كان يفترض أن يصل فيلم «عبور الليلة بسلام»، أو النجاة من الليل Survive the Night، إلى دور العرض في الإمارات والبلاد العربية الأخرى في مايو الماضي، مع بداية عرضه في الولايات المتحدة، ولكن الفيلم لم يستطع عبور الصيف، إذ أطاحت به أزمة كوفيد-19 مبكراً وأزاحته إلى نهاية العام، فلم يبدأ عرضه سوى هذا الأسبوع.
على أية حال لم تخسر السينما شيئاً يذكر بإزاحته، ولم يكن ليحزن على غيابه سوى معجبي بروس ويليز المخلصين، عشاق سلسلة أفلام Die Hard وغيرها من أفلام الأكشن والتشويق التي برع فيها، وقدم أداء مميزاً للرجل العادي الذي تجعله الظروف بطلاً خارقاً.
هنا يظهر ويليز العجوز كبطل خارق دفعته الظروف ليصبح رجلاً عادياً، تجبره الظروف على أن يصبح بطلاً!
الفيلم الذي كتبه دوج وولف وأخرجه مات إسكانداري يدور حول حبكة طالما استخدمتها السينما الأمريكية في أفلام الرعب والأكشن عشرات المرات، حول شخص أو أسرة، تعيش في بيت منعزل يقتحمه مجرم قاتل أو مجموعة من المجرمين، لعل أشهرها فيلم «وحيد في البيت «Home Alone الذي لعب بطولته الطفل ماكولي كالكين، والذي ظل يتصدى لغزوات اثنين من المجرمين على مدار الليل.
يدور «عبور الليلة بسلام» حول طبيب شاب في ورطة، فقد عمله وخسر ماله بسبب غلطة أدت لوفاة مريض، فاضطر إلى اصطحاب زوجته وابنته للإقامة عند والديه في البيت الكبير الذي يملكانه على أطراف مدينة بعيدة نائية.
وهناك تدب الخلافات بينه وبين زوجته، التي ترى أنه مستسلم لقدره، ولا يقاوم بالشكل الكافي، وهو رأي يتفق مع رأي أبيه، الحزين على خيبة ابنه.
في الوقت نفسه يقوم لصان هاربان متجهان إلى الحدود بارتكاب جريمة سطو وقتل أخرى، ينتج عنها إصابة أحدهما برصاصة في فخذه، وهما يلجأان إلى بيت الطبيب لاستخراج الرصاصة، ولكن الليلة تنقلب إلى معركة دموية بعد قيام المجرمين بقتل الجدة أثناء اقتحامهما البيت.
يلعب بروس ويليز دور الجد فرانك، الذي كان شرطياً سابقاً، وهو على عكس ابنه ريتش، يؤدي دوره تشاد مايكل موراي، قوي ويحاول منع ابنه من الاستسلام للإحباط، ومع اقتحام المجرمين للبيت يتعين على الابن أن يثبت أنه من ظهر ذلك الأب القوي، فيتصدى لهما.
أما المجرمان فهما شقيقان، الأكبر لص طيب لا يميل للعنف، والثاني غبي وعنيف، هو سبب المصيبة التي وقعا فيها، ولكنهما متحابان، ويشير الفيلم إلى أن لديهما ظروف طفولة أو شباب دفعتهما للتحول إلى مجرمين، لكننا لا نفهم كيف أصبح أحدهما على هذه الدرجة من الشر في وجود مثل هذا الأخ الطيب!
المقدمة التي تشي بشخصيات وأحداث مشوقة سرعان ما تتلاشى أمام سلسلة من المطاردات والمعارك والحوارات الفاترة، والأداء التمثيلي الأكثر فتوراً. فقط عندما يقرر بروس ويليز أن يستعيد مجده القديم بالتصدي للقتلة على طريقة Die Hard، يستيقظ الإيقاع قليلاً، خاصة في المشاهد التي تجمع ويليز مع شيا باكنر في دور جيمي، الأخ الأصغر العنيف.
باكنر لديه مستقبل حقاً في أدوار الشرير السيكوباتي، وبروس ويليز لا يزال يحتفظ بحضوره، لكن المخرج لا يجيد استغلالهما، ولا تنفيذ معركة واحدة أو مطاردة سيارات بشكل مثير أو مقنع.
«عبور الليلة بسلام» هو واحد من عدد كبير من أفلام هذا العام التي تستعين بممثلين كبار في طور التقاعد لضمان وجود اسم لنجم كبير على أفيشات الفيلم، مثلما حدث مع كيفين كوستنر وريتشارد جير وروبرت دي نيرو وراسل كرو وميل جيبسون وغيرهم. ولكن السؤال: هل ينبغي للنجوم الكبار قبول هذه الأدوار مع فريق ممثلين ومخرج وسيناريو متوسطين أو متواضعين، أم ينبغي أن يحافظوا على صورتهم القديمة ويرفضوا هذه الأدوار حتى لو كان الثمن جلوسهم في البيت لأعوام حتى ينساهم الناس؟
سؤال تصعب الإجابة عليه!