الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ستاثهام صامت وبارد وجذاب كالعادة.. Wrath of man ساعتان من الأدرينالين!

ستاثهام صامت وبارد وجذاب كالعادة.. Wrath of man ساعتان من الأدرينالين!

كثيرة هي أفلام الآكشن والجريمة هذه الأيام، ومعظمها متواضع المستوى، متشابه الحبكة، يثير الملل أكثر مما يثير الاهتمام والإعجاب، وأقل القليل منها ما تجد فيه شيئاً جديداً وممتعاً.

ينتمي فيلم «غضبة رجل» Wrath of Man للفئة الثانية، فهو جيد الصنع، مشوق، ومسلٍ، رغم ما يحفل به من عنف شديد أصبح سمة بارزة لمعظم الأفلام.





مخرج ومؤلف الفيلم هو الإنجليزي جاي ريتشي الذي عرف منذ نهاية تسعينات القرن الماضي بأعماله المتميزة، التي تدور غالباً في عالم الإجرام والعصابات، وهو أيضاً صاحب أفلام «علاء الدين» وفيلمي روايات شيرلوك هولمز، وبعيداً عن صناعة الأفلام عرف أيضاً بزواجه من المغنية والممثلة الشهيرة مادونا.

جاي ريتشي هو أيضاً من أطلق نجومية الممثل الإنجليزي جيسون ستاثهام، الذي شارك في بطولة 3 من أفلام ريتشي الأولى، وهذا هو رابع تعاون بينهما في «غضبة رجل»، ويمكن القول إن ريتشي هو أفضل من يستخدم إمكانات ستاثهام (المتوسطة بالمناسبة)، وأفضل من يوظف هذه الإمكانات لخدمة الفيلم ولإبراز حضوره وجاذبيته على الشاشة.

ومن الطريف أن حضور وجاذبية ستاثهام يكمنان في ملامح ومواصفات تتعارض نظرياً مع فن التمثيل، فهو جامد الملامح، لديه وجه تمثال منحوت نادراً ما يتكلم أو يحرك جسده، إلا لأداء مشاهد الآكشن، وهو في هذا الأمر يذكر ببعض نجوم الزمن القديم مثل همفري بوجارت وكلينت إيستوود.





في «غضبة رجل» يلعب ستاثهام شخصية رجل أمن يتم توظيفه في شركة نقل أموال تعرضت إحدى شاحناتها مؤخراً لهجوم أدى إلى مقتل اثنين من رجالها بجانب صبي تواجد في مكان الحادث بالصدفة. بعد حصوله على الوظيفة يتبين تدريجياً أن ستاثهام، أو H كما يطلق عليه في الفيلم ليس مجرد رجل أمن عادي، خاصة عندما ينجح بمفرده في التصدي لعصابة أخرى تهاجم الشاحنة التي يقلها ويقوم بقتل كل أفرادها.



بالتدريج يكشف الفيلم عن حقيقة بطله، ويتبين أنه والد الصبي الذي قتلته العصابة الأولى، ومن الغريب أن هذه العصابة مكونة من جنود أمريكيين سابقين حاربوا في أفغانستان، وعادوا إلى البلاد جهلة، لا يعرفون الفارق بين العرب والأفغان، لا يقبلون الحياة المدنية ولا مرتباتهم المتواضعة، ويتحولون إلى لصوص وقتلة.



مزيد من المفاجآت تتكشف على مدى الفيلم حول هوية H وزملائه، ويحفل الجزء الأخير منه بإثارة وتشويق مذهلين يعوضان بعض الوقت الممل، المختلف أسلوباً، الذي أنفقه صناع العمل على وصف حياة أفراد عصابة الجنود، وهو جزء كان يمكن اختصاره دون أن يخل بمضمون العمل.

بجانب ستاثهام يشارك في الفيلم عدد من الممثلين الموهوبين، منهم أندي جارسيا في دور صغير للغاية، وغامض، لكنه يضفي على العمل مسحة «مخابراتية» لافتة، ومنهم هولت ماكالاني الذي يلعب دور زميل ورئيس H، وسكوت إيستوود، ابن النجم الأسطوري، الشبيه بأبيه في شبابه، والذي يلعب شخصية أحد المجرمين، بل أكثرهم وحشية وجنوناً!





يتمتع الفيلم بحبكة محكمة وتصوير رائع، يرفع العمل من مصاف الآكشن التجاري الرخيص إلى مقام الفن، وإن كان لا يرقى به بالطبع إلى مصاف الأعمال الفنية الكبيرة. ومن العناصر الفنية الجيدة الأخرى الموسيقى التصويرية التي تضفي جواً جاداً وممتلئاً بالتعبير والمشاعر تعوض صمت وبرود الشخصيات.

يستخدم ريتشي بعض التقنيات الأسلوبية التي تميز أعماله الأولى مثل السرد غير الخطي (الملتزم بترتيب الأحداث زمنياً)، وتقسيم الفيلم وأحداثه إلى فصول لها عناوين، والحوار الفظ الممتلئ بالنكات السوقية، ومشاهد القتال المصممة حركياً بحرفية عالية.





«غضبة رجل» ربما لا يبقى في ذاكرة المشاهد ولا ذاكرة السينما طويلاً، ولكن الساعتين (زمن الفيلم) اللتين يقضيهما المشاهد أمامه سوف تمتلئان غالباً بدفقات من الأدرينالين الناتج عن التوتر والشحن ثم التنفيس الانفعالي الشديد!