الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

حسونة مصباحي: المشهد الروائي العربي فوضوي.. والمتسيدون يقصون الأقلام الجادة

حسونة مصباحي: المشهد الروائي العربي فوضوي.. والمتسيدون يقصون الأقلام الجادة

قال الروائي التونسي حسونة المصباحي، إن المشهد الروائي العربي يعاني فوضى عارمة تكون في غالب الأحيان سبباً في تغييب وإقصاء الأعمال الروائية الجيدة والأقلام الجادة، وهو الواقع لاذي يفرضه متسيدو المشهد، فيما تتصدر الواجهة أعمال هزيلة وسطحية تكشف ضعف ثقافة صاحبها وجهله بالأعمال الكبيرة في مجال الرواية.

وذكر في حواره مع «الرؤية» أن دول الخليج العربي تحتضن مواهب ثرية في الرواية والشعر والمسرح والفنون التشكيلية، لافتاً إلى أنها تعيش راهناً ثورة ثقافية وفنية ستكون لها تأثيرات مهمة على مسارها التاريخي.

وعن تتويجه بجائزة الكومار للرواية في تونس، أكد المصباحي أن الجائزة أعادت إليه الاعتبار ونوهت بروايته «لا نسبح في النهر مرتين»، وحكمت على عمل أدبي وفكري فريد وثمنت ابتكاره للغة خاصة به، متحررة تماماً من اللغة الإنشائية الجافة.. وتالياً نص الحوار:



*كيف تقبلت تتويجك بجائزة الكومار للرواية؟

بكل سعادة وفرح تقبلت جائزة «الكومار الذهبي 2020» للرواية باللغة العربية، التي تنظمها وزارة الثقافة التونسية، حيث ردت لجنة التحكيم لي الاعتبار ونوهت بروايتي «لا نسبح في النهر مرتين»، بإشادتها بابتكاري للغة خاصة بي، متحررة تماماً من اللغة الإنشائية الجافة.





*من وجهة نظرك.. كيف ترى المشهد الروائي العربي؟

لا يكاد يختلف المشهد الروائي العربي عن بقية المشاهد المتصلة بالجوانب الثقافية والفنية الأخرى، وصحيح أن هناك غزارة في الإنتاج الروائي تشمل كل البلدان العربية تقريباً، وأن هناك مواهب تستحق التقدير والتنويه والثناء، لكن ما ألاحظه هو أن هذه الغزارة تواكبها فوضى عارمة تكون في غالب الأحيان سبباً في تغييب وإقصاء الأعمال الروائية الجيدة، لتتصدر الواجهة أعمال قد لا أتردد في وصفها بالهزيلة والسطحية، من خلالها نكتشف ضعف ثقافة صاحبها وجهله بالأعمال الكبيرة في مجال الرواية وتسرعه العائد إلى اللهاث وراء الجوائز والشهرة المسمومة والمفتعلة، واستخفافه بالقراءة الجادة والعميقة للتاريخ والفلسفة وللنظريات الهامة في مجال علمي الاجتماع والنفس.

*ماذا عن الروائيين العرب؟

عندنا كتّابٌ عرب ابتكروا لغة خاصة بهم مثل الطيب صالح، إيميل حبيبي، محمد شكري، البشير خريف، محمد زفزاف، ويوسف إدريس، لكن كثيراً من كُتّاب الرواية لا يهتمون اليوم باللغة معتقدين أن رواية أحداث قد تكون مثيرة أو التطرق إلى مواضيع تتصل بالدين والجنس وغير ذلك تكون كافية لجعل عملهم الروائي مكتملاً وجديراً بالتقدير والتنويه، وأنا أقرأ روايات تونسية وعربية هي مجرد استنساخ لروايات سابقة أو تقليد لها، مثلما يفعل مقلدو محمود المسعدي.





*خليجياً، هل أنت مطلع على المشهد الأدبي؟

منذ مطلع الألفية الجديدة فقدت المراكز الثقافية الكبيرة مثل القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد أهميتها لأسباب يطول شرحها لتتصدر المشهد الإبداعي والفني مراكز جديدة بدول مجلس التعاون الخليجي، تبرز فيها مواهب في الرواية والشعر والمسرح والفنون التشكيلية، كما تعددت فيها الأنشطة الثقافية والفنية وتأسست فيها مراكز للترجمة للانفتاح على ثقافات العالم القديمة والحديثة.

وأنا أعتقد أن دول الخليج تخلصت من ثقافتها التقليدية المنغلقة على نفسها، وتعيش راهناً ثورة ثقافية وفنية ستكون لها تأثيرات مهمة على مسارها التاريخي، حيث تحتضن الإمارات والسعودية والبحرين وعمان مواهب كبيرة في مجال الشعر والرواية والقصة والنقد والبحث الفلسفي والاجتماعي.

*عدت إلى قريتك معلناً نهاية الترحال الطويل، فلماذا اتخذت هذا القرار؟

حياتي كانت سلسلة من التحولات المهمة، ففي مطلع الثمانينيات قررت الهجرة وبعد طواف طويل في مختلف الدول الأوروبية اخترت الإقامة في ألمانيا، رغم أنني لم أكن أتكلم لغتها، وبعد عودتي عشت في البداية فترة عصيبة في مدينة بنزرت التي وجدتها على غير الصورة التي كانت عليها في السبعينيات، لذلك اخترت الإقامة في مدينة الحمامات بتونس لأظل بعيداً عن صخب العاصمة، ومعارك مثقفيها المدمرة وفيها أمضيت 14 عاماً كانت مثمرة أيضاً على المستوى الإنساني والإبداعي.

وها أنا أبدأ مرحلة جديدة في حياتي مقرراً الاستقرار في مسقط رأسي بالوسط الغربي التونسي بعد أن بنيت بيتاً جميلاً يحتضن مكتبتي الغنية بآلاف الكتب والمجلات الرفيعة باللغتين العربية والفرنسية.