السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ريشة «هرنان بس» تحن للطفولة وتنحاز للطبيعة والكائنات الحية

ريشة «هرنان بس» تحن للطفولة وتنحاز للطبيعة والكائنات الحية

تستحضر أعمال الفنان الأمريكي هرنان بس في متحف جيسيكا سيلفرمان بسان فرانسيسكو الحياة في الكائنات الحية والطبيعة بكافة أشكالها، من دون تفرقة أو محاباة في تقديس للطبيعة ومحاولة لرد الاعتبار لكائناتها، والاعتراف بأن لكل منها روحاً كامنة تستدعي أن نعاملها باحترام وعدالة، سواء كانت نباتاً أو حيواناً أو مكاناً أو جماداً.





ويؤمن الفنان بأن الفن تعبير عن الذات والروح وأن الإنسان رغم مكانته ليس الوحيد في الكون، ولا يحق له أن يجور على الطبيعة وساكنيها.





يحتفي بس بالكائنات كوحدة فنية إبداعية، يكسو الحشرات ثياباً ويعاملها كبشر، يطلق العنان لخياله، وهو يجسدها، خيلاء حركة فرس النبي، ورقصة الجرادة.





أما البشر عند الفنان الأمريكي فهم كائنات هشة قابلة للكسر حساسة تقبع في المرحلة بين الطفولة والبلوغ، إنسان بغض النظر عن جنسه ذكراً كان أو أنثى، وكأنه لا يريد أن يكبر، ويسلم نفسه طواعية أسيراً للزمن يحاول أن يوقفه عند أجمل مراحل الإنسان.





خطوط بس وألوانه وظلاله تشعرك وكأنك تبحر في قصيدة لا لوحة، تعيش حلماً سرمدياً تتمنى ألا تستيقظ منه، قد تختلف معه ولكنك تحترمه لأنه يعامل كل الكائنات بما تستحق من عدالة ومحبة ومساواة، ويؤمن بحقها في الحياة وفي اقتسام نصيبها من الكون.





يحاور الفنان بريشته العناكب والحشرات ويكسبها روحاً كامنة ويضفي عليها نوعاً من الإنسانية في سلوكياتها، حيوانات تحب وتكره وتغير وتحقد وتغري وتغوي ويتملكها الغرور أحياناً، حشرات برؤوس بشرية جميلة فريدة ولن تجدها سوى في لوحاته.





ولا يكتفي بس في أعماله بالرسم بالريشة، فيجمع في بعض أعماله بين وسائط مختلفة مثل الفيديو في كولاج إبداعي سيريالي يخاطب اللاوعي.





وتتكامل اللوحات مع فيديو يصور صبياً في أحوال مختلفة، يأكل، يركض، يتلصص، أو يلهو بطائرة ورقية، أو يسبح أو يناور بمركب خشبي صغير.





ويخلق الفنان لنفسه كائنات مختلفة تنمو مع كل لوحة أو عمل، مستفيداً من الأساطير ومن جذوره الكوبية رغم نشأته الأمريكية، وكأنه يكتب بريشته رواية خيالية يرتدي فيها الأولاد والخوارق الثياب المخملية والقمصان البيضاء، والياقات المكشكشة، فتشعر بأنهم بشر مثلنا، ثم يفاجئنا بتفصيلة تحلق بالشخصية إلى عالم الخيال.





تحلق في لوحاته مع الأمير البجعة وتشعر بأنه في جندول فينيسيا، وتستمع للموسيقى مع كائن غريب جالس على كرسي عتيق، مع صوت قادم من فونوغراف قديم من الثلاثينات.

يترسم الفنان خطوط الفنانين العظام بيكاسو وماتيس في بداياتهما كما في عمله «الخط الأخضر» الذي رسمه عام 2005.





وفي لوحات أخرى، تتعامل مع أشباح وكائنات مشوشة ومشهد يحمل خداعاً بصرياً وكأنك في حلم أو شبه غيبوبة، أشكال غير مكتملة ليس لها حدود مع مسحة من نحافة واستعارة بين المخلوقات المختلفة في أشكال تجمع بين البشر والأشجار والنباتات والحشرات، مع شغف وحنين إلى الماضي، إلى أيام الشباب الأولى وسنوات المراهقة.