الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

أدباء وكتاب: التتويج الافتراضي فرح يفتقد الحضور

أدباء وكتاب: التتويج الافتراضي فرح يفتقد الحضور

صورة أرشيفية تجمع الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب في نسختها الـ12 أثناء جلسة يسلطون فيها الضوء على أعمالهم الإبداعية.

تباينت آراء الكتاب والأدباء والمثقفين حول استمرارية تنظيم الجوائز الأدبية والثقافية في مواعيدها المعتادة أو تأجيلها في ظل الظروف الحالية التي فرضها فيروس «كورونا» على العالم، إذ لوحظ في الآونة الأخيرة اتخاذ لجان تحكيم بعض الجوائز الأدبية بشأن الإعلان عن الفائزين أو تتويجهم افتراضياً.

وباستطلاع وجهات نظر الأدباء والمثقفين، وجدت «الرؤية» تفاوتاً في الآراء حول تنظيم أو إلغاء إطلاق النسخ الجديدة من الجوائز في مواعيدها المعتادة، حيث أيد البعض فكرة الإعلان عن الفائزين وتكريمهم افتراضياً في ظل الظروف الحالية، فيما رفض آخرون ذلك، تخوفاً من نسيان منجزاتهم الأدبية والذاتية التي احتاج تحقيقها وقتاً وجهداً كبيرين، مؤكدين أن لا شيء يغني عن لذة الوقوف على المسرح من أجل التكريم، لكن كثيراً منهم كذلك أكد أن إقامتها افتراضياً وإن تحول إلى ما يشبه فرحاً يفتقد الحضور، إلا أنه في المقابل قد اصبح بمثابة واقع لابد منه لتجنب إلغاء المسابقات أو إرجائها، لإشعار غير معروف توقيته.

وخلال الأشهر الأخيرة، بادرت لجان تحكيم عدد من الجوائز الأدبية البارزة بالإعلان عن الفائزين أو تكريمهم افتراضياً، ومنها الجائزة العالمية للرواية العربية، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وغيرهما، في حين، اتخذت جائزة الأديب العالمي نجيب محفوظ قراراً بتأجيل النسخة الحالية للعام المقبل، كما أجلت جائزة جونكور الفرنسية الإعلان عن القائمة الطويلة، وتم الإعلان عن تأجيل تكريم الفائزين بالدورة الأخيرة من جائزة العويس للإبداع، وهي من الجوائز الثقافية المرموقة.

ورصدت «الرؤية» توقعات الكتاب والأدباء حول مستقبل الجوائز الأدبية في زمن كورونا، وإن كانت تداعيات الجائحة ستتسبب في تغيير نظم وآليات لجان الفرز والمتابعة والتحكيم، أو ستؤثر على أداء المبدعين، بالإضافة إلى مقترحات البعض منهم للاستفادة من الجائحة في تطوير محاور الجوائز لتعزيز دورها مجتمعياً وعالمياً.





التواصل المرئي

وصرح رئيس لجنة تحكيم جائزة «البوكر» الدكتور محسن جاسم الموسوي «أنه من المؤكد أن لجان تحكيم الجوائز الأدبية والثقافية تأثرت بسبب جائحة كورونا، وبالرغم من أن وسائل الاتصال الحديثة وفرت سبلاً للتواصل المرئي، لكن مناقشة اللجان الجوائز للأعمال الأدبية المشاركة في الجائزة يختلف عما يكون عندما يصبح النقاش وجهاً لوجه».

وتابع الموسوي: «نحن نعلم أن طبيعة الكتابة تستدعي نمطاً من الحرية الإنسانية والفكرية والتي يتمكن فيها الإنسان من الإبداع والابتكار، ولكن الشعور بالحصار قد يقلل من قابلية الإنسان للابتكار بالنحو ذاته».

