الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أم كلثوم نجيب محفوظ لـ الرؤية: إرث والدي الأدبي يعاني الإهمال منذ 14 عاماً

أم كلثوم نجيب محفوظ لـ الرؤية: إرث والدي الأدبي يعاني الإهمال منذ 14 عاماً
أم كلثوم هي الأكثر شبهاً بوالدها الأديب الراحل نجيب محفوظ، وورثت عنه سخريته الحادة وبديهيته التي تشبه طلقات النار، وحساسية العينين أيضاً في شهور الصيف، بينما ورثت عن والدتها محبة الرسم.

وكشفت في حوار مع «الرؤية»، أن متحف والدها الذي أهدته إلى وزارة الثقافة المصرية يعاني الإهمال منذ 14 عاماً، ويضم الكثير من مقتنياته وأوراقه ومكتبته وإرثه التاريخي النادر، مبينة أن نيل والدها جائزة «نوبل» لم يغير من عادات وطقوس حياته الاعتيادية.

وأضافت «والدي كان عاشقاً للروايات البوليسية في شهور الصيف، وكان أباً حنوناً ومحباً لعائلته ونادر الغضب، ولكنه كان يتمنى أن تمتلك عائلته موهبة الكتابة مثله»، مؤكدة أن نجيب محفوظ حاول تعلم اللغة الألمانية والموسيقى، كما أنه عازف قانون ماهر، ورفض النجومية السينمائية لعيون الكتابة.


وتعتزم ابنة أديب نوبل زيارة دبي الأسبوع المقبل، وتتمنى التجول بين أروقة متحف نوبل بدبي. «الرؤية» التقت أم كلثوم نجيب محفوظ التي تحدثت عن عادات وطقوس وأسرار والدها وقصة جائزة «نوبل» .. وتالياً الحوار:


*اسمك في الأوراق الرسمية أم كلثوم، واخترت لنفسك هدى، لماذا هذا الارتباك؟

اختارت لي أمي اسم نور الهدى، وهي كانت مطربة، ولكن لأن أبي عاشق لأم كلثوم اختار أن يسميني باسمها.

وعندما أخبر صديقه الصحافي كمال الملاخ باسمي أبلغه أن الاسم الحقيقي لأم كلثوم هو فاطمة، فقال له سأسمى ابنتي القادمة «فاطمة» أيضاً، ولكن عندما كبرنا كان الاسم تقليدياً فاخترت لنفسي هدى.

*حدثينا عن عادات وتقاليد نجيب محفوظ داخل المنزل.

وهب حياته للكتابة، خارج المنزل وداخله، وبعد إحالته للتقاعد كان يستيقظ مبكراً ليقرأ بعض الأشعار التي يحبها، خصوصاً للشاعر روبندرونات طاغور والشعر الفارسي، ثم يتأمل لوحة تشكيلية، وكان ذلك بمثابة تدريبات على الكتابة، ويقوم بممارسة بعض التمرينات الرياضية، قبل أن يخرج للمشي، ثم يذهب إلى مكتبه في الأهرام ويعود للراحة قليلاً ثم يتفرغ للكتابة والقراءة، حتى موعد نومه.

وقد يشاهد بعض البرامج في التلفزيون أو المسلسلات قبل النوم، لكن قبل أن يُحال للتقاعد كنا ننتظر شهور الصيف الأربعة التي يسافر معنا فيها إلى الإسكندرية، وهي الفترة الوحيدة التي يتوقف فيها عن الكتابة بسبب حساسية العينيين، ولكنه في هذه الشهور لم يكن يتوقف عن القراءة، ولكنها قراءة من نوع مختلف، فقد كان يعشق الروايات البوليسية، خصوصاً روايات أغاثا كريستي.

*هل كان يطبق والدك نظام حياته الصارم على الأسرة؟

هذا النظام كان ضرورياً لكى ينجز أعماله الإبداعية، لولا ذلك ما كان سيصبح نجيب محفوظ الذي نعرفه، ولكن رغم هذا النظام لم يكن يتوقف عن ممارسة ما يحب خارج الإبداع والفن.

وكان يلتقي أصدقاءه الحرافيش في مواعيد ثابتة، وحاول تعلم الألمانية في فترة من الفترات حتى يقرأ بها الأدب الألماني، وتعلم الموسيقى، وكان يجيد العزف على القانون.

