صراعات نفسية وهواجس الذات المقيدة، في زمن الخطر، هذا ما تطرحه الكاتبة الشابة الإماراتية مايا الهواري في باكورة أعمالها الأدبية «أسرار التجديد في زمن الكوفيد»، الصادر مؤخراً عن دار سما الكويتية للنشر والتوزيع.
والعمل انعكاس لتجربة الكاتبة وأبرز المواقف النفسية التي مرت بها خلال فترة أزمة فيروس «كوفيد-19» المستجد، وما ترتب عليه من حجر منزلي، كما يعد ترجمة لخبراتها كمدربة تنمية بشرية معتمدة ومحاضرة وسفيرة للهلال الأحمر، حيث تعلمت في محطات حياتها أن الأمل يطلع من قلب الخوف والحزن.
يسلط الكتاب الضوء على ما مرت به المجتمعات بسبب الحظر الذي فرض على الجميع، والمشاعر النفسية التي سيطرت على الناس، فصار الكتاب محاولة إبداعية للتعبير عما مر به الكثيرون من حزن وسلبية وخوف وإيمان وطاقة للصمود خلال الأزمة، وإن كتبته كاتبة بمفردها.
وخلال السطور تكشف الكاتبة أبعاد هذا التناقض بين الإيجاب والسلب، ومشاعر الخوف من المستقبل في ظل الإيمان العميق بقدرة الخالق، فمعظم الناس يملكون هذه المشاعر المتضاربة والأفكار المتناقضة ويمرون بهذه المراحل المتقلبة بين الشك واليقين، وبين ما هو سلبي وما هو إيجابي كأعراض من فترة الكوفيد.
فكرة الكتاب
وعن فكرة الكتاب، وكيف خرج للنور قالت مايا الهواري: «ظهرت فكرة الكتاب بعد فيروس كوفيد-19 تزامناً مع تعرضي لظرف شخصي حساس، ما أدى إلى تضاعف الآثار السلبية للحظر المنزلي الذي فرض علينا، ما أوقعني في حالة من الحزن والغضب».
وأضافت أنها على الرغم مما تتمتع به من صفات ومهارات كمدربة معتمدة، ومتحدثة بالمؤتمرات، وجدت نفسها في دائرة مغلقة، وشعرت فيها بالضياع، ولكن مع مرور الوقت والـتأمل والاجتهاد ومراقبة الذات، خرجت من هذه الدائرة السوداء إلى النور الساطع تدريجياً، وفي هذه الأثناء علمت أنها ليست وحدها من تمر بهذه المرحلة، ومن هنا جاءتها فكرة كتابها.
شجرة الأمل
وحرصت الهواري على أن يكون كتابها بمثابة نافذة تطل من خلالها على الأمل، مستعينة بالعبارات والكلمات التي تبث الطاقة الإيجابية في نفوس القراء، ولذلك كتبت على غلاف الكتاب هذه العبارة (أيها العابر من هنا اعتبر نفسك تلك الشجرة التي تتجدد كل عام، لتشمخ وتمر، وتمد ظلها، وفي هذا الحصار الوبائي الذي تعيشه عليك أن تجدد حياتك وروحك، لتطرد البؤس واليأس والملل والألم، وتخرج للحياة شخصاً جديداً بروح جديدة وقدرات جديدة وكأنك خلقت من جديد).
6 فصول
وأوضحت الكاتبة الشابة أن «كتابها يضم 6 فصول تجسد مجموعة من المراحل التي مر بها الأفراد وحالتهم النفسية، لتبدأ بمرحلة الصراعات النفسية وهواجس الذات المقيدة، والإنسان بين الهاجس والواقع التي ترصد ملامح الشخصية التي تمزج بين القوة والضعف، ودور العائلة والتأمل والعبادة والصداقة والعلاج بالطاقة».
أما المرحلة الثالثة فمحورها إبداع على كف كوفيد، ومنها إلى حياتك في حدود ذاتك وصولاً إلى مرحلة مجموعة من الوصايا من قلب الحجر أساسها التسامح والسلام الداخلي والحب والسعادة والرضا واستعادة الإيجابية.
في حين تتضمن المرحلة الأخيرة معاني الحياة الحقيقية ومن أهمها تعلم فنون الصبر والاستسلام والتوكل على الله والمقاومة الداخلية والحب الحقيقي.
وأشارت الهواري إلى أننا لو تأملنا العبارة الشهيرة «مصائب قوم عند قوم فوائد» سنكتشف أنها معبرة جداً عن تلك المرحلة التي مر بها العالم بأسره، مؤكدة أن كتابها لم يكن عبثاً بل عمل يعكس ما مرت به من صراعات نفسية من ألم وحزن وصعوبات ونجاحات، وسبلها لتخطي ذلك، لتدرك أن الفرص في الحياة يمكن أن تضيع ولكنها لاتنتهي ومهما ضاقت الدنيا على الإنسان فإن فرج الله قريب.