الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مخرجون ومنتجون: 4 عوائق أمام إنتاج أفلام الأساطير عربياً

بعد النجاح الذي حققه مسلسل «ما وراء الطبيعة» وهو أول إصدار مصري لنتفليكس، ويتناول جانباً من الأساطير الفرعونية التي رصدتها سلسلة كتب ما وراء الطبيعة للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، استطلعت «الرؤية» آراء مخرجين ومنتجين حول أسباب قلة حضور الأساطير والخرافات الشعبية بالأعمال الإبداعية العربية سواء الدراما أو الأفلام، لا سيما أن التراث العربي ثري وغني بهذه الأساطير التي يمكن تطويعها، والتي أثبتت نجاحها على صعيد عالمي في أفلام شركة ديزني التي ما زالت تلقى النجاح كلما عرضت ومنها الأفلام عن حكايات ألف ليلة وليلة مثل علاء الدين وسندباد.

وأكد المخرجون والمنتجون وكتّاب السيناريو لـ«الرؤية» بأن هناك 4 عوائق تقف أمام مثل هذا الإنتاج السينمائي المستند إلى أساطير وهي: كلفة الإنتاج الضخمة، وإمكانيات الاستوديوهات المتواضعة بالعالم العربي، وندرة الكتب والمراجع المتخصصة في هذا المجال، واتباع أسلوب كتابة غير تقليدي في تحويل الخرافات والأساطير إلى نصوص سينمائية.

كلفة وتقنيات

البداية مع المخرج هاني الشيباني، الذي أكد لـ"الرؤية" أن هناك أعمالاً فنية حاولت استلهام قصص الثقافة الشعبية، لكنها قليلة وغير بارزة للعيان بسبب حاجة هذا النوع من الأعمال إلى تقنيات متطورة، وكلفة عالية لتنفيذها بالمستوى المطلوب، مستعرضاً مجموعة من التجارب الإماراتية، منها: مسلسل "خراريف" على صعيد الدراما، و"هاجس" لنواف الجناحي و"فضول" لهاني الشيباني و"تينا" لأمجد أبوالعلا و"أم الدويس" لجمعة السهلي وغيرها من المحاولات على صعيد السينما.

و«تظل المشكلة الأكبر والعائق الأكبر أمام إنجاز هذا النوع من الأفلام- بحسب الشيباني - هو الحاجة لعمل بصري وتقني قوي لتحقيق المصداقية والتأثير المطلوبين وإلا سيتحول العمل إلى نكتة سمجة تثير السخرية، وهو ما يجعل أي مخرج يفكر 1000 مرة قبل الخوض في هذا العالم، خاصة مع التطور التقني الكبير في عالم السينما، واعتياد المشاهد على مستوى معين من المؤثرات البصرية الضرورية في هذا النوع من الأعمال لا يمكن التنازل عنه.. وقد رأينا كيف تعرضت الحلقة الثالثة من مسلسل "ما وراء الطبيعة" لنقد كبير من جميع من شاهد العمل، بسبب التهاون في تجسيد إحدى الشخصيات الرقمية وتنفيذها بطريقة بدائية، على الرغم من الجهد الكبير الذي بذله صناع العمل عمرو سلامة وماجد الأنصاري لتقديم عمل متميز على كل الأصعدة، والميزانية الكبيرة المتوفرة لهذا العمل. وأعلم شخصياً عن عدد من المشاريع الإماراتية التي يتم التحضير لها في هذا الإطار ولكنها تنتظر الوقت والظروف المناسبة».

إشكالية البعد الديني

فيما قال المخرج وكاتب السيناريو فاضل المهيري: «ترجع إشكالية أفلام أساطير التراث العربي إلى أمرين: الكلفة الإنتاجية العالية، والصدام مع المعتقدات، خاصةً أن عالم الأساطير مثل الجن والأرواح يرتبط بشكل مباشر بالدين. كما أن المشاهد العربي ينظر إلى الأسطورة باعتبارها "شطحات" كاذبة إن صح التعبير في حال عدم تقديم شكلها وأبعادها بشكل متقن».

وقد "ارتبطت لدينا الخرافات والأساطير في وضعها الطبيعي المعروف في ثقافتنا العربية عبر الكُتب، وأنا كسيناريست أود إخراج هذه الأساطير من إطارها وانتزاعها من محاضنها المعروفة ونقلها إلى وقتنا الحاضر، مفترضاً وجودها في فضاءات معاصرة، وصراعات مع شخصيات من زماننا، لنقدم عملاً له إسقاطات ورمزيات يستطيع المشاهد أن يستوعبها حتى في إطارها المختلف.

