الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

سجاد مستدام من ملابس معاد تدويرها في تونس

سجاد مستدام من ملابس معاد تدويرها في تونس

مشروع اجتماعي تعاضدي لإعادة تدوير الملابس حقق انتشاراً في مختلف تونس.

تمزّق نجاة سروال جينز إلى قطع صغيرة قبل أن تحوّله إلى سجاد، شأنها في ذلك شأن عشرات الأمهات التونسيات اللاتي يشاركن في مشروع اجتماعي تعاضدي لإعادة تدوير الملابس حقق انتشاراً في مختلف أنحاء البلاد.



انطلقت مبادرة «المنسج» (آلة قديمة للنسج) مع الفرنسي التونسي مهدي البكوش (33 عاماً) سنة 2014 عندما طلب من عمّته نجاة في منطقة نفطة بالجنوب التونسي أن تنسج له سجاداً لمجموعة من أصدقائه.



وشرع إثر ذلك في بيع المنسوجات في المرحلة الأولى عبر شبكة فيسبوك عن طريق نشر صور للمنتوجات، وسرعان ما تطوّر المشروع إلى أن رأت جمعية «الشانطي» النور في العام 2016، وهي باتت تشغّل 12 حرفية في المنطقة وتضمن عائدات مالية شهرية لهنّ.



وتقول نجاة (53 عاماً) وهي أولى المبادرات في هذا المشروع، "تعلمتُ النسج منذ الصغر مع أمّي وكنت أنسج معها الأغطية والقشابية (لباس صوفي للرجال خلال الشتاء)".



واليوم تغيّرت الأمور ولم تعد تنسج سوى «الكليم (السجاد)»، وتفصح متبسمة "أكسب منه رزقاً وأعمل من بيتي وفي سكينتي".

تمرّر نجاة أناملها بين خيوط المنسج وتستذكر إبداعاتها وتصاميمها قائلة "كلّها ابتكاراتي ومن صنع مخيلتي، رتبتُ موضع الخيوط بكل الألوان وقبلوها مني (جمعية الشانطي)".



وهي تجمع من أسواق الملابس المستعملة القريبة الطرابيش القديمة والقمصان والجوارب الصوفية التي تستعمل كمواد أولوية لتصميم زرابي وسجاد على الطراز العصري.

ولا خشية في الجمعية من نقص في المواد الأولية، فتونس بلد تستوطنه الكثير من شركات النسيج المحلية والأجنبية. ويُعتبر قطاع النسيج مهماً في اقتصاد البلاد إذ تنشط فيه 1600 شركة لصالح علامات تجارية عالمية وتوظف 160 ألفاً من التونسيين.



نظرة مختلفة

وتقول الناشطة في جمعية «الشانطي» فاطمة الهامل (25 عاماً) إن مشغل الخياطة الذي أنشأته الجمعية «يصنع فرقاً كبيراً في وضع الحرفيات اللاتي كان عليهن التنقل وشراء المواد الأولية لتحقيق ربح مالي بأربعين أو 50 ديناراً» (13 إلى 17 دولاراً).

وبفضل جمعية «الشانطي» التي تشتري المواد الأولية ثم تتكفل بعملية بيع المنسوج، أصبحت السجادة بالمقاسات المعيارية (1.8 متر على مترين) تؤمّن مدخولاً بـ120 ديناراً (40 دولاراً).



كما عملت الجمعية على تحسين ظروف ومكان عمل الحرفيات، مع تجهيز الموقع على سبيل المثال بمكيفات لمواجهة حرّ الصيف.

وتغيرت نظرة النساء لأنفسهن بفضل عملهنّ، «وأصبح الرجال ينظرون إلينا بنظرة جد مختلفة»، وفق فاطمة التي تشير إلى أن تدريبات مع مصممين توفّر لهؤلاء النسوة انفتاحاً على الخارج.



وشاركت نحو 10 نساء مؤخراً في ورشة «لمزاوجة الألوان» مع طلبة يدرسون الموضة ومصمّمين من الدنمارك، في خطوة لتحصيل خبرات وتحسين المهارات في التصميم.



ويستذكر مهدي البكوش أن كثيرين سخروا منه في بدايات المشروع، لأنّ «هذا الفنّ الشعبي» المتمثل في إعادة تدوير الملابس المستعملة كان يوصف بـ"مهنة المُسّنات".

ويقول البكوش "من المهم أن نظهر أن امرأة لم تدرس ولا تعرف استعمال الإنترنت يمكنها العمل وإعالة نفسها".



وتنتج كل امرأة 4 سجادات شهرياً، لأن "الهدف ليس تشغيل النساء مثل الدواب، يجب عليهن الاعتناء بعائلاتهن".