الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

الكتابة للأطفال.. مسؤولية أخلاقية وورطة إبداعية

توافقت آراء كتاب على أن الكتابة للطفل لم تعد عملاً سهلاً يقبل عليه الكثيرون من الكتاب الشباب، حيث تتطلب خبرة حياتية وثقافة تربوية ونفسية.

وأكد كتاب التقتهم «الرؤية» أن الكتابة للطفل تمثل مسؤولية أخلاقية ومجتمعية لأنها تخاطب شريحة لا تزال في مرحلة التطور العقلي ونمو الوعي والفكر، لذلك يصبح الكاتب مسؤولاً بشكل مباشر عن تشكيل وجدان وذائقة وفكر الأجيال القادمة.

وأشاروا إلى أن استعجال بعض الكتّاب الشباب للنشر، في الوقت الذي يفتقرون فيه إلى دقة تمحيص النصوص ومراجعتها قبل تسليمها إلى دار النشر، يوقعهم في ورطة إبداعية.



هوس الظهور

تعتقد كاتبة قصص الأطفال فاطمة المزروعي أن الكاتب الشاب في بدايته قد لا يمتلك جميع أدوات الكتابة، التي تتمثل في معرفته ودرايته بعالم الكتابة، وأصولها وطرق الحبكة الجيدة التي يحتاج إليها الكاتب لجذب القراء.

ويشعر كتّاب شباب – وفقاً للمزروعي- بأن الكتابة للطفل ورطة إبداعية، ويعود ذلك إلى استعجالهم النشر، وافتقارهم إلى دقة تمحيص النصوص ومراجعتها بدقة قبل تسليمها إلى دار النشر.

وتابعت: البحث عن الشهرة وهوس الظهور والشهرة لدى البعض قد يطغى على الموهبة، الأمر الذي يؤدي به إلى الإحباط والتوقف بشكل فجائي عن الكتابة إذا لم تتحقق الشهرة من ورائها في مجال الطفل وهناك من ينسحب من الساحة الأدبية بكل هدوء.



الخبرة والمهارة

لا يمكن الجزم بأن الكتّاب الشباب يعزفون عن المشاركة في أدب الطفل، بحسب الكاتبة في أدب الطفل نيروز الطنبولي التي أشارت إلى أن الكاتبات أكثر ميلاً لهذا النمط من الإبداع الأدبي من الرجال بحكم طبيعتهن التي تجعلهن الأقرب لعالم الطفل.

لكن ما يجمع عليه الكثيرون في رأيها هو أن الكتابة للطفل ليست بالأمر الهين، وتحتاج إلى أن يكون كاتبها على وعي بمشكلات الطفولة وقضاياها، وعليه امتلاك المعرفة والحرص على الاطلاع المستمر على تقنيات الكتابة الحديثة للطفل، وأن يقدم كتاباته وموضوعاتها بطريقة عصرية مواكبة للتطور والتقنيات الحديثة ومشبعة بالقيم والسلوكيات التي تنمّي عقل الطفل وفكره.

ومن أهم سمات الكتابة للطفل – وفقاً للطنبولي - أن تكون الفكرة مبتكرة وممتعة وأن تقدم بالوسائل الحديثة المصورة أو من خلال المجسمات أو إدخال الأغاني والأناشيد الهادفة، كما أن قصص الأطفال لا بد أن تحث على الصدق والاحترام والحرص على القيم والمشاركة المجتمعية.



مسؤولية تربوية

تراود الكاتب الشاب أحمد الأميري فكرة في خوض تجربة الكتابة للأطفال، مشيراً إلى صعوبة الأمر، حيث يرى أنه هذا النوع من الكتابة ليس أهون من الكتابة للكبار، مؤكداً أن أدب الطفل يعد ركيزة قوية في البناء الثقافي ودعم شخصية الطفل وتنمية فكره وإبداعه وإثراء مخيلته.

ويرى أنه لكي يخوض هذه التجربة فإن عليه البحث عن فكر جديد يتناسب مع تطلعات طفل العصر الحديث، معبراً عن ثقته في قدرة الكتاب الشاب على مخاطبة الأطفال وذلك لمعرفتهم بما يحب الطفل وما يكره، وما يجذبه وما لا يلتفت إليه.

ودعا الأميري الكاتب الشاب إلى التقرب من الطفل ليستقرئ فكره، ويبتكر الوسائل البسيطة للوصول إلى قلبه، منوهاً بأن أدب الطفل يحتاج إلى عوالم لها خصوصيتها بدءاً من التحليق في عوالم الخيال وانتهاء بالوصول إلى الواقع.



البحث عن المادة

يفسر الكاتب محمد مندور خوف الكتّاب الشباب من خوض تجربة الكتابة للطفل بإحجام كتاب كبار في العالم العربي عن الكتابة في هذا النوع الأدبي، ومنهم كاتب نوبل نجيب محفوظ لخوفه من عدم قدرته على تلبية احتياجات الطفل، واعتبره نوعاً أدبياً يندرج تحت فكرة السهل الممتنع.

وأكد أن كتاباً شباباً كثراً تسيطر عليهم فكرة أن الكتابة للطفل لن تحقق لهم الشهرة أو المكسب المادي الذي يطمحون إليه، كما يعتقدون أن إصداراتهم ستظل حبيسة المكتبات ولن يكون لها فرص الأعمال الروائية التي تتحول إلى أعمال سينمائية محققة لصاحب الرواية شهرة ومكاسب مالية.



تجارب ناجحة

ترى القاصة هيا القاسم أن هناك كتاباً شباباً وخاصة من الذكور أحبوا كتابة ذلك النوع من الأدب، حيث تحفل بهم الساحة الثقافية العربية.

وأشارت إلى أنهم نجحوا في إثبات جدارتهم في مجال أدب الطفل بشكل قد يفوق الكاتبات النساء، وترجمت أعمالهم إلى لغات أخرى.

وأضافت القاسم أن الساحة الأدبية في الإمارات تعج بالكتاب الإماراتيين الذين أبدعوا في أدب الطفل ومنهم جمال الشحي ومحمد خميس اللذان أبدعا في «يوميات مشاغب» و«يوميات مشاغبة» بسبعة أجزاء على مدار 7 أعوام بأسلوب مميز غير اعتيادي.

وتتابع: كما برع الكاتب السيد نون صاحب الأسلوب السجعي اللطيف القريب للطفل في توصيل أفكاره الخلاقة بأسلوب رمزي مميز، وأغلب هذه الأسماء حائزة على جوائز محلية وعربية.