إمكانيات

من جهته طالب المخرج والمنتج علي المرزوقي، ببناء استوديوهات بالعالم العربي على غرار استوديوهات ديزني التي مكنتهم من إنتاج هذه النوعية من الأفلام، التي حققت نجاحاً عالمياً مثل علي بابا وسندباد وغيرها.

وطالب المرزوقي بضرورة بأن تحظى بدعم من الحكومات، وتشجيع الكتّاب على التدريب على هذا النمط من الأعمال، وخوض تجارب في مجال كتابة سيناريو الخرافات والأساطير بشكل سينمائي ودرامي بورشات ودورات متخصصة.

وقال: «نحتاج لبناء القدرات الفنية والتقنية في العالم العربي. لأن إنتاج مثل هذه الأعمال يحتاج لإمكانيات ضخمة لا توفر حالياً. ويمكن البدء بتبادل الخبرات مع الاستوديوهات العالمية، التي تمكنت من إنتاج هذا المحتوى الإبداعي، من خلال إرسال بعثات طلابية أو برامج إبداعية مخصصة لدراسة هذا النوع من الأفلام، كي نصل إلى حالة من النضج الفني التي تمكن مبدعينا من نقل الحكايات الشعبية إلى أفلام سينمائية، لا سيما أن التراث العربي غني بمثل هذه القصص القادرة على كسب الجمهور».

كتابة عصرية

فيما ذهب كاتب السيناريو خالد الجابري إلى أن الأساطير قد جرى تناولها في السينما المصرية إلا أن الكتّاب نجحوا بتدوينها وإعادة روايتها أكثر من السينمائيين مشيراً إلى ما زلنا نكتب بشكل كلاسيكي بمنطقة الخليج. وعلينا القيام بتقديم الأسطورة بطريقة عصرية يتقبلها الجمهور، فالأساطير الإماراتية على سبيل المثال أساطير مشتركة بيننا وبين دول الخليج وبلاد فارس والهند وليست قاصرة على المنطقة العربية. ويتطلب تحويلها إلى أفلام أو دراما أسلوب كتابة معيناً وأسلوب إخراج وإنتاج مختلفاً ومؤثرات سمعية وبصرية مقنعة. والسينما لدينا في الإمارات لا تزال ناشئة وقائمة على الكوميديا ولم تتعمق في أعمال الرعب كثيراً، ومع ذلك هناك بعض التجارب التي قدمها السينمائيون بالإمارات حول أساطير وخرافات محلية.

وأكد كاتب السيناريو والمخرج محمد أحمد حسن أن الفن قادر على استيعاب الأساطير طالما سيتم استعراضها بصرياً بشكل جميل، لافتاً إلى أن الإنتاجات التلفزيونية والسينمائية بالخليج كانت أكثر جدية، قديما فقد تناولت تراث الخمسينيات والستينيات الخرافات الشعبية، ومنها فيلم «عابر سبيل» لسهيل العبدول الذي صدر قبل 35 سنة، متناولاً إحدى الخرافات المحلية.

ويعتقد حسن أن الوطن العربي يحظى بوجود مبدعين قادرين على إنتاج محتوى إبداعي، وقد بدأت المنصات الآن تأخذ بيد المبدعين الذين لم تتح لهم الفرصة سابقاً.

العودة للمصادر والمراجع

ومن جهته يعتقد المخرج أحمد زين، الذي خاض تجارب عدة بأفلام الرعب مثل «مزرعة يدوه» بجزأيه و«العم ناجي»، أن الخرافات المحلية مثل: أم الدويس، وحمارة القايلة، وبابا دريا، وغيرها قابلة للتطويع في منتج إبداعي، لافتاً إلى أن استخدام المؤثرات السمعية والبصرية والغرافيكس أصبح أكثر بساطة عما سبق، وصار بمتناول الجميع من ناحية الكلفة الإنتاجية، مؤكداً ضرورة العودة لأساس الخرافات من حيث المراجع العلمية، لإنتاج أعمال سينمائية دقيقة.

ويذهب المخرج طلال محمود إلى أن المراجع التي تتناول الأساطير والخرافات الشعبية المحلية موجودة، ويأتي على رأسها «موسوعة الكائنات الخرافية في التراث الإماراتي» للدكتور عبدالعزيز المسلم، لافتاً إلى أن السلسلة التي قدمها من قبل عبر تلفزيون الشارقة ألهمته تقديم عمل يتناول الخرافات والأساطير، كما أن نجاح «ما وراء الطبيعة» قد شجعه، وأثبت له أن هذه النوعية من الأعمال تمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة ومن مختلف الثقافات والمجتمعات التي تحب مشاهدة ما يفوق الخيال والغموض في السينما.