الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

حبة الغلة القاتلة.. بجنيه واحد أرخص طرق الانتحار بمصر

انتشرت خلال الأيام الماضية حوادث الانتحار باستخدام حبة الغلة القاتلة في مصر، خصوصاً بسبب انتشارها في أوساط الشباب، وكان آخر ضحاياها انتحار طالب 15 عاماً بعد تنمر أقرانه عليه بسبب ضعف بصره.

وتستخدم حبة الغلة كمبيد حشري لمقاومة الآفات الحشرية داخل مخازن وصوامع حفظ الغلال، أو حتى داخل منازل المزارعين الذين يحتفظون بتلك الغلال في منازلهم، ويتم تداولها في القرى المصرية داخل محلات البقالة أو محال المبيدات الزراعية بسعر يُراوح من جنيه واحد إلى 3 جنيهات تختلف من منطقة لأخرى، وهو ما يجعلها أرخص وأسرع وسيلة لانتحار، حيث تُراوح نسبة الوفاة بعد تناولها 70 إلى 100%.



إحصاءات

وبحسب مؤتمر علمي بجامعة الزقازيق لبحث تداعيات الحبة القاتلة، اطلعت «الرؤية» على إحصاءاته، أكد المؤتمر أن مركز السموم بكلية الطب جامعة الإسكندرية يستقبل سنوياً ما بين 200 إلى 250 حالة انتحار باستخدام الحبة القاتلة من محافظة البحيرة شمالي الدلتا، وتقع تلك النسبة خصوصاً بين الشباب من سن 17 إلى 29 عاماً.

أما مركز السموم بمحافظة المنوفية فقد استقبل في عام 2019 وحده 5160 حالة انتحار منها 116 حالة باستخدام حبة حفظ الغلال، وفي عامي 2020 و2021 تم رصد 8 حالات انتحار لشباب ما بين سن 17 إلى 25 عاماً بمركز أبوكبير بمحافظة الشرقية.





لماذا حبة الغلة؟

منعت العديد من الدول تداول «حبة الغلة»، بينما ما زالت مصر تستخدمها وتدخل للبلاد بشكل رسمي.

وفي تصريحات لـ«الرؤية»، قال الدكتور محمد يوسف أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية كلية الزراعة جامعة الزقازيق مستشار الزراعة الحيوية بالوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إنه ومنذ خلق الإنسان بدأ الصراع بينه وبين الآفات الحشرية وذلك لما تسببه الحشرات من أضرار بالغة للمحاصيل الزراعية والحيوانية والحبوب المخزونة ونقلها للعديد من الأمراض للإنسان والحيوان.



اقرأ أيضاً: التنمر يدفع طالباً مصرياً إلى التخلص من حياته بـ«الحبة القاتلة»

وأكد خبير الزراعة الحيوية أن حبة الغلة القاتلة موضوع الساعة والذى يعتبر قضية رأى عام والتي تستخدم منذ سنوات طويلة في مكافحة آفات الحبوب المخزونة ومنتجاتها داخل الصوامع والمخازن أو المنازل الريفية بالقرى خاصة سوسة القمح التي تصيب القمح (الغلة) بالتسوس أو سوسة النخيل الحمراء.

وأضاف يوسف أن قرص الغلة القاتل هو مبيد حشري معروف بين المزارعين وغيرهم باسم (برشامة القمح أو برشامة الغلة أو الحبة الفسفورية أو برشامة السوس واسمه العلمي (فوسفيد الألومنيوم)، ويحمل العديد من الأسماء التجارية حسب الشركة المنتجة، ومنها 18 منتجاً بأسماء تجارية مختلفة إلا أن تركيبها واحد واستخدامها واحد مثل (سيلفوس فوس، تالونكس، كويك فوس، أقراص الفوستوكسين، وفوسفيم).

وأضاف يوسف أن المزارعين يستخدمون هذه الأقراص أثناء تخزين القمح والحبوب عامة عقب موسم الحصاد لمواجهة الحشرات والآفات الضارة وحماية المحصول من التسوس.



