الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

مطر بن لاحج: متحف المستقبل.. إبداع اللقاء بين أصالة الحرف ومعاصرة الفضاء

مطر بن لاحج: متحف المستقبل.. إبداع اللقاء بين أصالة الحرف ومعاصرة الفضاء

مطر بن لاحج

وصف الفنان والنحات الإماراتي مطر بن لاحج، مشاركته في تصميم متحف المستقبل، بفرصة العمر التي أدخلته التاريخ من أوسع أبوابه، مشيراً إلى أن خبراته المتراكمة على مدى سنوات، في النحت والهندسة والتصميم، شكلت علامة فارقة لاختياره لإنجاز المشروع من بين أساتذة وعمالقة الخط العربي.

وقال الفنان الإماراتي في حواره مع «الرؤية» إنه راعى في التصميم أن يكون بمثابة نقطة تلاقي الخطوط العربية والأشكال الهندسية، بحيث يكون الخط العربي بأشكاله المستلهمة من أقوال صاحب السمو محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بمثابة الروح للمبنى.

وأكد الفنان الإماراتي الذي شارك في إنجاز أجمل مبنى على وجه الأرض، أن استخدام الخط العربي في تصميم واجهة المتحف ساهم في كسر العصرنة الظاهرة على المجسم الخارجي من خلال استحضار الأصالة المتجسدة في الحرف العربي.

وشدد بن لاحج على إيمانه بأن الفنان طير حر، عليه أن يحلق هو وإبداعاته بحرية خارج جدران المتاحف والغاليريهات الفنية، منوهاً بإمكانية تطويع الفنون ومجالاتها المختلفة في استخدامات الحياة، مشيراً إلى أنه مع أي خطوة تساهم في تطوير المشهد الفني والانتقال للحداثة وترسيخ استخدام التكنولوجيا مثل استخدام تقنية الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs في الفن، لكنه شدد على ضرورة الحفاظ على الهوية الأساسية للفن.



حدثنا عن تصميم متحف المستقبل ومصدر استلهامك؟

راعيت في تصميم واجهة المتحف أن تجسد نقطة تلاقي الخطوط العربية مع الأشكال الهندسية، مع وجوب التعامل بشكل احترافي هندسي وفني مع الشكل المنحني بحيث يكون الخط العربي بأشكاله ومعانيه المستلهمة من أقوال صاحب السمو محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بمثابة الروح للمبنى.

ولا شك أن للخط العربي جماليات استثنائية عبر حروفه التي تجعله الأكثر انسيابية وثراءً جمالياً وتطويعاً من بين لغات العالم أجمع، الأمر الذي ساعدني على تصميم لوحات فنية مبتكرة، تكسر العصرنة الظاهرة على المجسم من خلال استحضار الأصالة المتجسدة في الخط العربي.

ولا أخفي عليك أنني وجدت صعوبة كبيرة في وضع الخط وتنسيقه على المجسم لأنها عملية تتطلب دقة وتوازناً وصبراً، وأحمد الله أن خبرتي في العمارة والتصميم ومعرفتي بالعلاقة بين الكتلة والفراغ، ساعدتني كثيراً في إنجاز هذا العمل.

وحقيقة لم أرَ المجسم سهلاً منذ البداية، لكن كان الخط العربي بمثابة الروح التي نالها المبنى، وبالفعل كان تطبيق الخط على هذا المجسم من أصعب الأعمال الفنية التي أنجزتها.

وبالطبع لم أصل إلى هذا الشكل من الحروفيات التي زينت إلا بعد أن درست متحف المستقبل ومفهوم تصميم بنائه، فهو عبارة عن مركبة فضائية تسير في عام 3000 ميلادية، الأمر الذي دفعني إلى محاولة إبراز هويتنا وموروثنا الأساسي باللغة والخط العربي، وهي لغة القرآن التي نعتز بها والتي منحتنا قيمة فريدة على مر السنوات.

ولا شك أن كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ساعدتني في تخيل الشكل الذي يجسد مركبة فضائية تنتقل عبر العصور والسنوات وتحمل معها اللغة والهوية العربية.

هل راودتك فكرة تطبيق أعمالك النحتية ونقلها لتصميم معماري عالمي كمتحف المستقبل؟

لا شك أن رحلة الفنان تكون دائماً مليئة بالمحطات، التي لا يصنعها المبدع لنفسه، بل يمنحها له الله عز وجل، لكن على الفنان أن يقدم عطاءات تقنع الآخرين، وأن تكون لديه نسبة وعي بتطوير ذاته حتى يصل لمستوى الاحتراف في مجاله.

لذلك الخطوط التي عملت على بنائها في مسيرتي الفنية خلال السنوات الماضية بين الرسم والنحت والبناء والتصميم وغيره، تأصلت بشكل احترافي، ولما أتت فرصة متحف المستقبل لم أكن في مرحلة بدائية في مجالي أو جاءت وأنا لا أمتلك حيز وطاقة التنفيذ، بل كنت في قمة الاحترافية في مجال التصميم وتطوير الأعمال الفنية، الأمر الذي ساعدني على التجاوب مع عمل ضخم مثل متحف المستقبل.

ماذا عن التحديات التي واجهتك في تطبيق التصميم بشكل واقعي؟ هل كنت على اطلاع مع فريق العمل بالبناء وغيره؟

كان لدي استعداد لترجمة الأعمال الفنية لعناصر ضخمة كهذه، وأعتبر تصميم غلاف المبنى تجربتي الأولى من نوعها، وكانت تحدياً بالنسبة لي، فالكثير اعتقد أنني صممت على الورق، في حين نفذ وطبق فريق عمل آخر التصميم، وهذا غير صحيح.

