الأربعاء - 01 مايو 2024
الأربعاء - 01 مايو 2024

كلفته 70 ألف جنيه وحضره 3000 صائم.. هذه حكاية الإفطار الأكبر في مصر

حدثٌ فريد عاشته مصر وشاهده العالم مؤخراً، عندما اتسعت شوارع المطرية شرقي القاهرة لتستقبل 3000 شخص مدعو للإفطار السنوي، الذي ينظمه 50 رجلاً، بكلفة 70 ألف جنيه، كلها مساهمات أهل المنطقة، دون أي تبرعات من خارجها.



الحي الشعبي في الطرف الشرقي من القاهرة، أو مدينة «أون» في الحضارة المصرية القديمة، مدينة فاقت كل المدن أهمية، مقولة عالم المصريات الألماني أدولف إرمان، التي قالها عن المطرية بعد الاكتشافات الأثرية التي توالت في الأعوام الأخيرة، عادت لتتجدد مرة أخرى وصارت المطرية حديث العالم، ليس بسبب كشف أثري جديد، لكن السبب هو الإفطار الرمضاني الأشهر، والتجمع الأكبر على مائدة إفطار سنوية للعام الثامن على التوالي، وعودته بعد انقطاع لعامين بسبب الإجراءات الاحترازية المتخذة بفعل فيروس كورونا، والتي لولاها لكانت المائدة تحتفل بعامها العاشر.



ما وراء الإفطار

تفاعل العالم العربي والعديد من القنوات العالمية مع الأجواء الاحتفالية للإفطار الجماعي في شوارع المطرية، الانبهار جاء بسبب التجمع الضخم، و الفرحة العارمة بعد غياب، لكن كثيرين لا يعرفون تفاصيل ما وراء الإفطار، فكيف تجمع كل هذا العدد الضخم، وكيف يتم التجهيز والاستعداد له، وكيف يمر اليوم بلا منغصات، ومن هم الجنود المجهولون وراء الحدث الأضخم الذي يشهده رمضان مصر.



«الرؤية» قابلت المهندس علي أمين، واحد من بين 50 شخصاً تولوا المهمة منذ اليوم الأول في رمضان 2012، واشترك علي مع مجموعة من أصدقائه في تحضير إفطار يجمع أهل شارع واحد نشأ فيه مع أقرانه، في العام التالي ازداد عدد الراغبين في الانضمام لمائدة الشباب، عام بعد عام، تضخم العدد، وتغير الحال، وصار الجمع يجمع «المطراوية» جميعاً، ونفر من خارجها، بل ومن خارج مصر بأكملها.



يقول علي: «لم يكن يخطر ببالنا أن المائدة الصغيرة التي جمعتنا في عامنا الأول، ستصير الحدث الأبرز في رمضان وينتظره الآلاف بمصر، يتردد ذكره على مواقع التواصل العربية والعالمية، لتتحول المائدة التي كنا نعد لها في يوم واحد، لحدث يتم الاستعداد له على مدار عام كامل، ويحزن الآلاف لتوقفه عامين بسبب كورونا وتتسبب عودته لعودة البهجة الرمضانية للشارع المصري».

طقوس الإفطار الكبير



في الليلة الأولى لاستقبال الشهر الكريم، يتم تزيين شوارع المطرية بالزينة المخصصة للاحتفال بالتجمع الكبير، زينة يتم اختيار تصميمها خصيصاً لليوم المحدد، هذا العام لم يتوقف الأمر عند الزينة، بل قام الشباب بطلاء الشوارع المقرر إقامة الاحتفالية بها، وإضفاء التصميمات الرمضانية على الجدران، من هلال ونجوم وأشكال من الزينة المُصممة بالطلاء، يقول علي لـ«الرؤية» إنه برغم الاستعدادات المسبقة والتحضير على مدار العام، فإن بعض أفكار المائدة تأتي بشكل ارتجالي، وتنفيذها يتم على وجه السرعة.



كلفة الإفطار

التحضيرات الأساسية للمائدة يتم الاستعداد لها قبل أسابيع من رمضان، مثل قوائم الطعام، والاستعدادات لطهوه، وطرق التقديم والتجهيز، التي يقول عنها مٌنسق الإفطار: «المائدة تكلفت نحو 70 ألف جنيه، ما بين تجهيزات وطعام، والمبالغ يتكفل بها الشباب الـ50، بلا أي مشاركة سياسية أو دعائية».



وتابع: «مائدة المطرية منذ يومها الأول لا تقبل التبرعات المادية، حتى الطعام نتشارك في شرائه و السيدات في المنازل تتكفل بإعداد بعض الأنواع، والشباب بالمشاركة مع شيف من أبناء المطرية يتكفلون بإعداد البقية».



وعن أطباق المائدة يقول: «تنقسم الأطباق على المائدة ما بين طبق رئيسي لكل فرد يحتوى على أرز و دجاج مشوي، وبطاطس، بينما توجد على كل مائدة ثلاثة طواجن لحم وثلاثة أطباق محاشي متنوعة، وهذه الأطباق هي ما تعدها نساء المطرية».



النسوية في مواجهة مائدة المطرية.. لماذا غابت النساء؟



وعن أثر الحضور النسائي على مائدة المطرية تساءلت المجموعات النسوية عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لماذا لا توجد نساء في المائدة، وخلت أغلب الصور من الوجوه النسائية إلا في شرفات المنازل وهي تتابع من أعلى بهجة الاحتفال دون مشاركة، بينما كان هناك ظهور لبعض الفتيات على مائدة في شوارع جانبية بعيدة عن الزحام في الملتقى الكبير.



يقول منسق الإفطار: «هذا لم يكن مقصوداً أبداً في أي عام من أعوام عمل المائدة، ولم نمنع النساء من المشاركة بالحضور، بل على العكس، هن يشاركن في كافة تفاصيل اليوم من الطهي والتحضير وهن من يختارن بإرادتهم النزول للشارع أو الاكتفاء بالفرجة من البلكونات والتصوير نظراً للزحام الشديد في الشوارع».