وأردف: «أن هناك من يقول إن التفرغ الكامل للكتابة قد يؤول إلى كتابة جيدة، ولكن شرط ألا يكون هناك حواجز كالشعور بوطأة الزمن أو الحصار، ولكن كورونا وما تتسبب به من مضايقات لطبيعة البشر وتحديدات لحرية الذهن، ستكون بالتأكيد محبطة، وربما ستتميز تلك الكتابات التي ستظهر بشيء من القنوت أو السوداوية أكثر مما هي عليه الآن، فإذا تركت الحروب بصماتها الكثيرة على الكتابة، فإن جائحة «كورونا» هي الأخرى ستترك بصمات من ذلك النوع، فيها الكثير من الشعور بالعزلة والقنوت أو حتى اليأس».





لا تخلق كاتباً

من جهته، يرى الكاتب والروائي علي أبو الريش أن الجائزة الأدبية أو الثقافية لا تخلق كاتباً، لكنها تحفز الكاتب بأن يقدم ما له قيمة حقيقية وأن يبدع ويأتي بأفضل ما لديه، لذا فإن استمراراها أمر مطلوب، وتأجيلها يسبب إحباطاً للكتاب والمبدعين.

وتابع: «نتيجة للجائحة برزت أشياء كثيرة وبرزت لدينا أهمية بأننا بحاجة إلى كاتب يقدم لنا رؤية حقيقية لما نواجهه وما يحدث حولنا بسبب «الجائحة»، فالآلة وحدها لا تكفي، وأصبح ذلك واضحاً بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، إذ إن المجتمعات المتطورة في الآلة وحدها لم تستطع مواجهة الأحداث وفشلت في مقاومة «الفيروس».

وأردف أبوالريش: «من المهم أن تستمر الجوائز في مواعيدها، وأن يستمر الإعلان عن الفائزين، إذ سيؤول التأجيل إلى حالة من الإحباط لدى الكتاب، ولكن علينا جميعاً أن نعيد ونزرع البهجة والفرحة والأمل في نفوس البشر».





مواصلة الإبداع

أما رئيس الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي، الكاتب محمد شعيب الحمادي، فيرى أن إيقاف أو تأجيل الجوائز الأدبية أو الثقافية سيترك انعكاساً سلبياً على الكتاب والأدباء.

وقال الحمادي: «ربما المحنة يجب أن نحولها إلى منحة، وكما لاحظنا أن العديد من الكتاب والأدباء استغلوا العزلة بنجاح وأبدعوا، وحتى إن تأجلت الجوائز يجب ألا نتوقف نحن عن الإبداع».

وتابع: «أوجدنا البديل عبر الاتصال المرئي في «اتحاد الكتاب» لتستمر مناقشاتنا ومشاركاتنا الإبداعية، وينطبق الأمر نفسه على الجوائز الأدبية وليس هناك حاجة للاجتماع ميدانياً، ولكن يمكن إجراء ذلك عن بعد، إذ إن الأهم هو مصحلة وصحة الإنسان».

واقترح أن تقدم الجوائز الأدبية والثقافية في السنوات المقبلة ألواناً أدبية أخرى وأن تتشعب المسابقات الحالية حتى وإن كانت افتراضية، بحيث تتاح لعدد أكبر من المشاركين، وفضلاً عن ضرورة تشجيع النشء على المشاركة في تلك الجوائز.





الاحتفاظ بقيمتها

من جهتها، ترى الكاتبة آمال الأحمد أنه سواء تم تأجيل الجوائز الأدبية أو الثقافية أو تقديمها «أونلاين» يعتبر قراراً جيداً، ولكن بالتأكيد سيفتقد الكثيرون شعور التكريم على المسرح أمام الجمهور.

وتابعت «اعتقدت أن تأجيل بعض الجوائز الأدبية بما فيها جائزة «نجيب محفوظ» يحفظ لها قيمتها، كما تم تأجيل العديد من الجوائز الأوروبية العريقة للسبب ذاته».

وأضافت: «عندما أفكر في الأطفال الذين فازوا بجائزتي القارئ والكاتب المبدع وتم تكريمهم وتسليم الجوائز «أونلاين»، كانت لدي الرغبة في أن أشاركهم فرحة وقفزات الفوز، كما فعلت بالعام الماضي، ولكن منعت من ذلك، وبالتأكيد ذلك التكريم لن يغنيهم عن فرحة التكريم على أرض الواقع».