الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

مثقفون: الساحة الأدبية تضرب موعداً مع عصر ذهبي بعد زوال جائحة كورونا

قال أدباء ومثقفون إن الساحة الأدبية تضرب موعداً مع عصر ذهبي عقب زوال جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث ستشهد ازدهاراً ونمواً كبيراً في مختلف صنوف الإبداع الأدبي من شعر وكتب وروايات وفنون، مؤكدين أن (كوفيد-19) سيكون مرتكزاً ومحوراً للكثير من النتاج الأدبي والفني، كما سينعكس أثره الإيجابي على جميع المجالات الدرامية والمسرحية والسينمائية.

واعتبروا فيروس كورونا مصدر إلهام للكتاب والروائيين والمؤلفين عموماً، كما سيثير قريحة الشعراء التي تتأثر دائماً بما يحيط بها من معطيات وهموم إنسانية، موضحين أن الأزمات والأوبئة والجوائح قادرة على أن تحفز الكتاب والشعراء وإطلاق العنان لخيالهم وإبداعاتهم التي تثري الساحة الثقافية والفنية بالعديد من الإنجازات والنتاج الأدبي النوعي، الذي سيظل خالداً في ذاكرة القراء.





طاقات إبداعية

قال الشاعر أحمد الزرعوني إن فترة الحجر المنزلي التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد، فجرت الكثير من الطاقات الإبداعية لدى الكتاب والشعراء والروائيين، ليكون التوازن في زمن الجائحة هو أبُ الفنون جميعها.

وأضاف أنه من الطبيعي أن يتأثّر الشاعر والكاتب بما يدور حوله، خاصة حين يتعلق الأمر بأزمة عالمية مثل جائحة (كوفيد-19)، فالشاعر مرتبط أشد الارتباط بإنسانيته وهموم وطنه، وهو كائن مستفز إبداعياً أمام كل ما يمكن أن ينال من هذه الإنسانية.



ذاكرة الأدباء

وتوقع الزرعوني أن تشهد الفترة المقبلة بعد انتهاء وزوال فيروس كورونا، المزيد من القصائد الشعرية والكتب والروايات التي ستحمل أساليب إبداعية ساخرة أو حزينة تنقل مجريات علقت في ذاكرة الأدباء، وتأثروا بها في هذه الأزمة التي طالت نفسية الإنسان بشكل عام، متخذين من فيروس كورونا مبرراً إبداعياً للإبانة عن ذاتهم الحزينة أو الحائرة أو القلقة.





انعكاس للوجدان

الكاتبة الفلسطينية نور عرب، استشهدت بعبارة للشاعر محمود درويش مفادها: «قيل: قوي هو الحب كالموت، قلت: ولكن شهوتنا للحياة ولو خذلتنا البراهين أقوى من الحب والموت»، لما فيها من تصوير مشاعر النفس الداخلية، ووصفها برغبتنا المشتركة في الحياة، مبينة أن الأدب ليس إلا انعكاس لوجدان النفس البشرية، فما الفائدة إن لم يعبر عن خلجان القارئ؟



أوبئة ملهمة

وأوضحت عرب أن كثيراً ما يستوحي كتّاب من مختلف أنحاء العالم عناوين أعمالهم الأدبية من أسماء أُطلقت على أوبئة وأمراض انتشرت في زمن ما تحولت إلى مصدر إلهام وعبرت عن شعور مشترك بتحدي هذا الوباء، إلى أن أصبحت قوة هذا التحدي ورغبتهم العارمة بالبقاء على قيد الحياة مرتبطة باسم الوباء، وأصبح العنوان نداءً جماعياً تتكاتف من خلاله البشرية من كل صنف ولون، ببساطة نداء يوحد همومهم من كل أنحاء العالم، وعنوان تتسارع من خلاله نبضات قلوبهم حينما يطرق أذهانهم بمعاناتهم في فترة الوباء.





صياغة فن حقيقي

وأكد الكاتب والشاعر خالد الظنحاني، أن أزمة كورونا ستحفز الكاتب والشاعر والفنان، وتصبح مصدر إلهام، وتفجر طاقات الكثير من الكتاب والروائيين، لأن العالم بعد هذه الجائحة سيكون مختلفاً على كل المستويات، ولذلك فإذا نظرنا إلى الجانب المشرق، ربما يخرجنا كورونا من زمن اللامعنى الذي تعيشه الكرة الأرضية، إلى صياغة فن حقيقي يستهدف الإنسانية بدلاً من الطرح المجاني الذي لا يحمل أيّ هدف أو قيمة.



زيادة المعرفة

وأوضح الظنحاني، أن البعض بمكوثه في المنزل أظهر إبداعاً في الكتابة، والتفرّغ للمطالعة وزيادة المعرفة، وسيوجه المؤلفون والمخرجون مسلسلاتهم لتناول قصص من هذه الأزمة، بما فيها من حزن وفقد وتجارب وخبرات.





مستقبل النشر

وحول مستقبل النشر بعد زوال جائحة كورونا، قال مؤسس دار كتاب الناشر جمال الشحي: «إن ملامح الفترة المقبلة غير واضحة حتى الآن، لأن الجائحة أثرت بشكل سلبي على صناعة النشر، وكشفت عن نقاط الضعف الذي يعاني منها هذا القطاع».

ولفت إلى أن المساحة الزمنية التي وفرها الحجر المنزلي ستنعكس إيجابياً على الكاتب الجيد والمبدع الحقيقي الذي يجيد استخدام المساحات الزمنية لصالحه في كافة الأوقات، وكثير من الناجحين في هذا المجال هم من الملتزمين بما يسمى (إدارة الوقت).





ذاكرة المستقبل

وحول ما إذا كانت تداعيات فيروس كورونا ستصبح جزءاً من ذاكرة الإبداع الأدبي والشعري، أكدت الكاتبة سعاد الشامسي، أن الأمة العربية مرت بمراحل حرجة كثيرة، لتشكل ذاكرتها الخاصة بجمالياتها ومساوئها، ولكن في هذه المرة اتحد العالم كله أمام خطر يهدد الإنسانية، وهذا ما يميز أحداث اليوم، والتي ستكون ذاكرة المستقبل، وبالطبع إن حالة الحجر المنزلي العامة التي عاشها الجميع، ستغير مجريات التاريخ، فهذا الفيروس استطاع أن يغير نمط الحياة، وجعل الناس أكثر وعياً، وبلا شك سيكون مؤثراً محورياً في التعبير الإنساني للشعراء والكتاب والسينمائيين والمسرحيين والتشكيليين.



أدب تفاعلي

من جانبه، أوضح الناقد الأدبي أيمن يونس، أن الأدباء جزء من زمانهم ومكانهم، وبالطبع يتفاعلون مع الأحداث التي يمر بها واقعهم، لكن هذا التفاعل ينبغي أن يأخذ وقته حتى يخرج عن حيز الانطباع والآراء الانفعالية التي تكون وليدة اللحظة، لتصل إلى آفاق الأدب والإبداع التي لا بُدَّ أن يهدأ.



أقلام واعية

ويصنف يونس الأقلام التي ستتناول تلك الأزمة إلى قسمين، أولهما غير ناضجة وستحاول ركوب الموجة، وإيهام دور النشر بنجاح منتجاتهم الأدبية تجارياً، وأخرى واعية ستنتظر حتى اتضاح الرؤية تماماً وتثقل الخبرة لتغزل بعدها بأعوام روائع أدبية خالدة، مثلما قدم الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز رائعته «الحب في زمن الكوليرا» عام 1985 بعد مرور 100 عام على الموجة الخامسة من تفشي الكوليرا.