السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

جمال مطر: الشعر لم يعد ديوان العرب.. والنقد الفني «لا يطعم خبزاً».. وأبناء المسرح منشغلون بالجوائز

جمال مطر: الشعر لم يعد ديوان العرب.. والنقد الفني «لا يطعم خبزاً».. وأبناء المسرح منشغلون بالجوائز

قال الشاعر والكاتب والمخرج المسرحي الإماراتي جمال مطر إن الشعر لم يعد ديوان العرب، ويشهد تراجعاً كبيراً وملحوظاً في ظل غياب القامات الشعرية الكبيرة والمهمة التي أثرت في التجارب الشعرية الإماراتية، كما أن الشعر لم يعد ضميراً للمجتمع ولسانه الصادق.



وأكد في حواره مع «الرؤية» أن السبب الرئيس في افتقار الساحة الثقافية للناقد الفني، عدم وجود محفزات تساعد الناقد على أداء مهمته على أكمل وجه، فضلاً عن اتهامه بالعدائية وإطلاق التعليقات المرتبطة بسوء الظن، معتبراً النقد الفني في المجتمعات العربية «لا يطعم خبراً».



وأشار مطر إلى أن المسرح لم يعد يشغل أبناءه، فمعظمهم منشغلون بماراثون حصد الجوائز، مبيناً أن المسرح الحقيقي هو الذي يبحث عن مواطن الخلل في المجتمع، محاولاً أن يضع حلولاً تساهم في معالجتها، والفنان الحقيقي هو الذي يدرك أن المجتمع أمانة بين يديه.. وتالياً نص الحوار:

*من خلال مسيرتك الأدبية الطويلة، ما تقييمك للحركة الثقافية الإماراتية؟

إذا جاز لي أن أقيم الحركة الثقافية في الإمارات، فأجد أن «أبوالفنون» يشهد تراجعاً كبيراً في كافة أنحاء الوطن العربي، لم يعد هم المسرح يشغل أبناءه، فمعظمهم انشغلوا باللحاق بماراثون حصد الجوائز، وبصفتي مشاهداً ولست مسرحياً فأنا دائم البحث عن العروض المسرحية التي تعمر أكثر وتناقش قضية بعينها وتعيش في وجدان الناس، فالمسرح الحقيقي هو الذي يبحث عن مواطن الخلل في المجتمع، محاولاً أن يضع حلولاً تساهم في معالجتها، والفنان المسرحي الحقيقي هو الذي يدرك أن المجتمع أمانة بين يديه وأنه عليه أن يكون صاحب رسالة مؤمناً بكافة تفاصيلها.



*يرى النقاد أن لكل حقبة فنها الأدبي، فهناك مرحلة كان الشعر ديوان العرب، وأخرى كانت للرواية هيمنتها، فهل أنت مع هذا التصنيف، وفي أي مرحلة نحن الآن؟

أعتقد أن التصنيف صحيح، ومع الأسف الشعر لم يعد ديوان العرب، وفي وطننا العربي ليس أفضل حالاً من المسرح، فهو أيضاً يشهد تراجعاً كبيراً وملحوظاً خاصة بعد غياب القامات الشعرية الكبيرة والمهمة التي أثرت في تجربتنا الشعرية الإماراتية، فأصبحنا اليوم نادراً ما نقرأ أو نسمع عن قصيدة جميلة نظمتها أنامل إماراتية تتلون بالاختلاف عن السائد، وتلامس أرواحنا وعواطفنا.

أصبح الشعر شكلاً فنياً لا يظهر سوى في المناسبات ولم يعد ضميراً للمجتمع ولسانه الصادق، قد يكون السبب الأساسي في ذلك أننا بحاجة أكثر لحكاية تخاطب عقولنا، فنحن مللنا الشعر لأنه غير قادر على تقديم القصة التي تعبر عنا، فالناس عامة طوال حياتهم يسمعون الشعر، ولكن اليوم أصبحت تغلبهم رغبة مشاهدة حكاياتهم، لذلك فإذا كان الشعر ديوان العرب في الماضي، فاليوم هو عصر الرواية خاصة بعد تراجع الشعر والقصة القصيرة.



