الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لماذا نحتاج إلى دراما «العاصوف 3» و«الاختيار 3».. نقاد يجيبون؟

يعتبر مسلسل «العاصوف 3» السعودي، ومسلسل «الاختيار 3» المصري من المسلسلات المهمة المعروضة في إطار الموسم الدرامي الرمضاني 2022، واعتبر نقاد تحدثت معهم «الرؤية» أن وجود الدراما التاريخية التوثيقية التي قدمها المسلسلان أمر مهم لتعريف الأجيال الصاعدة بالأحداث التاريخية المهمة وبالدليل لمنع أي تشويه مُستقبلي.





وثيقة تاريخية

الناقد الفني السعودي أحمد العياد يقول لـ«الرؤية» إن وجود هذا النوع من الدراما التوثيقية التاريخية، أمر مهم اجتماعياً وسياسياً، كوثيقة مهمة يُرجع لها، فهي تُثري ثقافة المواطن البسيط الذي لا يجد وقتاً للقراءة، خصوصاً ممن هم ليسوا مصريين ويشاهدون «الاختيار 3» أو ليسوا سعوديين ويُشاهدون «العاصوف 3».

ويتابع: «لا شك أن العاصوف كوثيقة تاريخية يطرح قضايا عديدة جداً، خلال أجزائه الثلاثة، وألقى الضوء على حياة السعوديين سياسياً واجتماعياً، ونجح المسلسل في ذلك إلى حد كبير، حتى وإن كانت لنا ملاحظات على الأداء الدرامي للشخصيات، حيث يعتبر مسلسلاً توثيقياً، فما يقود الدراما هي الأحداث السياسية والاجتماعية».

ويتابع: «المسلسل من أعلى المشاهدات في المملكة ودول الخليج بسبب الإنتاج الضخم للمسلسل، والاهتمام بالتفاصيل، لذا يحرص غير السعوديين على مشاهدة المسلسل، لمعرفة ماضي المملكة وكيف وصلت لحاضرها من الرقي والتغيير الفكري والثقافي، ومن هنا تبرز أهمية مسلسل "العاصوف 3".



«العاصوف 3» عمل ملحمي

ويتفق معه في الرأي الناقد الفني البحريني طارق الأبحر، والذي يقول لـ«الرؤية» إن «العاصوف 3» هو رؤية فنية لا تقدم بالضرورة صورة المجتمع بدقة، لكنه يتوافق مع الانفتاح في المملكة العربية السعودية مثل: منحها إمكانية القيادة.

ويتابع الأبحر في حديثه مع «الرؤية»: «المسلسل ملحمي واجتماعي واقتصادي وسياسي وتاريخي، وهي المرة الأولى في السعودية التي يتم فيها تقديم التاريخ من خلال الثقافة والصورة والدراما».

وقال الأبحر إن ما قدمه العاصوف من أحداث متنوعة جعله الأعلى مشاهدة في دول الخليج ويشرح: «المسلسل قدم أحداثاً متنوعة وقعت ما قبل عام 1979، ونجح المسلسل التلفزيوني في لفت الانتباه لتذكير العالم بالآثار السلبية لما يعرف بظاهرة الصحوة على المجتمع السعودي من خلال ما يصوره المسلسل كيف عاش السعوديون قبل عام 1979، والتغيرات المختلفة التي حدثت في العاصمة السعودية الرياض على مدى العقود الخمسة الماضية».

ويتابع: «ويأتي ذلك بعد ما يسمى بالطفرة والتطور الفكري الذي وصل إلى بعض المجتمعات في ذلك الوقت، وهو بلا شك نقطة التحول والانحراف النوعي في تاريخ الدراما السعودية، ويعتبر اليوم حديث الشارع الخليجي في رمضان وبعده، خصوصاً مع وجود زوايا عالية من المحتويات السينمائية والبصرية، وتكمن جمالية المسلسل في أنه يتناول فترة طويلة من الزمن تبدأ من عام 1969 وتنتهي في عام 2000».

