الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

«تريندز» يودع «أبوظبي للكتاب» بمناقشة «دور الأديان في تعزيز السلام العالمي»

«تريندز» يودع «أبوظبي للكتاب» بمناقشة «دور الأديان في تعزيز السلام العالمي»

جانب من ندوة حوار الأديان في جناح تريندز.

أنهى مركز تريندز للبحوث والاستشارات مشاركته في النسخة الـ31 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي أقيم خلال الفترة من 23 إلى 29 مايو الجاري في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، إذ أثرى فعاليات المعرض بطيف واسع من الندوات والمحاضرات والجلسات النقاشية وتدشين الإصدارات الجديدة وتوقيع اتفاقيات تعاون، مختتماً بحلقة نقاشية بعنوان: «دور الأديان في تعزيز السلام العالمي»، استضافتها، أمس الأحد، منصة الشباب في المعرض.

وأكد فقهاء وعلماء دين ومفكرون مشاركون في الحلقة النقاشية، أن العالم بحاجة إلى قيام علماء الدين وممثلي الأديان بدور أكبر لتعزيز قيم التسامح والتعايش بين أتباع الديانات المختلفة ونشر السلام وتقبُّل الآخر، مشددين على ضرورة تعزيز الحوار الديني القائم على منطق التعارف والتعايش انطلاقاً من القيم الإنسانية المشتركة، واستناداً إلى القيم الدينية الأصلية التي تدعو إلى الانفتاح على العالم بشكل استيعابي يتقبل الآخر وينفتح عليه.

وأشار المشاركون في النقاش، الذي أداره عبدالله بن مترف الباحث الرئيسي في إدارة البحوث والدراسات في «تريندز»، إلى أن علماء الدين وفقهاءه يتحملون مسؤولية كبيرة في مواجهة العنف المدفوع بالتطرف الديني ومحاولات إساءة استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية أو فئوية، ويحتاج هؤلاء إلى التعبير عن معارضتهم لأي ممارسات أو أيديولوجيات يتم من خلالها تشويه الدين ومبادئه المقدسة ومحاولة استغلالها بأي وسيلة تهدد السلم الأهلي داخل المجتمعات، والسلام العالمي الأوسع نطاقاً، وإبراز الوجه المتسامح للأديان كافة.



تعزيز السلام والتعايش

واستهل الحلقة النقاشية الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، حيث ألقى الكلمة الترحيبية، وقال فيها إن الحلقة النقاشية تأتي بالتزامن مع اليوم الدولي لحفَظَة السلام الذي يوافق 29 مايو من كل عام، ويتم فيه الاحتفاء بالرجال والنساء القائمين على عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام.

وتابع: "ولا يكتمل الحديث عن حفظ السلام العالمي من دون الحديث عن الدور المحوري والرئيسي الذي يقوم به علماء الدين في توضيح المقاصد السمحة للأديان كافة، وتعزيز أجواء التسامح والسلام والحوار البناء والتعايش بين أتباع هذه الديانات".

وذكر أن العالم اليوم بحاجة ماسة إلى كل جهد صادق يسعى إلى تعزيز القيم الإنسانية النبيلة التي تحض عليها الأديان كافة، وهي قيم التعايش والتعاون والتسامح، في ظل ما يشهده العالم من تصاعد خطير في نزعات التطرف وخطابات الكراهية، المبنية على تفسيرات وتأويلات خاطئة ومشوّهة لتعاليم الأديان، من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية من مختلف الانتماءات، والتي لا تدخر جهداً لإحداث الصدام الذي تنشده بين أتباع الديانات المختلفة.

وأضاف الدكتور العلي: «على الرغم من الخطوات المهمة التي تم اتخاذها لتعزيز الحوار بين الأديان، وقطع الطريق أمام دعاة التطرف والإرهاب لتشويه تعاليمها السمحة، ولا سيما توقيع وثيقة الأُخوّة الإنسانية التاريخية على أرض دولة الإمارات، فإن الحاجة تظل قائمة لقيام علماء الدين وممثلي الأديان بدور أكبر لتعزيز قيم التسامح والتعايش بين أتباع الديانات المختلفة، بما يضمن تحقيق الهدف الذي نصبو له جميعاً في السلام والتنمية والرخاء».



