الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

«الصبخة» الكويتية تستهدف جوائز «المسرح العربي»

«الصبخة» الكويتية تستهدف جوائز «المسرح العربي»
قدم نجوم المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، ضمن فعاليات مهرجان المسرح الخليجي، تجربة مسرحية حظيت بإشادة نقدية لافتة، كان نجمها المحوري المخرج عبدالله العابر الذي أحكم سبك تفاصيل العرض مشهدياً واستدرج الحضور إلى استمتاع رافقته الدهشة من تفاصيل العمل.

ورسخت «الصبخة» التي استضافها مسرح قصر الثقافة أمس الأول، عبر محتوى درامي مكثف تطرق إلى إحدى القضايا المسكوت عنها، ممثلة في «زنا المحارم»، حظوظها في المنافسة على جوائز المهرجان بشكل شارك في تأكيده الحضور الذي وقف في الختام مصفقاً ومثمناً جماليات العرض.

استمد العرض الذي يعود نصه أيضاً إلى مخرجه العابر، وتقاسم بطولته كل من سماح ويوسف البغلي وعلي الحسيني، من تجانس الرؤية الأكاديمية لفريق العمل المكون من أكاديميين في فنون المسرح.


وأجمع النقاد في الندوة التي أعقبت العرض على أهمية وقوة المسرحية، مشيرين إلى أن «العرض اعتمد على أساتذة متخصصين في تدريس فن المسرح فانتصروا عبر رؤيتهم للمسرح الأكاديمي».تدور حبكة المسرحية التي انتزعت بجرأتها الدرامية تصفيق الجمهور حول إساءة استخدام السلطة من قبل آباء يمارسون قوتهم على المرأة الضعيفة من خلال «فهد» الذي يعامل زوجته وابنته بأسلوب قاس مقارنة بابنه المدلل منصور.


ولا يتضح للجمهور السبب إلا فيما بعد، والمتمثل في قتل فهد لأخته بالخطأ عندما كان شاباً، مزيفاً الحقائق بادعائه أنه وجدها مع رجل غريب في الغرفة.

تصل لعنة قتل الشقيقة إلى الابن المضطرب نفسياً «منصور» ويده الشيطانية «الحمراء» التي بدت كمفردة سينوغرافية لمفهوم الدين المستحق على والده، فيعتدي ويغتصب شقيقته في لحظة درامية يفصح فيها الوالد عن الذنب الذي اقترفه قبل سنوات أمام زوجته.

كسر التابوه

تناول المخرج «تابوهاً اجتماعياً» عبر قضية حساسة هي «زنا المحارم»، وهي جرأة تحسب للمسرح الكويتي لقدرته على مناقشة قضايا مسكوت عنها، في الوقت الذي يجب فيه التعامل معها عبر الفن بصورة راقية تناقش القضية من دون إخلال بالذوق العام، وهذا ما نجح فيه العمل.

اعتمد العرض على النهج التعبيري المبني على اضطراب حالة نفسية قوامها الإنسان المعذب الذي يعاني ألماً وتأنيب الضمير منذ بداية العرض حتى نهايته، وبرز الأسلوب التعبيري عبر اللون الأسود الذي بدا طاغياً في كل تفاصيل المسرحية من خلال الديكور والأزياء.

وجاءت الأزياء لتجسد الحالة النفسية للشخصيات التي ارتكزت على ارتدائها بالمقلوب، في إشارة دلالية على حالة الاضطراب الحاد التي تعاني منها الشخصيات.

موضوع متكامل

اعتمد الديكور على حركة الأبواب المتنقلة وكأنها نوافذ مشرعة على الماضي، والتي أشارت إلى فكرة «البيوت أسرار»، حيث بادر الممثلون إلى تشكيلها وفقاً لطبيعة المشاهد والتنقلات من الماضي إلى الحاضر أو العكس.

واعتمدت ثيمة النص على فكرة استلاب حق المرأة نتيجة العادات والتقاليد، وأحكم المؤلف دائرة العلاقات المتحركة بين الشخصيات بالشكل الذي اقتضته المعالجة بالوصول إلى الذروة مما أدى إلى تكاملية الموضوع ووحدته، إلا أن المخرج نقل المتلقين من منطقة التفسير إلى التأويل وهنا كان مكمن الجمال الحقيقي في العرض.

جاء الفضاء المسرحي محملاً بالقيم الفكرية والعاطفية، الأمر الذي منح دلالة أوصلت المتلقين إلى القيمة الجمالية الأعلى في العرض، وهي نظرية مسرحية اعتمدها المخرج انطلاقاً من تجربته الأكاديمية وطبقها على مستوى الموسيقى والديكور والأداء مقدماً تناغماً فريداً من نوعه.

استخدم المخرج مفردة جسدية استند إليها ألا وهي «اليد» التي عبّرت عن الذنب الذي يلاحق والد منصور ولكنه تجسد في الابن المضطرب الذي هتك عرض أخته لاحقاً، بعد أن تحققت العدالة الدنيوية، وفقاً لرؤية المخرج.