السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

عبدالرحيم كمال: كتابة «جزيرة غمام» أشبه بالسير على الحبال!

وصف الكاتب والسيناريست المصري عبدالرحيم كمال، حالته أثناء كتابة مسلسل جزيرة غمام الذي ينافس على كعكة المشاهدة في الماراثون الرمضاني الحالي، بأنه كمن كان يسير على الحبال، حيث يحفل العمل بالكثير من الإحالات والمعاني الدينية والسياسية التي يمكن أن يساء تأويلها.

وأكد الكاتب المصري في حواره مع «الرؤية» أنه لم يكن يخطط لظهور هذا العمل في رمضان 2022، لكن عقد العمل هو ما دفعه إلى كتابته بعد أن شرع في كتابة حلقتين من مسلسل، لكنهما لم ينالا استحسان زوجته، الأمر الذي دعاه إلى إعادة التفكير في اللجوء إلى استكمال مشروع جزيرة غمام الذي كان مشروعاً مؤجلاً لكنه كان قد اختمر في ذهنه.

واعترف كمال بأنه كان محظوظاً بكوكبة النجوم التي شاركت في العمل، منوهاً بأنهم ليسوا فقط مواهب عظيمة، حيث إنهم من النوع الذي يؤمن بأهمية النص ويحترمون الفن ويقدرون بعضهم البعض، كاشفاً عن أنه كان قد اختار أحمد أمين لأداء دور الشيخ عرفات، منذ أن شرع في كتابة العمل رغم اشتهار أمين بأداء الأدوار الكوميدية.

ولفت مسلسل «جزيرة غمام» أنظار المشاهدين منذ حلقته الأولى بقصته وشخصياته وعالمه المختلف، الذي يقع على حدود الواقع والخيال، كما لفت الانتباه بنصه وحواره وفريق الممثلين وتصويره وموسيقاه.

وبمرور الأيام بات واضحاً أنه واحد من أفضل الأعمال الدرامية في شهر رمضان الحالي، إن لم يكن أفضلها على الإطلاق.



في البداية كيف جاءت لك فكرة «جزيرة غمام»؟

حقيقة لم أكن أخطط لظهور دراما جزيرة غمام في الماراثون الرمضاني لهذا العام. في البداية تعاقدت مع الشركة المتحدة على كتابة عمل جديد، وبدأت بالفعل في كتابة حلقتين منه، عرضتهما على زوجتي لتقرأهما، لكن المفاجأة أن ما كتبته لم يعجب زوجتي وقالت لي إنه يشبه أعمالاً أخرى كتبتها.

حقيقة لم أتقبل وجهة نظرها في البداية، ولكن بعد أن أعدت قراءة ما كتبته أدركت أنها كانت، كالعادة، على حق. فقررت ألا أستمر واتصلت بالشركة لأعتذر عن العمل وعن وجود مسلسل لي هذا العام.

لكن الشركة أخبرتني أنني وقعت عقداً بالفعل، وعليّ أن حاول أن أكتب شيئاً آخر. تذكرت أن لدي مشروعاً كان قد اختمر في رأسي منذ سنوات بعنوان «جزيرة غمام» كنت قد كتبت له معالجة أولية وأجلت الشروع في كتابته أكثر من مرة حتى يحين الوقت المناسب.

عرضت فكرته على الشركة فوافقت عليه. والحقيقة أن العمل راح يكتب نفسه، فقد انتهيت من كتابة الحلقة الأولى في يوم واحد، وراحت المشاهد والحلقات تتوالى بسرعة بعد ذلك.

الكثير يعتبر سر تميز هذا العمل هو السيناريو الذي كتبه عبدالرحيم كمال..

أعتبر نفسي محظوظاً بفريق الممثلين الذي ظهر بشكل مدهش في «جزيرة غمام»، طارق لطفي، مي عزالدين، رياض الخولي، محمود البزاوي، محمد جمعة، وفاء عامر، وغيرهم، والمدهش أحمد أمين الذي جسد دور الشخصية الرئيسية، الشيخ عرفات.

كان أمين في ذهني منذ أن شرعت في كتابة شخصية عرفات، لكن قيل إن لديه ظروفاً عائلية وأنه مشغول بعمل آخر، وحدث أن تم ترشيح نجوم آخرين للدور، ورفضوه، فتشجعت واتصلت به ووافق على الفور بعد أن تحدثت معه عن العمل.

