبقة واحدة بوجهين مُتشابهين تماماً وهذا ما يميزها بين كل المنتجات الأخرى، وتتحمل آلاف السنين وتظل ألوانها ثابتة مع مرور الزمن."



شركة خاصة

خشية اندثار هذا الفن أسس مُحيي شركة خاصة لتعليمه لكل الناس وكل الأعمار، حيث أقبل كثيرون على تعلمه خصوصاً النساء داخل مدينة فوه المشهورة بالمنسوجات اليدوية.

ويقول مُحيي: "يحتاج هذا الفن إلى تركيز ودقة عالية جداً، لأن أقل خطأ يكلفنا الكثير من الوقت، ومن المُتوقع خسارة يوم أو يومين عمل بسبب خطأ في الألوان أو نسب التكبير."

ويلفت: «بعد انتشار الإنترنت في كل الدول أصبح التسويق أسهل بكثير من السابق، وقمت بالتصدير إلى بلاد كثيرة منها فرنسا وهولندا وأمريكا وإيطاليا وألمانيا والإمارات والسعودية والمغرب والجزائر وتونس ولبنان وغيرها، ويوجد إقبال علي هذا الفن لندرته وتميزه وتحمله سنوات طويلة من الزمان».



خوف من الاندثار

وتُعد مدينة فوه من أشهر المناطق في مصر في إنتاج هذا النوع من الفنون، وكان يعمل به أكثر من 10 آلاف عامل، لكن تقلصت الأعداد.

ويختم مُحيي: "بدأ هذا الفن في الاندثار منذ أعوام طويلة، ويلفظ أنفاسه الأخيرة هذه الأيام، وهذا ما دفعني إلى العمل على إحياء هذا الفن والحفاظ عليه بإنشاء ورش تعليم في جميع أنحاء مصر من أموالي الخاصة دون أية مساعدات من أية جهة، ولا يوجد لمصر مُنافس في هذا الفن، لقد اشتهرت إيران بالسجاد الوبري العقدة، ونحن نتميز بالكليم والنسيج المرسم ذي الوجهين."