الحوار بين الأديان

وافتتح محاور الحلقة النقاشية الشيخ العلامة عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة - رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، حيث تناول في حديثه «الحوار بين الأديان كأساس للسلام العالمي»، مؤكداً أن دور المجتمعات الدينية برز في العقود الأخيرة من خلال عملها الدؤوب لإيجاد فرص للسلام وذلك من خلال جهود نظرية وعملية، أما النظري منها فيتعلق بتأكيد دعوة الدين إلى السلام وأن الدين في أصله دعوة للسلم، ولكن الحروب في القرن الأخير، وخاصة الحربين العالمية الأولى والثانية، لم تكن دينية أو من منطلق ديني، بل كانت حروباً استراتيجية.

وتابع: «هكذا قامت القيادات الدينية من مختلف الأديان بجهود لتبرهن على أن الدين قوة سلام، من خلال العودة إلى نصوصهم المقدسة ليستثيروها، وإلى تراثهم ليستمدوا منه الأسس المتينة للتسامح والتعايش ويستلهموا النماذج المضيئة التي يسهم إحياؤها في إرساء قيم الخير والسلام في نفوس أتباع تلك الديانات، عن طريق التأويل الملائم للزمان والمكان ومصالح الإنسان».

وأكد أن هذه القيادات انتهضت في الآن نفسه للكشف عن المشتركات بينها لتستبعد الحروب والصدام فيما بينها، تلك المشتركات التي تصون كرامة الإنسان وترفع من شأنه، من خلال العناية بما نسمّيه في الإسلام بالكليات الخمس، وهي الدين والحياة والعقل والملكية والعائلة، والتي تعتبر أساس المشترك الديني بين كل الشرائع والملل.

وأشار الشيخ العلامة إلى أنه من أبوظبي عاصمة التسامح كانت الحركة حثيثة وقوافل السلم سائرة ودروب السلام سالكة في كل الاتجاهات، فأصبحت هذه المبادرات واقعاً في عالم اليوم، وأصبح للدين ولقياداته دورهم الإيجابي، فلم يعد من الغريب ولا المستغرب أن تُرى القيادات الدينية من مختلف الأديان مجتمعة على بساط القيم ومشتركات الفضائل، ولا شك أن الحوار والتعاون بين أتباع الأديان أمر مُلِحٌ، وخصوصاً في عصر تمازجت فيه الحضارات وتزاوجت فيه الثقافات واشتبكت فيه المصالح والعلاقات وأصبح مصير البشرية مشتركاً وضرورة لا يخطئها البصر ولا تنبو عنها البصيرة.





مواجهة نزعات التطرف

أما الحاخام الدكتور إيلي عبادي، كبير حاخامات المجلس اليهودي الإماراتي، فتحدث عن «ما الذي يجب على علماء الدين وفقهائه فعله لمواجهة نزعات التطرف المتزايدة عالمياً؟»، مؤكداً أنه منذ سنوات عديدة تعايشت الأديان بشكل مثالي في الأندلس في جو من التسامح، حيث سُمح لأصحاب الأديان السماوية بالعمل معاً، كلٌ في محيطه في حوار بناء بينهم، بعيداً عن التطرف ودعوات العنف.

وشدد على أهمية تكاتف الجهود من أجل نشر قيم التسامح والتعايش والسلام، قائلاً إن القيادات الدينية يجب أن تؤمن بأن السلام يجب أن يقوم على الحوار بين مختلف الأديان والثقافات وانتشار قيم التسامح والتعايش، كما أنه على هذه القيادات الدينية توعية الناس بأهمية قيم التعايش والأخوّة من خلال توضيح قيم الأديان الحقيقية التي تحض على العيش المشترك للجميع.





مسارات التعايش

وتناول القس جوزيف فرج الله، رئيس مجلس الكنيسة الإنجيلية «مسارات التعايش والتضامن في العائلة الإبراهيمية»، موضحاً أن التطبيق الحقيقي والفعلي للتعايش والتسامح هو ما تنادي به دولة الإمارات من التآخي والتعايش والتضامن مع كل الجنسيات والعرقيات والخلفيات الدينية، فالتعايش والسلام والتآخي حقيقة مَعيشَة يومياً في الإمارات، مؤكداً أن الحوار هو أساس السلام العالمي، والعهد هو أساس العائلة الإبراهيمية.