الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

«الديوان الإسبرطي» تقتنص «البوكر العربية» وتتصدر روايات الدورة الـ13

لجنة التحكيم: الرواية لا تسكن الماضي بل تجعل القارئ يطل على الراهن القائم ويسائله

اقتنص الكاتب الجزائري عبدالوهاب عيساوي، الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر العربية" 2020، عن رواية «الديوان الإسبرطي»، الصادرة عن دار ميم، والتي اُختيرت من بين 128 رواية من 18 دولة تقدمت للدورة الثالثة عشرة، وبذلك تحقق الجزائر الفوز بهذه الجائزة للمرة الأولى منذ انطلاقها.





وأُعلن رئيس لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية، محسن الموسوي، اليوم الثلاثاء، عن الفائز عبر بث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها على شبكة الإنترنت.

وسيحصل عيساوي على جائزة نقدية بقيمة 50 ألف دولار، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنجليزية.

واختيرت رواية «الديوان الإسبرطي» من قبل لجنة التحكيم، باعتبارها أفضل عمل روائي نُشر بين يوليو 2018 ويونيو 2019، وجرى اختيارها من بين 6 روايات في القائمة القصيرة لكتاب من الجزائر وسوريا والعراق ولبنان ومصر.





وضمت القائمة القصيرة في دورة 2020، كلاً من (حطب سراييفو) للجزائري سعيد خطيبي، و(ملك الهند) للبناني جبور الدويهي، و(الحي الروسي) للسوري خليل الرز، و(فردقان) للمصري يوسف زيدان، و(التانكي) للعراقية عالية ممدوح، وسيتلقى المرشحون في تلك القائمة جائزة تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار.

وتختص الجائزة العالمية للرواية العربية بمجال الإبداع الروائي في اللغة العربية، ويحصل كل من الكتاب المرشحين للقائمة القصيرة على جائزة، تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار، يُضاف إليها 50 ألف دولار للفائز بالجائزة.

وتعتبر الجائزة الأدبية الرائدة في العالم العربي، وترعى الجائزة «مؤسسة جائزة بوكر» في لندن، وتقوم دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي بدعمها مالياً.





جودة أسلوبية

وقال رئيس لجنة التحكيم، الكاتب العراقي محسن الموسوي: «تتميز رواية الديوان الإسبرطي بجودة أسلوبية عالية وتعددية صوتية تتيح للقارئ أن يتمعن في تاريخ احتلال الجزائر روائياً، ومن خلال تاريخ صراعات منطقة المتوسط كاملة، كل ذلك برؤى متقاطعة ومصالح متباينة تجسدها الشخصيات الروائية».

وتابع الموسوي: «تقدم الرواية دعوة للقارئ إلى فهم ملابسات الاحتلال وكيف تتشكل المقاومة بأشكال مختلفة ومتنامية لمواجهته، فهذه الرواية بنظامها السردي التاريخي العميق لا تسكن الماضي، بل تجعل القارئ يطل على الراهن القائم ويسائله».

ولفت إلى أن فرز واختيار الفائز في الدورة الحالية لم يكن بالأمر السهل، علماً بأن الرواية الفائزة لا تنتقص من الأخريات في نظر اللجنة، حيث امتلكت روايات القائمة القصيرة خصوصيات ما، ومحاولات من قِبل كُتابها للخروج عن الدارج والتجريب بين ضفاف الرؤى الواسعة ومادته الغزيرة.





استنهاض التاريخ

وبدوره، قال رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، ياسر سليمان: «تسحرك رواية الديوان الإسبرطي باستنهاضها للتاريخ بأبعاده السياسية والاجتماعية، لخدمة العمل الروائي الذي يتجاوز التاريخ برمزيته، وبتداخل رؤى القص وأصواتها من وجهات نظر متقاطعة، تدعو إلى التأمل والتفكر والمراجعة».

وأردف: «تتابع شخوصها الخمسة بمساراتها المتضاربة، وتسير في شوارع الجزائر المحروسة ومرسيليا وباريس وكأنك تعاينها بنفسك في زمن مضى، ولم تنقطع مآلاته، وتحتك بالتركي والأوروبي والعربي وغيرهم من الأقوام متعاطفاً وساخطاً في آن واحد».

وأضاف: «كل ذلك في انسياب روائي أخاذ، لا يدعك تترك الرواية حتى تصل إلى نهايتها بشغف يطلب المزيد، إذ أبدع عبدالوهاب عيساوي في هذا كله، ويكفي القارئ أنه التقى السلاوي ودوجة في ثنايا الديوان، ولهث في أثرهما في ثنايا تاريخ ينبض بالمعاني».





رواية تاريخية

وأكد الكاتب الجزائري الفائز بـ«البوكر»، عبدالوهاب عيساوي، أن «الديوان الإسبرطي»، رواية تاريخية بشكل عام، لا تعيد بناء الحكاية من أجل الحكاية ذاتها، وإنما هدفها الأساسي هو البحث عن الأسئلة الراهنة التي نعيشها اليوم داخل فضاءاتها الأولى التي ظهرت فيها أولاً.

وقال: «بدأت البحث في الديوان الإسبرطي عام 2016 من خلال زيارة بعض الأمكنة التي جرت فيها الأحداث، ومن ثم بدأت الكتابة في بداية 2017، علماً أنه ليس هناك إلهام بالمعنى الحرفي، بل هو تحليل للأوضاع الحالية التي نعيشها في الواقع العربي، والانتباه إلى التقاطعات التي يشكلها هذا الواقع مع أحداث تاريخية، وبالتالي تتوالد الأسئلة التي تعمل الرواية على ترهينها أو إعادة طرحها في شكل حكائي".