*تنوعت تجاربك الأدبية، ففي أي مجال يجد جمال مطر نفسه أكثر إثراءً وتميزاً؟

أجد نفسي أكثر في فن الرواية، فأنا من أصنعها، وأمتلك مفاتيح الترويج لحكاياتي، كأني أبحث عن سيرة تخلد أعرض عبرها همومي وبهجتي، فمن الجميل أن يكون لي حكاية تروى، وأعتقد أن ذلك السر الذي يجعل الكاتب يعيش حالة من التوازن خلال مراحل حياته.





*من وجهة نظرك، هل الجوائز معيار تقييم العمل الأدبي الجيد؟

لم أؤمن يوماً بأن الجوائز هي المعيار الأصدق في تقييم الأعمال الفنية الجيدة، فحصد الجائزة لا يشير إلى جودة العمل الفني، ولكن مجرد وسيلة لتسليط الضوء على السلعة الجديدة، وخلال مسيرتي الفنية لم أعول يوماً على الجوائز، وأجد أن معظمها نادراً ما يصيب في اختيار الفنان المناسب الذي يستحقها، ولكن أرى أنه تدخل فيها حسابات أخرى بعيداً عن الإبداع والتميز، ويمكن توضيح ذلك بمثال بسيط فعندما يُعقد مهرجانٌ ما وتحدث قبل أو أثناء انطلاقه اعتداءات أو أزمة على دولة عربية، فيؤثر ذلك على معايير توزيع الجوائز ليكون النصيب الأكبر من فرص حصد الجوائز للمشاركين من هذا البلد.



*البعض يرى أن اختيارك للعناوين الجريئة مثل رواية «كلب» لمجرد التسويق وزيادة مبيعات نتاجك الأدبي.

يضحكني هذا الكلام كثيراً، فأنا لست غابرييل ماركيز، ولم أفكر يوماً في حجم المبيعات، وكتبت 6 كتب، ولم أكسب منها مادياً حتى درهماً واحداً، فأغلب الكتاب في الدول العربية لا يدخلون في أرصدتهم شيئاً من إبداعاتهم ونتاجاتهم، وعندما اخترت عنوان «كلب» لروايتي، كان لامتعاضي من شخصية بطلها، وبالتالي كان لا يستحق من وجهة نظري أكثر من 3 أحرف، فكنت لا أرغب أن أعطيه حجماً أكثر من حجمه.



*إذا تم اختيارك لقيادة القطاع الثقافي الإماراتي، فما أول القرارات التي ستتخذها؟

أؤمن بأن إسناد الأمور لأهلها هو الحل المناسب والمثالي، ولكن أجد عدم وضع الشخصيات المناسبة في المواقع المتباينة هي أهم آفاتنا التي نعاني منها في مجتمعاتنا العربية، كما أنني سأحرص على اختيار أصحاب الرؤى الجريئة حتى إن اختلفنا في وجهات النظر، فهذا الاختلاف قادر على خلق وتقديم حلول متنوعة وإيجابية وعملية قادرة على تطوير الساحة الثقافية.



*من وجهة نظرك، ما سبب غياب النقاد عن المشهد الثقافي؟

أعتقد أن السبب الأساسي في افتقار الساحة الأدبية والمسرحية للناقد الفني، عدم وجود محفزات تساعد الناقد على أداء مهمته على أكمل وجه، إضافة إلى أنه لا يوجد تقبل مجتمعي لدور الناقد، كما أنه غالباً ما يتم اتهامه بالعدائية وتكثر حوله التعليقات المرتبطة بسوء الظن، فالنقد الفني في مجتمعاتنا العربية يمكن أن نقول إنه «لا يطعم خبراً»، وحال الشاعر والأديب أفضل من الناقد في هذا الزمان.