الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

مدريد وقرطبة تحتفيان بالتجربة المسرحية لسلطان القاسمي

احتفت العاصمة الإسبانية مدريد، والعاصمة التاريخية للأندلس سابقاً قرطبة، بالتجربة المسرحيّة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث بحث «البيت العربي» في مدريد وقرطبة، بحضور نخبة من المثقفين والمبدعين الإماراتيين والإسبان، العلامات البارزة في النص المسرحي لحاكم الشارقة، والمرجعيات التي استند عليها في تقديم أحداث وتحولات تاريخية بدلالات ورؤى معاصرة.

جاء ذلك ضمن فعاليات البرنامج الثقافي الذي تنظمه «هيئة الشارقة للكتاب» بالتعاون مع «البيت العربي»، تحت عنوان «أيام الشارقة الأدبية» في كل من مدريد وقرطبة، انطلقت بحضور أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب؛ وماجد السويدي سفير دولة الإمارات لدى إسبانيا؛ وعبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث؛ وبشار ياغي، سفير الجامعة العربية في إسبانيا؛ وعدد من الشخصيات الدبلوماسية والرسمية والإعلامية في إسبانيا.

وجمعت «أيام الشارقة الأدبية» كلاً من الفنان الإماراتي أحمد الجسمي، والممثلة والباحثة المسرحية لولا بوتيلو، والكاتبة والمسرحية الإسبانية جوليتا سوريا، في جلستين عقدتا في «البيت العربي»، في كل من مدريد وقرطبة، أدارهما الإعلامي محمد ماجد السويدي، وشهدتا عرض تقرير مصور حول أبرز أعمال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وأولها مسرحية «عودة هولاكو»، وما تلاها من أعمال مثل «النمرود»، و«الواقع صورة طبق الأصل»، و«القضية»، و«الإسكندر الأكبر»، و«شمشون الجبار»، و«داعش والغبراء»، وآخر أعماله «كتاب الله».

وقال أحمد الجسمي: «إن المتتبع للأعمال المسرحية لصاحب السمو حاكم الشارقة يجد أنها في مجملها تستثمر التاريخ في صياغة مسرحيات تصلح لكل زمان ومكان، وكأنها تتبنى مقولة إن الزمان يعيد نفسه في كل أعماله التاريخية، فالأحداث على مر العصور وإن اختلفت الأشكال والأسماء والتفاصيل هي ذاتها، والمهم هو أخذ العبرة منها وعدم تكرار الأخطاء التي تسبب الفوضى والدمار للأمم».

وأضاف الجسمي: «وما يميز أعمال سموه، تلك اللّغة المسرحية الرائعة التي تنم عن معرفة وإلمام كبيرين بوقع الكلمة وأهميتها ومدلولاتها اللفظية والمعنوية، فالسطور التي تكتب بين السطور جلية، والمعاني الظاهرة والباطنة واضحة، والحوارات المسرحية سلسة والانتقال من مشهد إلى مشهد آخر بارع، وقد جسدت أعماله إيمان سموه بالمسرح وعشقه لهذا الفن».

وعن تجربتها في دراسة مسرحيات حاكم الشارقة، قالت لولا بوتيلو: «أعجبتني كثيراً المسرحيات التي قرأتها بالإسبانية لصاحب السمو حاكم الشارقة، إذ وجدتها ملتزمة جداً، وتعكس معرفة وثقافة واسعة، وتطرح الكثير من القضايا والأسئلة المتعلقة بالإنسان وتجربة وجوده، لهذا أنا سعيدة جداً بالفرصة التي أتاحتها لي هيئة الشارقة للكتاب للمشاركة في (أيام الشارقة الأدبية)».

وأضافت: «عندما قرأت مسرحيات صاحب السمو حاكم الشارقة، وأجريت مقارنات بينها وبين بعض المسرحيات الإسبانية، وجدت وجه شبه كبير، يتجلى في الاهتمام بمراجعة التاريخ والتفكير في الحاضر وإمكانية رسم مستقبل أفضل، وهو ما أعادني للمسرح النقدي والتاريخي في إسبانيا حيث تظهر تجارب مشابهة كثيرة في الأسلوب والأهداف، وتنشغل مجملها في الانتصار للإنسان والإنسانية وتنبذ العنف والعنصرية والظلم».

وتابعت: «من أجمل ما لفتني في مسرحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي موضوع الحروب ومآسيها، وهي مواضيع تم تناولها بشكل كبير في مختلف الفنون، وأعتقد أنه يجب على الجميع قراءة ورؤية المعالجة المسرحية التي قدمها سموه لمواضيع تؤرق العالم مثل الإرهاب»، ووجهت في ختام حديثها دعوة للمسرحيين الإسبان والعرب للعمل معاً، وفتح مجال للتعرف على الأدب العربي.

بدورها قدمت الكاتبة جوليتا سوريا دراسة قاربت فيها ما بين المسرح الإسباني ومسرح سلطان القاسمي والقضايا الإنسانية والتاريخية المشتركة، وأشارت إلى أن الحوارات في أعمال سموه المسرحية تمتلئ بالفلسفة والأفكار التي تنادي بالحرية والعدالة وتستحضر الرموز والتاريخ كما في «النمرود» و«الحجر الأسود»، وأنها تشترك مع بعض أعمال المسرحيين الإسبان في هذا المنحى.

وتطرقت جوليتا سوريا إلى وجود مشترك إنساني في مسرحيات صاحب السمو حاكم الشارقة بتركيزها على ظلم الحروب، وغيرها من الموضوعات التي تحضر في المسرح الإسباني، بما فيها استدعاء الإشارات المرجعية التي تتقاسمها الثقافات وموضوعات الذاكرة التاريخية والميثولوجيا، وأوضحت أن ما لفت انتباهها في مسرحيات سموه هي مجموعة التأملات في الأزمات السياسيّة والصراعات الاجتماعية.