أما بالنسبة للأسرة، فكان أباً حنوناً ومحباً لعائلته، ولم نكن نتعامل معه ككاتب كبير أو نجم مشهور، فهو أبي باختصار، ولم يكن يريد أن يثقل علينا على الإطلاق، أو يشعر أنه عبء على أسرته، ووزع المهام بيننا في المنزل، وكان نصيب أمي الأكبر، وبالنسبة لي اخترت أن أعمل سكرتيره له، مهمتي أن أرد على الخطابات التي ترده من المعجبين، وكان يشعرنا دائماً بالحنان، وكان عادلاً بيننا، ونادراً ما كان يغضب.

ولكن كانت إحدى أمنياته أن يرى واحدة منا تمتلك موهبة الكتابة مثله، وكانت لي بعض المحاولات في الكتابة والرسم ولكنى لم أكمل، وحاول مساعدتي كثيراً.

*حدثينا عن علاقة نجيب محفوظ بفيلم «العصفور».

في أحد الأيام أخبرنا والدي أن يوسف شاهين اختاره لكي يقوم ببطولة فيلم «العصفور»، فرحنا جداً بذلك لأنه سيصبح نجماً سينمائياً، ولكنه أخبرنا بأنه رفض، فحاولنا إقناعه ولكنه كان حاسماً بأنه لا يعرف شيئاً سوى الكتابة، وأنه لا يجيد التمثيل، فالكتابة كانت حياته.

*هل غيرت «نوبل» عادات وطقوس والدك؟

لا، لم تتغير على الإطلاق، ولكنه قال آنذاك إنه أصبح موظفاً لدى «نوبل» بسبب كثرة الزوار واللقاءات التلفزيونية، ولكنه كان يحافظ على جميع عاداته وطقوسه.

*ماذا عن كواليس نيل الأديب الكبير جائزة نوبل؟

بعد إعلان الجائزة، زاره وفد من إحدى الدول، وطلب منه الاعتذار عن تسلم الجائزة، مقابل أضعاف قيمتها المادية، ولكنه قال إن الجائزة ليست له بل للأدب العربي، وإن رفضها فسيؤثر ذلك على الأدب العربي.

وطاردتنا شائعات كثيرة بعد نوبل، لكن الأغرب بعد حصول أبي على جائزة نوبل، ظلت سيدة تتصل يومياً بالمنزل وتحادث أمي وتدعى أنها الزوجة الثانية لأبي. وكذلك بعد «نوبل» ادعت سيدة أنها من عائلة محفوظ وتريد منه أموالاً لتشترى بقرة، وكان يضحك كثيراً من هذه المواقف لأن أبي كان اسمه مركباً «نجيب محفوظ»

ولم يكن محفوظ اسماً للعائلة، فهو ينتمي إلى عائلة الباشا التي جاءت إلى القاهرة من رشيد.

*هل تعتقدين أن نجيب محفوظ تم تكريمه كما ينبغي؟

لا يزال هناك إقبال على قراءة أعمال والدي من الأجيال الجديدة، وكذلك مشاهدة أفلامه، كما حرص منتجون على تحويل أعماله إلى مسلسلات، وكل ذلك يجعلنى أشعر بالرضا، وإن كنت غاضبة مما جرى بشأن متحفه، فقد تبرعت لوزارة الثقافة بالكثير من مقتنياته وأوراقه ومكتبته، وما زال يعاني متحفه منذ 14 عاماً الإهمال.

وطالبت وزارة الثقافة بأن تعيد ما لديها من مقتنيات، ولكنها رفضت، وهذا الأمر أغضبني.

*كيف تعاملت مع محاولات النيل من إرث والدك؟

خضت معارك عديدة ضد من يحاولون النيل من إرث نجيب محفوظ الأدبي، وكانت آخرها مع الجامعة الأمريكية التي باعت حقوق تحويل بعض أعمال والدي إلى شركات إنتاج بدون الرجوع إلى الأسرة، بل وبدون وجه حق.

وعلمت مؤخراً أن الجامعة باعت رواية «بداية ونهاية» إلى شركة إنتاج تركية لتحويلها إلى مسلسل، وهي لا تمتلك هذا الحق، وفعلت الشيء ذاته من قبل مع «أولاد حارتنا» ولجأت إلى القضاء.