كذلك يقدم طارق لطفي في شخصية خلدون دوراً مختلفاً عن معظم ما قدمه من قبل، والطريف أن لطفي كان متعاقداً بالفعل على لعب دور بطولة في مسلسل آخر، ولكن بمجرد أن سمع أنه كان مرشحاً لهذا العمل أصر على لعب الدور واعتذر عن عدم المشاركة في العمل الآخر حتى يتفرغ تماماً لشخصية خلدون.

هل حدث وأن طلب أحد نجوم العمل زيادة مساحة دوره؟

في البداية أود أن أؤكد أن النص من دون ممثلين يظل كتاباً صامتاً وقد كنت محظوظاً للغاية بهؤلاء الممثلين الكبار، فهم ليسوا فقط مواهب عظيمة، ولكنهم من النوع الذي يؤمن بأهمية النص ويحترمون الفن وبعضهم البعض.

لم يحدث إطلاقاً أن طلب أحدهم زيادة مساحة دوره أو أن قارن نفسه بمساحة ممثل آخر. رياض الخولي، مثلاً، له مساحة أكثر من أي شخصية أخرى، وهذه طبيعة العمل والنص، ولم يحدث أن أبدى أي من الممثلين ملاحظة على ذلك.





هل اضطررت لإدخال بعض التعديلات على النص أثناء التصوير؟

لا شك أن دراما رمضانية كثيرة تعاني من بعض العادات السيئة، مثل الكتابة والتصوير حتى اللحظات الأخيرة، باستثناءات نادرة للغاية منها «جزيرة غمام»، حيث كنت قد انتهيت من كتابة 24 حلقة قبل بداية التصوير، وهذا شيء نادر بالطبع هذه الأيام، وهذا الأمر أتاح لي بالطبع مراجعة ما كتبته وأن أدخل بعض التعديلات مبكراً، كما أعفانا من ضغط الوقت والاضطرار إلى كتابة شيء لا يرقى للمستوى المطلوب. ومن ناحية ثانية فقد وفرت لنا الكتابة المبكرة إمكانية أن نعمل بشكل احترافي، فعقدنا «بروفة ترابيزة» (قراءة مشتركة بين الممثلين والمخرج والمؤلف قبل التصوير) بعد كتابة 7 حلقات، ثم «بروفة» أخرى بعد كتابة 13 حلقة، وبروفة ثالثة، الأمر الذي ساهم في توفير جو من التفاهم والكيمياء بين الممثلين والمخرج وفريق العمل.

وحقيقة لقد كنت محظوظاً بالعمل مع حسين المنباوي ولم أكن أعرفه قبل ذلك، ولكنه أبهرني، والحقيقة أن هناك توفيقاً كبيراً حدث بين عناصر العمل التي تجمعت وتوافقت بشكل تلقائي.

يحفل «جزيرة غمام» بإحالات ومعانٍ دينية وسياسية عادة ما يساء تأويلها، فهل تملكك بعض المخاوف أثناء العرض؟

حقيقة كنت أسير على الحبل أثناء الكتابة، خاصة أن هناك إحالات لنصوص وشخصيات دينية، ورجال دين وشيوخ وشخصيات أخرى على النقيض قتلة وقوادين وعاهرة، وهناك حساسيات كثيرة تجاه الموضوعات والشخصيات هذه الأيام، ولكن مرت الأمور بسلام، والجميع تقبل العمل وشخصياته بحب بداية من الإنتاج إلى الرقابة وحتى الجمهور.

وكيف كانت ردة فعل الجمهور مع توالي عرض حلقات العمل؟

حقيقة أدهشني رد فعل الجمهور بالفعل، فقد كنت أخشى من أن العمل فلسفي ولا يحتوي على العناصر الجماهيرية، فليس هناك أكشن أو أحداث عنيفة أو كوميديا، ولكن استقبال العمل من الجمهور العادي أكد لي أن الناس أذكى وأنضج مما يشاع عنهم بكثير. وأنا سعيد جداً لأن رهاني على الجمهور كان رابحاً، كما حدث معي عدة مرات من قبل.

يحمل العمل نوعاً من الإيمان الصوفي العميق، ويعلي من قيمة الحب والتسامح والزهد، والبعض ربط بين العمل وميلك للصوفية..

في المسلسل لم أنحز إلى الصوفية في المطلق، لأنني أدرك أن الصوفية مثل كل المذاهب تضم الصالح والطالح، وبالمناسبة الشخصيات الثلاث عرفات ويسري ومحيي صوفيون، ولكنهم مختلفون عن بعضهم تماماً. ولذلك المعيار هنا هو الإنسان وقلبه وسلوكه وليس مذهبه.