دعم المسرح الإماراتي والعربي

وفي سياق الحديث عن دور صاحب السمو حاكم الشارقة في دعم المسرح الإماراتي والعربي، أشار الفنان أحمد الجسمي إلى أن المسرح الإماراتي والعربي في عصره الذهبي بفضل دعم صاحب السمو حاكم الشارقة وحبه للمسرح، وقال: «يوجد مهرجانات مسرحية عربية تقام بدعم كريم من صاحب السمو حاكم الشارقة تحت مظلة الهيئة العربية للمسرح التي تأسست بتوجيهات من سموه».

وتطرق إلى الكلمة التي ألقاها صاحب السمو حاكم الشارقة عام 2007 في اليونسكو بباريس بمناسبة يوم المسرح العالمي، مشيراً إلى أن سموه أخذ معه في رحلته مسرحيين من كل الدول العربية وكان الحدث مناسبة للقاء المسرحيين وأثمر نتائج مذهلة، ومنها اقترح سموه إنشاء الهيئة العربية للمسرح في الشارقة.

وتوقف المتحدثون عند الحضور الذي حققته أعمال صاحب السمو حاكم الشارقة على مستوى العالم، إذ عُرضت أعمال صاحب السمو بلغات عدة على مسارح عالمية في كل من السويد، ومدريد، ورومانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وموسكو وغيرها من البلدان المعروفة بعراقة مسارحها.

واستعرض المتحدثون أهمية ترجمة الأعمال المسرحية لصاحب السمو حاكم الشارقة إلى الإسبانية، حيث أشاروا إلى العلاقة التي تجمع اللغة العربية والإسبانية وما يمكن أن تشكله ترجمة النص المسرحي إلى الإسبانية من إضافة وتأكيد على حجم التبادل الثقافي بين العرب والإسبان، وفي الوقت نفسه تعزز من حضور أعمال صاحب السمو في البلدان الناطقة بالإسبانية بأوروبا وأمريكا اللاتينية وغيرها من البلدان، إذ تعد الإسبانية اللغة الرسمية لـ22 دولة في العالم وينطق بها 567 مليون نسمة حول العالم.

وحول هذا الاحتفاء، وما تشهده مدريد وقرطبة من فعاليات «أيام الشارقة الأدبية»، قال أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب: «إن الأمم والشعوب تلتقي في الكثير من محطاتها التاريخية، وتتشابه في الكثير من مرتكزات هويتها الأصيلة، والكتب وحدها هي القادرة على كشف هذا المشترك، والتأصيل له، وحمايته ليكون أساساً لمزيد من العلاقات ومزيد من التعاون. انطلاقاً من ذلك، نمضي في هيئة الشارقة للكتاب بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في مد جسور التواصل مع المؤسسات النظيرة في العالم، مؤمنين بأن الثقافة هي أعمق وأمتن الصلات التي تجمع شعبين، وثقافتين، وتؤسس لمستقبل أكثر تحضراً وريادةً وارتقاءً».

وأضاف: «الاحتفاء العالمي بالتجربة المسرحيّة لصاحب السمو حاكم الشارقة، يتجدد عاماً تلو آخر في مختلف بلدان العالم، واليوم يحمل احتفاء كل من مدريد وقرطبة بما قدمه وأضافه صاحب السمو للمسرح العربي والعالمي، دلالات عميقة وكبيرة تكشف حجم العلاقات التاريخيّة والراهنة التي تجمع العرب بالإسبان، وفي الوقت نفسه تؤكد عالميّة الخطاب الذي كرسه صاحب السمو حاكم الشارقة، وإنسانيّة القيم والرسائل التي ينطلق منها».

بدوره أكد ماجد السويدي، السفير الإماراتي في إسبانيا، أهمية العمل الدؤوب الذي تقوم به هيئة الشارقة للكتاب في تشجيع حركة الترجمة من خلال رعايتها لمشروعات الترجمات العالمية المتميزة والمعنية بالإصدارات العربية، وعلى رأسها مجموعة مؤلفات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي ترجمت للغة الإسبانية وتم إهداؤها إلى المكتبة الإسلامية للوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية الإسبانية.

وقال: «إن العلاقات الثقافية بين إسبانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة تقوى يوماً بعد الآخر، فهناك علاقات ثقافيّة وثيقة بين المؤسسات والمتاحف في البلدين، والشارقة تقود جهوداً كبيرة في هذا الجانب، وحضورها يمتد على مستوى المنطقة والعالم».

وقال بشار ياغي، سفير الجامعة العربية في إسبانيا: «تشرفت اليوم بالتواجد في البيت العربي لمتابعة هذه الأمسية العظيمة حول ما تقوم به الشارقة بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وأشعر بالفخر والاعتزاز أنني أشهد هذا التحول الكبير في تقديم العمل الثقافي العربي إلى إسبانيا وغيرها من دول العالم».

وأضاف: «الشارقة بدأت خطوات فعالة في الحوار الثقافي مع الآخر وما زالت تقود هذا المشهد عربياً، ونحن نتساءل: ماذا تنتظر من إمارة يحكمها مثقف كبير وأحد أهم وأبرز الأدباء العرب؟، ونجيب: ننتظر العمل الكبير، والحامل للخير، والهادف لتطوير العلاقات ورفعها إلى مستوى يليق بالأمة العربية».

وأشار ياغي إلى أن قيادة دولة الإمارات وحكامها نجحوا في استكمال ما بدأه المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أكد أن الثقافة هي رهان حضاري، فباتت الإمارات واحدة من البلدان التي يفخر العرب بما تقدمه من نموذج للتقدم والمحبة والرقي.