الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«بيت ستي» موقع أثري شاهد على حضارة غزة القديمة

في أحد شوارع حي الزيتون بمدينة غزة وتحديداً في زقاق الغلايني الشهير يقع واحد من أقدم منازل البلدة القديمة الذي يعود إنشاؤه إلى ما قبل أكثر من 4 قرون من الزمن وهو يحافظ على رونقه وأصالته ليحكي قصة واحدة من أقدم مدن العالم وهي مدينة غزة.

وتعتبر مدينة غزة القديمة من أقدم المدن المتجذرة في عمق التاريخ، تعاقبت عليها العديد من الحضارات، نظراً لموقعها الجغرافي المهم، ما ساهم في رسم طابع معماري خاص بها في كل حقبة تاريخية.

ويروي هذا البيت الأثري القديم الذي يطلق عليه السكان اسم «بيت ستي» حكايات وقصص عشاقها الذين سكنوه منذ قدم الزمن، فقد بني على هذه الطريقة المعمارية منذ زمن بعيد، ليبقى لوحة مسكونة بخطوات من مروا عليه عبر الزمن وأقاموا فيه.

وأكدت الباحثة في التاريخ والآثار نريمان خلة في حديثها لـ«الرؤية» أن هذا المنزل الأثري الذي يطلق عليه اليوم اسم «بيت ستي»، يعود للحقبة المملوكية والعثمانية.



وأكدت أن هذا المنزل يجاور بعض المباني الأثرية المعروفة كمسجد الشمعة المملوكي، إضافة إلى أن موقع البيت يقع في خارطة غزة الرومانية التي ظهرت على أرضية فسيفساء مأدبا والتي صنفت بأن في هذا المكان يوجد المسرح الروماني الكبير الذي كانت غزة القديمة تحتضن جنباته.

وقدّرت الباحثة في التاريخ مساحة المنزل بـ180 متراً مربعاً، مشيرة إلى أن عمره التاريخي يزيد على 4 قرون.

مزار تاريخي



وأوضحت الباحثة أنه يعود لنهايات الفترة المملوكية وبدايات الفترة العثمانية، مؤكدة أنه استمر قائماً متوارثاً لعائلات فلسطينية كانت تقيم بداخله حتى اليوم.

وأشارت إلى أن الواجهات الداخلية للمنزل تحتوي على بعض النقوش الزخرفية المعروفة في العمارة المملوكة والعمارة العثمانية.

وقالت خلة: «ملامح البيت الأثرية تظهر من مدخله، فبابه مَبنِي مُحيطُهُ من أحجار قديمة بارتفاع منخفض مقوس أعلاه، يتبعه دهليز صغير معتم إلا من إضاءة فانوس أضيف إليه مؤخراً».

وأضافت: «بالتوازي مع ملامح عظمة العمارة الإسلامية المنبعثة من مكونات البيت الإنشائية، فإن محتوياته الأخرى يفوح منها عبق التاريخ، كالسرج والتماثيل والنحاسيات والخشبيات والفخاريات وغيرها».

وأوضحت خلة أن البيت مبني من الحجر الصلب المختلط بالطين إضافة إلى الحجر الرملي والكركار، وهو مزخرف بنقوش عمارة إسلامية مملوكية وعثمانية على حد سواء.

وأشارت إلى أن الدخول إلى هذا البيت يتم عبر مدخل منكسر أو «دهليز» صغير يفتح على فناء البيت مباشرة كباقي المنازل الأثرية في غزة.

وأوضحت خلة أن المنزل مكون من طابقين، الطابق الأرضي والمكون من عدة غرف أو مرافق خدماتية كمطبخ وحمام و(مزيرة) وهي التي كانت تجمع فيها مياه الشرب للاستخدام داخل المنزل، مشيرة إلى أنه يوجد في الطابق الأرضي الساحة السماوية أو فناء المنزل.

وأكدت أن الطابق العلوي يتكون من عدة غرف يتم الوصول لها عن طريق درج رفيع إلى ساحة المنزل من الداخل.

وقالت خلة: «صمم تقسيم البيت من الداخل بما يناسب احتياجات السكان الذين كانوا يقومون فيه عبر فترات تاريخية مختلفة، فنجد أن هناك إيواناً يفتح عليه الغرف من الجانبين؛ هذه الغرف تفتح بأبواب على هذا الإيوان ولها نوافذ داخلية تفتح على فناء المنزل».

وأضافت: «تم تصميم هذا المنزل ليكون منزلاً صغيراً بالمقارنة مع المساحات الواسعة الأخرى التي نراها في البيوت الأثرية من حيث الاتساع، ولكنه كان يؤدي خدماته المخصوصة أو المنوطة به لدى السكان الذين كانوا يعيشون فيه».