ويتابع الأبحر في حديثه مع «الرؤية»: "عمود نجاح المسلسل هو الفنان السعودي المخضرم ناصر القصبي، الذي اكتسب إرثه كملك للكوميديا في المملكة العربية السعودية من خلال سلسلة «طاش ما طاش» التي طال أمدها، فيلعب الآن نوعاً مختلفاً من الشخصيات في «العاصوف» في أحداث وطبيعة فريدة من نوعها ولم يتم تناولها من قبل، وهذا فنياً أمر مهم للتوثيق بالرغم من عدم تقبل البعض".



أهمية التوثيق السريع باستخدام الدراما

يقول المحلل والكاتب المصري أحمد رفعت إن الدراما التوثيقية أمر مهم كوسيلة توثيق وتعريف للأجيال المختلفة بأحداث تاريخية مرت حتى وإن كانت قريبة.

ويوضح: «بالنسبة للاختيار يعتبر دراما توثيقية مهمة، ولأول مرة يحدث أن يتم توثيق أحداث تاريخية قريبة ما زال صانعوها ومن عاصروها على قيد الحياة، بخلاف أعمال تاريخية أخرى تضمنت أحداثاً مرت عليها مئات أو عشرات السنين، كالأفلام التي لها علاقة بالتاريخ المعاصر».

ويوضح: «التوثيق السريع درامياً أمر مطلوب خصوصاً أن الجماعة الإرهابية لديها قوة إعلامية مختلفة لتزييف التاريخ وتشويهه وهذا ما لمسناه في أحداث كثيرة، فمثلاً استطاعوا أن يقنعوا قطاعاً من المصريين مثلاً إن حرب 1956 هزيمة لمصر على خلاف الحقيقة وغيرها من الأحداث، فمثلاً حتى الآن يُجادل الناس هل ثورة يوليو انقلاب أم ثورة؟ رغم أنها وبشهادة كل التعريفات العلمية ثورة بامتياز، فالتوثيق درامياً أمر مهم لحماية الأجيال الصاعدة من العبث بوعيها وعقولها».



نفي الروايات الكاذبة

ويتفق معه في الرأي الناقد الفني علي الكشوطي الذي يرى توثيق التاريخ عن طريق الدراما، أمراً مهماً لأنه يمنع تزييف الحقائق من الجماعة الإرهابية، فالدراما تمنع التشكيك في الحقائق بوجود فيديوهات كاشفة وفاضحة لما قامت به تلك الجماعة من أحداث، يمنع أي لغط أو محاولات تشويه من جانبهم، وهذا ما نجح فيه «الاختيار 3».

ويُضيف: «الدراما وثيقة ليست للأجيال الجديدة فقط، وإنما للأجيال التي عاشت تلك الأحداث وعاصرتها ولم تكن تُدرك حجم المؤامرة التي تُحاك ضد الدولة».



تحويل التاريخ لمادة بصرية

ويقول الناقد الفني محمد حسين الشيخ، إن الدراما التاريخية مهمة ومطلوبة، فبجانب ثرائها وإغرائها الفني، فهي مطلوبة جداً من الناحية الاجتماعية؛ فهي تحول التاريخ إلى مادة بصرية، إلى بشر من دم ولحم، خاصة إذا كان التاريخ بعيداً، أما إذا كان التاريخ قريباً فالمادة البصرية الأصلية موجودة بالفعل وبالتالي يصبح من الجيد الاستعانة بها وتوظيفها في العمل الدرامي، وهذا لا يضر بالناحية الفنية، لأن المتلقي يفهم جيداً ما يشاهده لأنه عاصره، وهذا ما حدث في مسلسل «الاختيار 3».

ويقول الشيخ إن مسلسل «العاصوف 3» يُعد برهاناً على الانفتاح الهائل والملحوظ الذي تعيشه المملكة، وعلى ضخامة الميزانيات المرصودة للأعمال الفنية.