الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«يلا على الورشة».. مبادرة مصرية للحفاظ على المهن التراثية

نشأته في منطقة سوق السلاح بالدرب الأحمر بالقاهرة كان لها دور كبير في تشكيل ثقافته البصرية مع العمال والصنايعية خصوصاً هؤلاء من أصحاب المهن اليدوية التراثية حيث تتلاقى الفنون والحضارات جميعها من قبطية وإسلامية وغيرها، كل هذا جعل الشاب المصري مصطفى كامل الطواف يشب على أسئلة كثيرة تولدت في ذهنه عن الحرف المختلفة.

ويقول لـ«الرؤية»: أتذكر عندما كنت طفلاً ربما في المرحلة الابتدائية كنت أجمع أبناء الحارة لنزور الأماكن الأثرية كالقلعة والمتحف المصري وغيرها من الأماكن الأثرية التي تعج بها المنطقة، وأثناء مروري في كل شبر من منزلي حتى تلك الأماكن كنت أرى كل الفنون والنقوش الأثرية سواء الثابت منها في الأماكن التاريخية كالمساجد والأسبلة من العصر المملوكي والعثماني حتى عصر محمد علي، كل هذا شكّل إلى جانب القراءة ثقافتي البصرية، فكان ما أقرؤه يُترجم على أرض الواقع.

ويضيف الطواف «الثقافة الشعبية المختلفة شكلت وجداني، ومع مرور الوقت بدأت ألاحظ اختفاء بعض الورش الحرفية التي كنت أراها منذ صغري، فقررت في آخر 2014 الحفاظ على التراث المادي للحرف الشعبية والتراثية، فأخذت مبادرة (الجمع الميداني) للحرف التراثية في منطقة الدرب الأحمر، ما ساعدني على ذلك أنه وبطبيعة نشأتي كنت أعرف لغة الحرفيين وبهذا تلاشت الحواجز بيني وبينهم

ويُتابع «كل حرفة لها طقوسها ومصطلحاتها فالنفخ في الزجاج مثلاً يختلف عن حرفة (الخيامية) وهكذا، فبدأت أرصد الحرف النادرة أو التي أوشكت على الاندثار مثل (مندج) القوس، وهي ما جسدها محمود عبدالعزيز في فيلم (جري الوحوش) والذي جسد وتحدث لغة أهل تلك المهنة بجدارة

وبخلاف قيام الطواف برصد أدوات كل مهنة وطريقتها، فكان يجمع معلومات عن أهل المهنة وكيف تعلموها؟ فعمل على استخلاص المادة الفلكلورية التي جمعها سواء كانت قصصاً أو صوراً أو لقطات وهو ما يعمل عليه منذ بدأ جمع كل ما يتعلق بالحرف المختلفة حتى أطلق مبادرة «يلا على الورشة» في 2017.

وعن ذلك يقول «أردت إطلاق مبادرة شاملة لنشر الوعي بين الشباب فيما يخص المهن الحرفية والتراثية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات حتى العصر الحديث، وكيف تدرجت تلك الحرف وتطورت، وبدأت أكتب قصص الحرفيين وقصصهم الذاتية، فكانت المبادرة تستهدف دخول الشباب للورشة لكي يتعلموا ويعرفوا قواعد كل مهنة، كرحلة تطبيقية وعملية لتعلم الحرف المختلفة

تنوعت الورش التي أقامها مصطفى ليتذوق الشباب المهن الحرفية والتراثية، فأقام ورشاً للنفخ في الزجاج والخيامية وتجليد الكتب التراثية وتذهيب الكتب، والأشغال الخشبية وفنون النحاس والنقش عليه وتطعيمه بالفضة.

ويتابع «حتى الآن وثقت أكثر من 250 حرفة، وزرت معظم مدن الوجه البحري لتوثيق الحرف هناك، والمبادرة لم تقتصر على الشباب فقط بل استهدفت الأطفال أيضاً كي ينشؤوا على الثقافة البصرية للمهن الحرفية، ومنذ الشهر الجاري سأتناول حكايات المهن التراثية والحرفية في مجلة (نور) وهي إحدى المجلات الموجهة للأطفال

وفي المبادرة يتتبع الطواف أسماء الحرفيين ولبسهم وآلية عملهم وكيف يتذوقون الفن فيصنعون الفارق في حرفتهم، كما اكتشف عدداً من المهن التراثية القديمة غير المسجلة.