الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

أكاديميون سودانيون لـ(الرؤية): النظام البائد "أخون" الثقافة ومارس تخريباً ممنهجاً للحياة الفنية

أجمع فنانون وأكاديميون سودانيون على أن إفساد حكم نظام الإخوان الإرهابي، لم يقتصر على الحياة السياسية والعامة بل طال مجال إنتاج وتدريس الفنون وذلك خلال 3 عقود مدة سطوه على الحكم قبل أن تطيح به ثورة ديسمبر.

وطالب مبدعون عبر "الرؤية" الحكومة الانتقالية بدعم الكليات والفرق الفنية وتطوير المناهج التي طوعها الإخوان لأفكارهم وإنشاء مهرجانات مسرحية، لافتين إلى أن المهرجان الرسمي الوحيد بالسودان ينظم برعاية ومكرمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة.



تجفيف الحياة الثقافية

أكد عميد كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، د. عادل حربي، أن فترة نظام الإخوان البائد شهدت إهمالاً متعمداً، وغياباً لاستراتيجيات الدولة التي تتعلق بالثقافة والفنون، الأمر الذي تسبب في تردي المعاهد المعنية برعاية وإنتاج الفنون.

وشدد على أن تجفيف الحياة الثقافية، عبر إغلاق دور السينما وصالات العرض، وانعدام المهرجانات المسرحية، التي تنظمها الدولة، خلال حكم الإخوان، ساهم بصورة كبيرة في إفقار النشاط الثقافي، حتى داخل الكلية نفسها.

وأشار إلى أن كلية الموسيقى والدراما وحدها خرجّت عدداً من الفرق الغنائية والمسرحية التي أثبتت نجاحها ووجدت قبولًا لدى المجتمع السوداني، داعياً الحكومة السودانية في الفترة الانتقالية إلى مواكبة التطورات العالمية والاهتمام بالثقافة، والإنفاق عليها، ودعمها.

ونوه حربي إلى أن من خطط الكلية المستقبلية تغيير المناهج لتواكب التغيير الحالي في السودان، بعد الثورة، والتحول الرقمي في العالم، وهيكلة المؤسسة، وتغيير اسمها إلى كلية فنون الأداء الموسيقي والدرامي.

ولفت إلى أن هناك تنسيقاً بين كليات الفنون الجميلة، وكلية الموسيقى والدراما، وكلية علوم الاتصال، لدراسة مسألة تطوير المناهج والبيئة الدراسية، مشيراً إلى إمكانية إنشاء أكاديميات متخصصة في الفنون منفصلة عن الجامعة.

ونوه حربي بوجود جهات خارجية عاملة في السودان تتبنى مشاريع ثقافية ناجحة يقف عليها خريجو كلية الموسيقى والدراما.



تخريب متعمد

فيما ذهب عميد كلية الفنون الجميلة والتطبيقية، بالجامعة ذاتها، د. عمر أحمد الخليفة، إلى أن الأثر السلبي لنظام حكم الإخوان على الفنون لم ينتج فقط عن الإهمال وغياب الرؤية، بل نتج عن التخريب المتعمد الذي طال العديد من المؤسسات، فضلاً عن التضييق على الفاعلين في الحقل الثقافي.

وأشار إلى أن النظام البائد دأب على اتهام الفنانين بانتمائهم لليسار، حيث شهدت فترة حكمه فصل مجموعة من الأساتذة.

ولفت إلى أن من أبرز الداعمين للكلية، صاحب السمو حاكم الشارقة، مشيراً إلى تبرعه من قبل لبناء مقر كلية الفنون الجميلة والتطبيقية، إلا أن حكومة نظام الإخوان سطت على التبرع.



الفنون فاضحة

وبدا رئيس قسم الدراما بقصر الشباب والأطفال، قدير ميرغني أقل تفاؤلاً، مشيراً إلى أن القصر لا يزال يعاني من الإهمال، وأن حالة الفوضى التي ضربت القصر ما زالت مستمرة، وطالب الجهات المعنية، بتهيئة البيئة التعليمية بالقصر، وتوفير المعينات الضرورية، والاهتمام بالأساتذة والمدربين العاملين بالقصر.

وعزا محاربة نظام الإخوان الإرهابية للفنون، لأنها "تفضحهم وتعريهم" فعمدوا إلى تشريد الأساتذة، ومضايقتهم في معاشهم، واستهدافهم، فاضطر الكثير منهم للهجرة.



أخونة المناهج

ويتفق مع الرأي السابق رئيس قسم الموسيقي بجامعة السودان الصافي مهدي الذي أكد أن كلية الموسيقى والدراما عانت كثيراً في عهد النظام البائد نتيجة السياسات الخاطئة، مشيراً إلى أن هذا النظام عدو للجمال والفنون لذلك أغلق المعهد العالي للموسيقى والمسرح لفترة 4 سنوات.

وأشار مهدي إلى أن هذا الإغلاق أثر بصورة كبيرة على استمرارية العملية التعليمية، موضحاً أن المعهد عاد مرة أخرى ليتحول إلى كلية تتبع لجامعة السودان ولكن في وقت ابتدع فيه الإخوان سياسة "تأصيل المناهج" التي هدفت إلى صياغة مواد سودانية برؤية إخوانية، فألغيت المقررات المهمة مثل "علم الجمال، والفلسفة"، من دون توفير بدائل موازية لها.

وتابع: "لم يكن لدى القائمين على الأمر رؤية واضحة للتأصيل المزعوم، فكان أن هدموا البناء المنهجي للمعهد، ولقسم الموسيقى بصفة خاصة، والذي صمم بالمعايير العالمية، من حيث المواد والمناهج، والآلات الموسيقية وعلوم أصول الموسيقى، كما فصلت الكلية عدداً من الأساتذة ممن أبدوا اعتراضهم على الأمر".

وذكر مهدي أن علاج حطام 30 عاماً من التخريب يحتاج إلى وقت لإصلاحه، مشيراً إلى أن التناغم بين الأقسام المختلفة في كلية الموسيقى والدراما، وتفهم عمادة الكلية وإدارة الجامعة لحجم التحديات الماثلة أمامهم، أمر يبعث الأمل.

ونوه إلى أنهم بصدد تقديم رؤية تتضمن جملة إصلاحات إلى وزارة التعليم العالي في الحكومة الانتقالية من ضمنها إعادة صياغة المناهج.



البركة في الشباب

ومن جهته كشف رئيس قسم الدراما بجامعة السودان د. اليسع حسن أحمد عن نقص حاد في المعينات، وفقر المعامل، وعدم مواكبتها للتطور الذي يشهده المجال في العالم، مشيراً إلى أن الكلية طالبت إدارات الجامعة المتعاقبة بزيادة مخصصاتها ولكن لم تكن هناك أي رغبة في ذلك، بل كانت مهددة على الدوام بالإغلاق.

وأضاف: "الإدارة الحالية متفهمة لمتطلبات الكلية، ولكن الطريق ما زال طويلاً حتى تقتنع، ليس فقط بأهمية الفنون، ولكن بأهمية دعم الفنون."

ويعول اليسع كثيراً على الشباب، مؤكداً أن لديهم المقدرة على إحداث التغيير، فقط إذا نالوا التأهيل والتدريب، مشيراً إلى تكوينهم لجنة للعلاقات الخارجية بالكلية، شرعت في الاتصال بمعهد جوتة الألماني والسفارة الفرنسية بالخرطوم لبحث سبل التعاون، إلى جانب حصولهم على منحة من شعب اليابان.