الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

تزوير الكتب في مصر يثير قلق الكتّاب ودور النشر.. والحل في العقوبات الرادعة

لا يخلو أي حدث ثقافي دون الحديث عن أزمة تزوير الكتب في مصر، والتي تُكبد دور النشر خسائر فادحة وهو ما يضر بصناعة الكتاب بوجه عام، ويلجأ بعض مُحترفي التزوير لشراء الكتاب الأصلي من الناشر ثم القيام بطبعه بواسطة ما يُعرف بمطابع «بير السلم» وإعادة بيعه للجمهور بسعر أقل مما يعرضه الناشر الأصلي، بل تقوم بعض المطابع التي قد يكون الناشر أعطاها تفويضاً بالطباعة بإعادة طبع نسخ أقل جودة من الكتاب وبيعها حال كان الكتاب في قائمة «الأكثر مبيعاً» مُتجاهلة بذلك قوانين النشر وحقوق الملكية الفكرية.

ويرجع انخفاض سعر الكتاب المُزور عن الأصلي لأن جهة إصداره لا تتحمل أي التزامات مادية سوى سعر الطباعة، وهو ما لا يتجاوز 7 جنيهات، على عكس دار النشر الأصلية التي تتحمل حقوق المُؤلف والمُوزعين وتصميم الأغلفة وإخراج الكتاب، بالإضافة إلى مصاريف موظفي الدار والضرائب وغيرها.

وتباع الكتب المُزورة على أرصفة أهم شوارع القاهرة دون أية رقابة حتى إنها دخلت إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث أعلنت هيئة معرض القاهرة للكتاب والمُنعقد حالياً عن غلق جناح إحدى مكتبات «سور الأزبكية» بعد تأكيد شركة المصنفات الفنية وهي الجهة المنوط بها محاربة تزوير الكتب، وجود أحد الباعة داخل الجناح مُتهم بتزوير 50 ألف كتاب.

وبحسب ناشرين تحدثت الرؤية معهم فإنه لا حل لتلك الأزمة سوى بتغيير القوانين الخاصة بمحاربة تزوير الكتب والتي تكتفي بالغرامة فقط، والضرب بيد من حديد على منافذ بيعها.

دعم غير مباشر

إسلام بيومي مدير معرض القاهرة الدولي للكتاب يقول لـ«الرؤية» إن وزارة الثقافة المصرية تبذل ما في وسعها لدعم دور النشر لتلافي ما يتعرضون له من تزوير الكتب، وإن ما حدث من طرد لأحد مزوري الكتب من داخل المعرض رسالة لجميع المزورين بأن الدولة ممثلة بوزارة الثقافة لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يحدث.

ويُضيف: «قررنا إيقاف أحد المزورين داخل المعرض ومنعه من المُشاركة فيه نهائياً، لأن معرض الكتاب لا يقبل وجود شخص متهم بتزوير 50 ألف كتاب».

وتابع: «لا بد من تفعيل قانون لحبس مزوري الكتب وعدم الاكتفاء بالغرامات فقط، ولحين ذلك تقوم وزارة الثقافة بفروعها المختلفة بتقديم كتب مدعمة للقارئ لمحاربة ظاهرة التزوير، إضافة لدعم صناعة النشر في مصر وحركة البيع فمثلاً ترعى الوزارة معرض الكتاب بنسبة 70% وهو دعم غير مباشر للناشرين».

تفعيل «الباركود»

شوكت المصري عضو اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب يرى أن تفعيل خاصية «الباركود» هو أحد وسائل محاربة تزوير الكتب ووسيلة قوية للردع.

ويُضيف: «الدولة تُقدم كُتباً مُدعمة للقراء ويتجلى ذلك فيما تقدمه من كتب في فروع مختلفة لها بأسعار زهيدة، لكنها لن تجبر دور النشر الخاصة على خفض ثمن كتبها، لكن على سياق آخر فالدولة تعرض من خلال دار الكتب الأعمال الكاملة لصبري موسى أو المجموعة القصصية لمحمد مستجاب التي يتم عرضها هذا العام بـ80 جنيهاً فقط، وهو ما يمثل ثمن رواية واحدة في دار نشر خاصة، أعمال عفيفي مطر 28 كتاباً تُباع في فروع وزارة الثقافة بـ270 جنيهاً».

ويستطرد: «المشكلة تتمثل في تغيير ثقافة القارئ الذي يريد فقط الكتب الأكثر مبيعاً وبسعر زهيد وتلك ليست مشكلة الدولة، فالدولة تقدم عناوين كتب مميزة وبأسعار زهيدة».

مجرمين

أحمد سعيد عبدالمنعم صاحب منشورات الربيع يقول: «من يقومون بالتزوير هم مجرمون يضرون الصناعة بشكل كبير ويضرون الثقافة في مصر والتي تعتبر صناعة الكتاب أساس قوتها الناعمة، ولا بد أولاً من القضاء على المجرمين أولاً كخطوة أولى وتجفيف منابع التزوير، ثم نتحدث في خطوة تالية عن تغيير ثقافة القارئ تجاه الكتب المزورة».

دور اتحادات النشر

سامح فايز الكاتب والروائي يرى أن بعض القراء يلجؤون إلى الكتب الأكثر مبيعاً وهي في النهاية قليلة مقارنة بالكتب التي يتم قراءتها بشكل شرعي والموجودة على منصات مُتعددة.

ويُضيف: «في كل زمان وفي كل مكان هناك من يلجأ لطرق غير شرعية، وتطبيق القانون هو الرادع الوحيد، وفي مصر والدول العربية هناك ضرورة شديدة لتفعيل القوانين التي تواكب تغيرات صناعة الكتاب والثورة الهائلة في تكنولوجيا صناعة النشر ووسائط نشر الكتب والتي لا تقابلها قوانين مُنظمة، وإعادة النظر في عمليات التوزيع والتسويق والتي هي أيضاً في حاجة لرقابة شديدة من جانب اتحادات النشر المحلية والعربية».

إعفاء جمركي للورق

الكاتب والروائي ناصر عراق يرى أنه وبخلاف تغليظ العقوبة القانونية لا بد أن تكون هناك خطة من الدول لإيصال الكتب لكل مكان في الدولة ولا يقتصر توزيعه على المدن فقط.

وعن ذلك يقول عراق في حديثه مع الرؤية «إعفاء الورق من الرسوم الجمركية يساهم في خفض سعر الكتاب المُتأثر بارتفاع أسعار الكتب، إضافة لفتح السوق بين الدول العربية كي يمر الكتاب دون جمارك أو ضرائب تُسهم في زيادة سعره».