الاثنين - 13 مايو 2024
الاثنين - 13 مايو 2024

محمد يوسف: خطوات حياتي المحسوبة جنبتني الندم.. وشبابي أمضيته غربة وترحال

محمد يوسف: خطوات حياتي المحسوبة جنبتني الندم.. وشبابي أمضيته غربة وترحال

مسيرة حافلة بالعطاءات والإنجازات امتدت لأربعة عقود بين عوالم الفن التشكيلي والمسرح، قدم خلالها إبداعات فريدة ونوعية، لم تتوقف عند المحلية، بل تخطتها إلى المستويين العربي والعالمي، وبخطوات محسوبة جنبته الندم، باستثناء مرة وحيدة، انغمس في «أبوالفنون» وأسس ورفاقه المسرح الوطني، إلى جانب وضع اللبنات الأولى لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية، هي بعض من خطوات الفنان التشكيلي والمسرحي الإماراتي الدكتور محمد يوسف، في مسيرة حافلة يؤكد نتاجها المتجدد يؤكد أننا أمام شخصية «دوم شباب».

وكشف في حواره مع «الرؤية» عن قناعته بأن الفنون «لا تُطعم خبزاً»، حيث أدرك بعد رحلته الطويلة في عوالم الفن أن المتعة الحقيقية للفنان أن يعمل لنفسه كي يستمتع بنتاجه الإبداعي، مضيفاً أنه لا يفضل التحاق أبنائه بأي من المجالات الفنية.

وأكد يوسف أنه تعود على الغربة، لترحاله بين الشارقة والكويت والقاهرة في مراحل مختلفة من مسيرته، موضحاً أنه لا يزال يشعر بلوعة ابتعاده عن عالم الفن التشكيلي لمدة 9 أعوام في مرحلة سابقة.

وعن الحلم الذي ما زال يراود فكره، أشار إلى أنه حقق كل ما يتمناه من أحلام فنية من المشاركة في معارض وتقديم نتاجات تشكيلية والمساهمة في تأسيس الحركة التشكيلية المحلية، متمنياً أن يكون قد أتم مهمته الأبوية والفنية.





*في البداية.. كيف أثرت النشأة في شخصيتك وميولك؟

ولدت في منطقة الشويهين بالشارقة عام 1953، لعائلة تتكون من 4 أبناء و3 بنات، وكان والدي في تلك الفترة يعمل نوخذة على متن سفينة، وما إن مضت السنوات قليلاً حتى انتقلت أسرتي إلى الكويت حيث تغيّر عمل والدي، واشتغل في شركة نفط، ثم أصبح الكابتن يوسف الذي يقود ناقلات النفط ويؤمن رسوها في الموانئ، لتشهد الكويت مرحلة كبيرة من طفولتي، وحينها كنت شغوفاً بالمسرح، ولا أتردد في المشاركة بالأنشطة الفنية في المدرسة، وعدت إلى الشارقة بعد أن أنهيت المرحلة الثانوية.





*ملامح طفولتك تكونت في الكويت، فماذا عن القاهرة التي شهدت دراستك الجامعية؟

ذهبت إلى القاهرة حيث كانت مرحلة مهمة ومفصلية في حياتي، التحقت فيها بكلية الفنون الجميلة، وتخصصت في النحت، وأخذني هذا العالم الثري بالتفاصيل التي حاولت استيعابها جيداً رغم صغر عمري، ورغم أنني معتاد على الغربة، إلا أن هذه المرة كان شكلها مختلفاً حيث المكوث مع الأصدقاء في سكن خاص مشترك، كنا 3 أصدقاء نعيش سوياً وحينها كان مجمل مصروفي الشهري 45 جنيهاً لكافة متطلبات الحياة من إيجار للسكن والاحتياجات اليومية، وكان يقاسمني هذه الحياة صديقاي الفنان المغني عبدالله بالخير ومحمد السويدي، وعاد كل منا ليبني في مجال معين ويضع لبناته الأساسية.