وأشار إلى أن مشروعه المقبل يتضمن كتابة رواية جديدة تحمل قدراً من الفانتازيا والغموض، وتدور حول قضية سياسية ووطنية، وذلك باتخاذ شخصية نموذجية يُسلط عليها الضوء والتحليل، ويمكن رؤية تمظهراتها في كل بلدان الوطن العربي.

5 شخصيات

ترصد «الديوان الإسبرطي» حيوات 5 شخصيات تتشابك في فضاء زمني ما بين عام 1815 إلى 1833، في مدينة المحروسة، الجزائر، أولها الصحفي ديبون، الذي جاء في ركاب الحملة على الجزائر كمراسل صحفي، وكافيار الذي كان جندياً في جيش نابليون ليجد نفسه أسيراً في الجزائر، ثم مخططاً للحملة.

وتضم الرواية 3 شخصيات جزائرية تتباين مواقفها من الوجود العثماني في الجزائر، وكما تختلف في طريقة التعامل مع الفرنسيين، يميل ابن ميار إلى السياسة كوسيلة لبناء العلاقات مع بني عثمان، وحتى الفرنسيين، بينما لحمّة السلاوي وجهة نظر أخرى، الثورة هي الوسيلة الوحيدة للتغيير.

أما الشخصية الخامسة فهي دوجة، المعلقة بين كل هؤلاء، تنظر إلى تحولات المحروسة ولكنها لا تستطيع إلا أن تكون جزءاً منها، مرغمة لأنه من يعيش في المحروسة ليس عليه إلا أن يسير وفق شروطها أو عليه الرحيل.



صائد الجوائز

عبدالوهاب عيساوي روائي جزائري من مواليد 1985 بالجلفة، الجزائر، تخرج في جامعة زيّان عاشور، ولاية الجلفة، مهندس دولة إلكتروميكانيك، ويعمل مهندس صيانة.

فازت روايته الأولى «سينما جاكوب» بالجائزة الأولى للرواية في مسابقة رئيس الجمهورية عام 2012، وفي العام 2015، حصل على جائزة آسيا جبار للرواية، التي تعتبر أكبر جائزة للرواية في الجزائر، عن رواية «سييرا دي مويرتي»، أبطالها من الشيوعيين الإسبان، الذين خسروا الحرب الأهلية وسيقوا إلى معتقلات في شمال أفريقيا.

وفي العام 2016، شارك في «ندوة» الجائزة العالمية للرواية العربية (ورشة إبداع للكتاب الشباب الموهوبين)، وفازت روايته «الدوائر والأبواب» بجائزة سعاد الصباح للرواية 2017، كما فاز بجائزة كتارا للرواية غير المنشورة 2017 عن عمله «سفر أعمال المنسيين».



5 أعضاء

وجرى اختيار الرواية الفائزة من قِبل لجنة تحكيم مكونة من 5 أعضاء، برئاسة محسن جاسم الموسوي، وهو ناقد عراقي، وأستاذ الدراسات العربية والمقارنة في جامعة كولومبيا، نيويورك، وبعضوية كل من بيار أبي صعب، ناقد وصحفي لبناني، ومؤسس صحيفة الأخبار اللبنانية، وفيكتوريا زاريتوفسكايا، أكاديمية وباحثة روسية نقلت العديد من الروايات العربية إلى الروسية، منها رواية «فرانكشتاين في بغداد» لأحمد سعداوي الفائزة بالجائزة عام 2014، وأمين الزاوي، روائي جزائري يكتب باللغتين العربية والفرنسية، وأستاذ الأدب المقارن والفكر المعاصر في جامعة الجزائر المركزية، وريم ماجد، إعلامية وصحفية تلفزيونية من مصر، ومدربة في مجال الصحافة والإعلام.





قائمة الشرف

تضم قائمة الروايات الفائزة في الدورات السابقة للجائزة العالمية للرواية العربية 12 رواية، من بينها رواية واحة الغروب لبهاء طاهر (مصر) لعام 2008، ورواية عزازيل ليوسف زيدان (مصر) لعام 2009، ورواية ترمي بشرر لعبده خال (السعودية) لعام 2009.

وفي عام 2010، حازت رواية القوس والفراشة لمحمد الأشعري (المغرب) بالجائزة الكبرى، أما رواية طوق الحمام لرجاء عالم (السعودية) فحققت الفوز في عام 2011، ورواية دروز بلغراد لربيع جابر (لبنان) لعام 2012، بينما رواية ساق البامبو لسعود السنعوسي (الكويت) ففازت في عام 2013.

وفي عام 2014، حققت رواية فرانكشتاين في بغداد لأحمد سعداوي (العراق) الفوز بالجائزة الكبرى، بينما في عام 2015، فازت رواية الطلياني لشكري المبخوت (تونس)، وفي 2016 حازت مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة لربعي المدهون (فلسطين) على الجائزة.

وشهد عام 2017 فوز رواية موت صغير لمحمد حسن علوان (السعودية)، وفي عام 2018، حققت رواية حرب الكلب الثانية لإبراهيم نصر الله (فلسطين) الفوز، وفي العام الماضي، فازت رواية بريد الليل لهدى بركات (لبنان).