الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

فاروق حسني: الإمارات وضعت الإبداع على رأس أولوياتها.. وأتمنى طاقة بيكاسو

فاروق حسني: الإمارات وضعت الإبداع على رأس أولوياتها.. وأتمنى طاقة بيكاسو

أكد وزير الثقافة المصري الأسبق، فاروق حسني، أن الإمارات مهدت الطريق لأبنائها والمقيمين على أرضها للوصول إلى القمة في عالم الإبداع، مشيراً إلى أنها تولي الإبداع أهمية كبرى وتضعه في مقدمة خططها الاستراتيجية لبناء مجتمع واع منفتح على الآخر.

وقال في حواره مع «الرؤية» من القاهرة: إن الفن التشكيلي الإماراتي يعيش مرحلة الازدهار، مشيراً إلى أن هناك عدداً من الأسماء الإماراتية التي أبهرته بنتاجها، عازياً ذلك إلى اختلاطها مع فنانين عالميين جاؤوا إلى الإمارات من أجل المشاركة في أحداث عالمية تقام على أرض الدولة، لافتاً إلى أن الإمارات نجحت في خلق جو من التنافس بين الفنانين، الأمر الذي ظهرت نتائجه على الفنانين المحليين.

ويعتقد حسني أن التواجد الفني المصري على أرض الإمارات ليس على الوضع المأمول، مشيراً إلى أن الإمارات تمتلك قلاعاً ثقافية بمواصفات عالمية، في الوقت الذي تمتلك فيه مصر مواهب فنية تستحق الظهور في هذه القلاع، داعياً وزيري الثقافة في البلدين إلى العمل على ذلك، مشيراً إلى أن تقدم الإمارات في المجال الثقافي، سيعود على المشهد العربي ككل.

وأكد حسني أن الفن التشكيلي العربي ينقصه النقد الفني، لأن النقد دائماً ما يكون البوصلة التي توجه الفنانين، معتبراً النقد أهم من الإبداع الفني نفسه، لأنه برأيه يربط الفنان بالمجتمع وبالفكر العام، مؤكداً أن لدينا فنانين بمواصفات عالمية، لكنهم غير عالميين للأسف.



*هل تعتزم إقامة معارض جديدة على أرض الإمارات؟

أحب دائماً التواجد على أرض الإمارات، وعلى أتم الاستعداد للمشاركة في أي معارض هناك، لي ذكريات جميلة في الإمارات، وصداقات، وبالتالي عندما أكون هناك لا أشعر أنني لم أخرج من مصر، أشعر أنني في قلب مصر، وقد وجدت احتفاء كبيراً بعد أن أقمت فيها بعد 2011، وهذا بالنسبة لي مؤثر للغاية.

*للإمارات تجربة رائدة في المتاحف العالمية، ما تقييمك لها؟

المتاحف بصمة التاريخ، وفي الإمارات متاحف رائدة، وأعرف أنها تقدم مجهودات وخطوات عظيمة، فالإمارات تؤمن بأن الثقافة ليست ملكاً لشعب من الشعوب، لكنها ملك للمجتمعات العالمية، لأنها تعتمد على الإبداع الذي وضعته على أرس أولوياتها، والإمارات مهدت الطريق لأبنائها والمقيمين عليها للوصول إلى القمة في عالم الإبداع.

*ما وضع الفن التشكيلي في الإمارات؟

الفن التشكيلي في الإمارات متقدم للغاية، والفضل في ذلك يعود إلى استقطاب فنانين تشكيليين عالميين، حيث تنتشر هناك الأنشطة الثقافية والتشكيلية الدولية التي تشهد مشاركة عالمية، الأمر الذي يمثل حافزاً كبيراً ومهماً للفنانين الإماراتيين، لأن مجال الفن لا يصلح إلا بالتنافسية، التنافس الذي يدعو للتقدم والازدهار، والإمارات تسير على هذا الطريق.

*أهديت للإمارات لوحة «تحية للإمارات» في معرض أرت دبي، ماذا تمثل لك هذه اللوحة؟

كنت أرسم لوحة كبيرة، وبعد أن انتهيت منها، وجدتها تمثل علم الإمارات، بألوانه، فقلت الأجدر بها الإمارات، لأنني مدين لها بأشياء كثيرة، فقدمت لها هذه اللوحة.

*ما تقييمك للعلاقات الثقافية المصرية الإماراتية؟

أعتقد أن هناك أفضل من ذلك، فاليوم هناك أوبرا في الإمارات، ومواقع ثقافية كثيرة، ومصر لديها فرق كثيرة ومتنوعة، أتمنى أن أجد تواجداً أكبر للفرق المصرية على أرض الإمارات وأن يوضع هذا على خريطة النشاط الثقافي بين الدولتين، وأعتقد أنه يمكن لنورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب والدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، أن يقدما مجالات للتعاون أكبر من الحالية، حيث إن لدى مصر فرقاً كثيرة وفنوناً محفزة للإبداع.