*دراستك الجامعية كانت في فترة السبعينيات، وتزامنت مع حرب أكتوبر، فهل من ذكريات مخبأة مع تلك الحقبة؟

فترة دراستي في مصر غنية على مختلف الأصعدة، حيث تميزت هذه الحقبة بالوهج السياسي والفكري والفني، ما انعكس على الحركة الثقافية وانعكس ذلك على جيل بأكمله، وأتذكر أن جواز مروري في امتحانات القبول لكلية الفنون الجميلة بالقاهرة كان بطاقة موجهة للجندي المصري، وحاولت خلالها أن أوظف كافة مهاراتي المحدودة في تلك الفترة، وقد سنحت لي الفرصة بالتلمذة على أيدي أساتذة كبار في عالم الفن التشكيلي وخاصة النحت منهم محمد جمال السجيني الذي قدم أشهر منحوتة عن العبور، ومصطفى متولي الذي أسس متحف الشمع في مصر، ونخبة كبيرة أثرت الحياة الثقافية المصرية والعربية بكنوز فنية.





*4 عقود زمنية بين الفن التشكيلي والمسرح، ما المحطات التي تعتبرها الأبرز في مسيرتك؟

انتهيت من الدراسة الجامعية، وعدت إلى موطني من جديد، وبداخلي طاقة كبيرة وحماس الشباب يملأ قلبي ويدفعني أن أتخذ خطواتي بثبات وجرأة، فأسست مع نخبة من الفنانين جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والتي ضمت أسماء أصبحوا قامات فنية كبيرة في الدولة لهم مسيرتهم الفنية ومنهم عبيد سرور، نجاة مكي، عبدالرحيم سالم، وإبراهيم مصطفى، وأصدرنا عدداً من المطبوعات منها مجلة تشكيل، ومجلة الخط العربي التي تحولت فيما بعد لمجلة حروف عربية، وأصبحت مديراً لمركز الخزف للوسائل التعليمية، وحينها كان يتم تقديم المعارف والعلوم للطلبة على مسرح العرائس، وانغمست أيضاً في «أبوالفنون» وأسسنا المسرح الوطني وقدمنا من خلاله عروضاً عدة كانت تناقش القضايا الاجتماعية مثل ارتفاع المهور.





*وفي أي مجال تجد نفسك أكثر الفن التشكيلي أم المسرحي؟

أعتبرهما في إطار واحد، في اللوحة تجد عدة أشخاص جامدين ولكنها تتحرك في الفكر، وكل عمل فني له حكاية يسردها، أما بالنسبة للمسرح فهو في نفس الإطار والشخوص بالداخل يتحركون ويقدمون مشاهد وقصصاً، لذلك أعشق الفن التشكيلي فهو أخذ الجزء الأكبر من حياتي ودرست كافة جوانبه وتفاصيله، والمسرح العالم الذي أمارس فيه هواية محببه على قلبي بدأت معي منذ طفولتي.





*هل ورث أحد أبنائك الحس الفني؟

ابني يوسف اتجه في فترة من حياته إلى التصوير، لكن مشاغل الحياة أخذته من هذه الهواية، ولا أنكر أنني لا أفضل أن يلتحق أحد من أبنائي بهذا المجال، وأعترف أنه مجال «لا يطعم خبزاً»، وأدركت بعد هذا العمر والرحلة الطويلة في عوالم الفن أن المتعة الحقيقية هي أن يعمل الفنان لنفسه ليستمتع بما أنجز من أعمال فنية ويتفاعل مع نفسه ويسعد بنتاجه الفني والإبداعي.



*ما هي الأحلام التي ما زالت تراود فكر محمد يوسف؟

الحمد لله، حققت كل ما أتمناه من أحلام فنية من المشاركة في معارض وتقديم نتاجات تشكيلية والمساهمة في تأسيس الحركة التشكيلية بالإمارات حتى أصبحت أعمالي تدرس في الجامعات، وجابت العالم كله، وكذلك احتفلت منذ فترة بزواج أصغر أبنائي لأشعر أنني أتممت مهمتي الأبوية، وكذلك الفنية.





*هناك قرارات قد يندم عليها الإنسان، فهل هناك خطوات ندمت عليها؟

كنت حريصاً جداً في مشواري وحياتي، فخطواتي محسوبة، ولكني ندمت مرة على فترة توقفت فيها عن مواصلة الفن التشكيلي لمدة امتدت 9 أعوام، ولكن تصالحت مع نفسي من خلال معرضي الفني «الخروج إلى الداخل» الذي أقمته في منزلي، واشتمل على 3 أجنحة، 2 في الداخل والثالث في الخارج.