عندما وقع الاختيار عليّ كانت هنالك مجموعة من أساتذة الخط العربي الكبار، إلا أنهم لم يتجاوبوا مع الشكل المعماري للخط العربي، فلا ننسَ أن تصميم البناء مختلف كونه يتضمن زوايا ضخمة وانحناءات كثيرة تحتاج لدقة في النظرة الفنية التشكيلية والنظرة الهندسية مع معرفة بمجال العمارة والبناء ومجال التوزيع الضوئي وبناء الكتلة وغيره، والتي خضت في جميعها تجارب سابقة خلال شركات عائلية خاصة.

وحقيقة اعتدت التصميم حتى بناء الكتلة، ولا تنسَ خبرتي كنحات أبدأ التصميم من الورق إلى البناء الواقعي.

ولا شك أن متحف المستقبل عمل ضخم يحتاج لفرق عمل كثيرة، لذلك احتاج إلى خطوات عديدة بداية من التصميم اليدوي للخط، ومن ثم نقله لبرامج التصميم على الكمبيوتر، ثم آلات التقطيع المعتمدة على البرامج، انتهاء بإلصاق الكلمات بصورة جمالية متشابكة فنياً، الأمر الذي يتطلب أن يمتلك الفنان نظرة تكاملية، وأن يتابع ويشرف وبدقة على كل مراحل تنفيذ العمل.



كم احتجت من الوقت من أجل التخطيط والتنفيذ؟

استغرقت عملية التصميم على الورق والأجهزة ما يقارب 4 شهور حتى بدأت الفكرة تدخل حيز التنفيذ.

ما الذي تعنيه لك المشاركة في تصميم عمل محلي بنكهة عالمية؟ هل تعتبره نافذتك نحو العالمية، وهل سيبعدك عن الغاليريهات الفنية؟

حقيقة، يمكن اعتبار مشاركتي في تصميم متحف المستقبل، المحطة الأهم في حياتي الفنية، فلا شك أنني محظوظ كوني حصلت على هذه الفرصة، وهو أمر ليس بغريب على بلادي التي اعتادت أن تقدم الفرص لأبنائها، ولكن هي فرصة غير لأنها جعلتني أدخل التاريخ من أوسع أبوابه، الأمر الذي حملني مسؤولية كبيرة.

وبالطبع كنت وما زلت مستعداً للدخول في مشاريع أخرى مشابهة لتطويرها وغيره، فلدي مشروع في قصر الوطن، وعدد من الوجهات السياحية المحلية بالإمارات وخارج الإمارات كذلك، فبعد هذا الإبهار كلما صادفت مشروعاً جديداً، سأعتبره بمثابة نقلة جديدة ولا يمكنني العودة للوراء.

وأنا أرغب في التواجد بكل مكان، وأكون حراً كالطير، ومؤثراً على مدى التاريخ. حقيقة، الآن أرى أن الفضاءات الفنية أصبحت أكثر اتساعاً من مساحة الغاليريهات الفنية.



كيف وقع الاختيار عليك من بين فناني الإمارات لتصميم المتحف؟

علمت بعد إنجازي للمشروع، أنه كان هناك أساتذة من عمالقة الخط العربي، إلا أنهم لم يتمكنوا من تحويل الخط للمجسم، ولما وقع الاختيار من المجلس جاء وفقاً لما قدمته بالمجال، وجعلني الأنسب لهذه المهمة.

ما سر استخدامك لخط الثلث بالتصميم؟

خط الثلث من الخطوط المقروءة وصعوبة تنفيذها في آن واحد، وتعتبر الأكثر أصالة وجمالاً بين الخطوط، ويعبر عن قبول كل المجتمعات والعصور، ناهيك عن إحساسي وإيماني بأن اللغة العربية ستتسيد الموقف بأحد الأيام، وستصل للمستقبل.

حدثنا عن مشاريعك القادمة بعد النجاح الذي حققته في متحف المستقبل؟

هنالك سلسلة من المشاريع التي أعمل عليها خارج الدولة، ولكن سيتم الإفصاح عنها لاحقاً فور الانتهاء منها، بالتعاون مع الجهات المعنية فيها، إضافة إلى مشاريع داخلية محلية، منها: مشروع بيت مطر الذي يشرح رحلتي الفنية منذ بداياتي بالفنون حتى اليوم.

ويختزل بيت مطر كل شيء وسأستعرض مسودات رسم لأعمال شهيرة قدمتها سابقاً، مع توقعاتي المستقبلية، والذي سيكون في أحد بيوت جميرا التي قمت بتطويرها وسيتم افتتاحه بعد 3 شهور بإذن الله.

ما رأيك في انتشار الفنون الرقمية والرموز غير القابلة للاستبدال NFTs؟

أعتبر نفسي أحد الفنانين الذين قدموا أعمالاً فنية من هذا النوع، وأنا أؤيد التطور والانتقال للحداثة والتصورات الجديدة والتكنولوجيا، لكن علينا الحفاظ على القاعدة الأساسية للفنون، حتى لا نحمل الرموز غير القابلة للاستبدال أي هبوط فني، وعلينا التذكر جيداً أنه مجال تجاري بحت وليس مجالاً فنياً من الأساس.