*هل اطلعت على أعمال لفنانين تشكيليين إماراتيين؟ وما تقييمك لهم؟

بهرت حين كنت هناك، فهناك الكثير منهم جيد للغاية، وملفت للنظر، فقد تواجدت في الإمارات فترة طويلة، واطلعت على أعمال كثير من الفنانين والمبدعين في الإمارات، ووجدت رغبة جامحة من الدولة في التعامل مع الثقافة بشكل كلي وكبير، وإدراك لقيمة المعاقل الثقافية والمتاحف، وهذا دليل على بزوغ نجم الإمارات ثقافياً، الأمر الذي سيعود على المشهد العربي ككل.

*ماذا ينقص الفن التشكيلي العربي لكي يصبح عالمياً؟

ينقصه النقد الفني، لأن النقد دائماً ما يكون البوصلة التي توجه الفنانين، فالنقد أهم من الإبداع الفني نفسه، لأنه يربط الفنان بالمجتمع وبالفكر العام، وبرأيي لدينا فنانون بمواصفات عالمية، لكنهم غير عالميين للأسف، فالوصول للعالمية، لا يكون إلا من خلال الإعلام، والنقد الفني العلمي السليم، فالفن يحتاج بوصلة وعلماً حتى يأخذ طريقه للمحلية والعالمية، والبوصلة هي النقد.

*أهديت لوحة في معرض أخير لك لبيكاسو، ما مدى تأثرك به؟

حقيقة، أعجب جداً بجرأته، وتناولاته الفنية، التي تعيش معنا حتى الآن، وستعيش مستقبلاً، وفي الحقيقة، بيكاسو من الفنانين الذين أكن لهم إعجاباً شديداً، وأتمنى أن يكون لدي مثل الطاقة التي كان يمتلكها.

*برأيك، هل سيتصدر المتحف المصري الكبير المنطقة، وكيف نستطيع تحويله إلى تظاهرة ثقافية مستدامة؟

المتاحف ثوابت، إنما المدير هو المحرك، فلو كان المدير محركاً، سيستطيع استخدام هذه الآلة الكبيرة، ليس فقط كمتحف، وإنما كمتحف ومسرح، وجاليري، المتاحف تحتاج إلى مدير جيد، وهو أهم من أي شيء، لأنه يعرف كيفية وضع برامج أسبوعية وشهرية وسنوية متنوعة تستقطب كل الثقافات، الإشكال في الشخص وليس في المبنى، فعليه أن يكون قادراً على استحداث أنشطة معينة، واستقطاب تبادلات ثقافية، فعندما كنت في باريس وروما، كان اعتمادي الأساسي على التنوع، وكيفية استقدام أشياء تعجب الفرنسيين والإيطاليين.

*هل أفادت الثورة الرقمية الثقافة، أم نزعت عنها العمق؟

الثقافة نوع من المعرفة والإبداع والابتكار، فالثقافة شيء واسع كبير للغاية، والثقافة الرقمية، سهلت أشياء كثيرة، فضلاً عن أنها أضافت إلى القيمة الفنية، وأنا مع سهولة ويسر توصيل المعلومات، فالثورة الرقمية أضافت للثقافة، ولم تسطحها أو تقلل منها.

*برأيك، هل تقف الثقافة حائط صد ضد التطرف؟

بالطبع، إذ لم تملأ الثقافة الفراغ الحيوي والاجتماعي الكبير الذي يعيشه البعض، ستملؤه أشياء أخرى، والمجتمع العربي قديماً كان يسيطر عليه فكر منغلق، ونحمد الله أننا بدأنا نتخلص منه الآن تدريجياً، وهناك مجتمعات تخلصت منه نهائياً، وكان للثقافة الدور الأكبر في التخلص منه.

*كيف نجعل الثقافة حائط صد ضد الأفكار المتطرفة؟

باستمرار الإبداع، بالمسرح، بالسينما، المعارض، وإنتاج ثقافي بصفة مستمرة ملفت، وحديث موح، فالنتاج الإبداعي لابد أن يكون موحياً ولافتاً للنظر، ومستقبلياً، ويخلق حالة من الخيال، وهذا يحتاج تكاتف الدولة والقطاع الخاص.

*لكي ننشئ مجتمعاً سليماً واعياً وراقياً، ولديه حس ثقافي، ماذا نحتاج؟

التربية الثقافية، منذ الطفولة، فلا بد من إعطاء الطفل جرعات فنية وثقافية من صغره، الأمر الذي يخلق شخصاً مؤثراً وداعماً للمجتمع في المستقبل.

*عملت مديرا للمركز الثقافي المصري في باريس، ثم مدير للأكاديمية المصرية للفنون في روما، ما أهم السمات الثقافية التي تميز البلدين؟

باريس عاصمة ثقافية بالدرجة الأولى، أما روما فهي عاصمة فنية من الدرجة الأولى، فالفرق بين كليهما أنه في باريس الثقافة أشمل وأبعد، لكن هناك فنانون إيطاليون على قدر عظيم من الإبداع، لا يوجد شك في أن فرنسا لديها أيضاً، لكن ليس بقدر روما، وفي التاريخ، سنجد أن الفن الإيطالي ساد كل المتاحف العالمية، فهناك فرق جوهري، في باريس ثقافة، وفي روما فن، لكن أهم ما يميز ثقافة فرنسا هو: الفلسفة، والانفتاح، وأن ثقافتها غير جامدة، فالثقافة لا بد ألا تكون جامدة، لا بد أن يكون بها نوع من الاكتشاف والمجازفة في التعامل مع الخيال.