الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

نور العتيبي تهزم السرطان مرتين في «مهما كلف الأمر»

قصة مؤلمة، بيت الألم والأمل لكن بطلتها استطاعت بالإيمان والصبر والمقاومة أن ترسم لقرائها معنى التفاؤل والإقبال على الحياة ومواجهة أحلك الظروف وأصعبها، هذه هي التجربة التي تجسدها الكاتبة الشابة الأردنية نور العتيبي في كتابها «مهما كلف الأمر» الذي يمثل تجربتها الذاتية

تجربة ذاتية

يحكي الكتاب عن فتاة تصاب بالسرطان في الـ13 من عمرها وتقف أمام لحظة اتخاذ قرار صعب، سيحدد مصيرها، وتختار مواجهة الأمر بإجراء عملية بتر لساقها، يختلف شكل الحياة، ولكنها تواجه مصيرها بقوة وإرادة وتصميم على الوقوف في وجه هذه القسوة التي تسبب فيها تشخيص خاطئ، فكانت انطلاقتها للحياة كغزالة تسرح في فضاءات الخضرة وجمال الحياة التي أحبت أن تعانقها غير مستسلمة للمرض.

يسرد الكتاب مسيرة الكاتبة مع المرض لتتخذ من سطوره ساحة لتحكي تفاصيل محنتها المريرة، ولكن بمفردات التحدي والتمسك بالحياة ضد ذلك السرطان ذلك المرض اللعين، الذي يتسبب في موت المئات يومياً، خاصة ممن يستسلمون له وتنهكهم مقاومته.

اللحظة الصعبة

وعن كتابها، قالت الكاتبة الشابة نور العتيبي لـ«الرؤية»: «الكتابة بالنسبة لي هي حكاية الآخر، وهي الصمت في فوضى الكلام، وهي معايشة البشر والاستماع لهمومهم و أفراحهم و أحزانهم.

من خلال كتابي أسرد خلال سطور قليلة معاناتي مع السرطان، حيث كنت في تلك الفترة في الـ13 من عمري، فعندما دخلت غرفة الطوارئ، لم يعتبر المختص هذه الحالة خطيرة، وعلاجها من خلال وصف مسكن للآلام مؤكداً لوالدتي أن كل شيء سيكون على ما يرام، بعد فترة من الزمن من تناول بعض الأدوية».

تابعت: «حتى جاءت اللحظة المؤلمة خلال دخولي الحمام، حيث بدأت ساقي ترتج بألم، قبل أن تكتشف أسرتي أن التأخر في العلاج ولسوء الحظ أصابني بسرطان العظام، ما أدى ذلك إلى وقوعي في حالة نفسية صعبة جداً، حتى قرر الأطباء بتر ساقي خوفاً من انتشار المرض لبقية الجسم».

تشخيص خاطئ

وفي الفصل الثاني من الكتاب تسرد نور بشفافية مواجهة الحياة بقوة وإرادة بعد بتر ساقها وكان هذا القرار الصعب بالنسبة لها، من هنا تبين الكاتبة للقارئ أنها خسرت قدمها بسبب تشخيص خاطئ، وهذه مشكلة يعاني منه الكثيرون من المرضى، بسبب التشخيص غير الدقيق للحالة المرضية ما أودى بحياة الكثيرين متساءلة: من يتحمل مسؤولية ذلك الأمر؟

وأضافت العتيبي أنها حاولت أن تسرد سبلها للتكيف مع وضعها المرضي ببتر قدمها، وأقبلت على الحياة ولم يتسلل إلى قلبها أي نوع من اليأس من هذه الحالة التي ستلازمها طيلة حياتها، فأخذت تتعلم الإنجليزية، وتناول العلاجات الطبية حيث وضعت ساقاً اصطناعية وأخذت بعض التمارين والعلاجات الطبيعية لتواجه هذا الوضع ورغم صعوبة الحياة إلا أنها شعرت وكأنها ولدت من جديد بروح عالية وقلب مليء بالأمل.

بعد الجراحة أقبلت نور على الحياة ودرست الثانوية العامة وحصلت على معدل 94.5 في مساق الفن، وتخرجت في الجامعة، وبدأت تبحث عن العمل، ثم أكملت دراستها في جامعة أبوظبي في برنامج إدارة الموارد البشرية حيث حصلت على درجة الماجستير، ثم بدأت مشوار الكتابة لتصبح اليوم من الوجوه الشابة في عالم الكتابة والأدب وواحدة من الوجوه الرافضة لليأس والنماذج الإيجابية للإصرار والعزيمة.

وأكدت العتيبي أنها اكتشفت خلال رحلتها وتجربتها مع هذا المرض، وجدت أن الانتصار على المرض يبدأ من قلب صاحبه أولاً، بجانب إيمانه بأن الأزمة مهما كانت صعبة فإنها ستمر، وسيخرج منها بقناعات وبقواعد حياتية جديدة تضيف إلى خبراته الحياتية.