أسباب نفسية واجتماعية

وشرح يوسف: «قرص الغلة ينتمى إلى نوع مبيدات التدخين التي يخرج منها غاز الفوسفين نتيجة تفاعلها مع رطوبة الجو، وبعدها يتخلل الشقوق للقضاء على الآفات الحشرية، ولهذا فهي تستخدم في الصوامع والمخازن محكمة الغلق لمكافحة آفات الحبوب المخزونة ومنتجاتها وتسمى هذه العملية (بالتبخير)، وفي النهاية تتبقى بودرة ذات لون رصاصي هى (كربيد الألومنيوم) وهي مادة غير سامة وقد يصل وزن القرص الواحد إلى ثلاثة غرامات وثمنها زهيد جداً أي في متناول الجميع ومنتشرة بالأسواق».

وأكد يوسف أن تناول الحبة القاتلة يكون عن طريق الخطأ كما يحدث مع الأطفال وصغار السن وكبار السن، وبالتالي يروح ضحيتها ويموت بسببها الكثير من أبنائنا بالقرى.

من ناحية أخرى، يقول يوسف إن تناولها عمداً ورغبة في الانتحار بسبب المشاجرات العنيفة بين الأزواج داخل الأسرة أو بسبب ارتفاع حالات الطلاق وارتفاع معدلات العنوسة بين الفتيات ليس هذا فقط بل توجد أسباب أخرى تجعل الشخص يبتلع حبة الغلة القاتلة مثل الأمراض العصبية والنفسية أو الخلافات بين المقبلين على الزواج أو فقدان الثقة بين الآباء والأبناء داخل الأسرة، ويمثل نحو 75% من حالات الانتحار نتيجة ابتلاع قرص الغلة هم من الشباب المراهقين.

وأكد خبير الزراعة أنه لسوء الحظ مجرد ابتلاع الحبة أو القرص لا يفيد الندم لكن سرعان ما يحدث التسمم السريع لأن مجرد ملامسة فوسفيد الألومنيوم لعصارة المعدة والرطوبة الزائدة ينبعث منه غاز شديد السمية هو غاز الفوسفين القاتل، الذي يُصيب الجهاز الهضمي ويعقب ذلك إسهال شديد ومغص وفشل الجهاز التنفسي وضيق التنفس كما يلحق التسمم الأجهزة الأخرى مثل الكبد والكلى والقلب وزرقة الجسم وفي خلال ساعات تحدث الوفاة.



إسعافات أولية

أشار خبير الزراعة الحيوية إلى عدد من الإسعافات الأولية للمساعدة في إنقاذ حالات التسمم بقرص الغلة القاتل خلال الساعة الأولى لحدوث التسمم لحين الوصول إلى المستشفى وتتمثل في: عدم شرب الماء نهائياً لأن الماء يساعد على انتشار غاز الفوسفين في الجسم وأيضاً عدم شرب الماء بالملح.

كما يجب عمل التنفس الصناعي إذا صعب التنفس الطبيعي مع نقل المصاب فوراً من الجو المشبع بالغاز إلى هواء نقي، مع غسل جلد المصاب بالماء الدافئ وتغطيته بأغطية نظيفة لمنع فقدان الحرارة والسوائل.

ونصح يوسف بضرورة شرب زيت برافين أو زيت جوز الهند أو أي زيت نباتي لتقليل انتشار الغاز بالجسم وحماية المعدة لحين التوجه لأقرب مستشفى، وترجع أهمية شرب الزيت إلى أنه يغلف الأقراص ويُثبط أو يمنع تحرر غاز الفوسفين السام بالحفاظ على الرابطة بين الألومنيوم والفوسفيد فيقلل من مضاعفات تلك الحبوب.

ولفت إلى أنه من الممكن غسيل المعدة من خلال استخدام محلول برمنجنات البوتاسيوم حيث يقوم بأكسدة الفوسفين إلى مركبات الفوسفات، وهو مركب غير سام أو من خلال غسيل للمعدة باستخدام بيكربونات الصوديوم والتي تمنع انتشار غاز الفوسفين بالجسم ويفضل تناول الفحم النشط دون خلطه مع ماء أو لبن لامتصاص الفوسفين المنتشر بالجسم.