الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

«الثلاثاء 12».. رقة الزهور وصلابة الصخور!

فيلم «الثلاثاء 12» هو نموذج مثالي لما يمكن أن يكون عليه الإنتاج العربي المشترك.

موضوع يهم العالم العربي كله، وقصص يمكن أن تدور في أي من مدنه وقراه المترامية الأطراف. فريق عمل متعدد الجنسيات، إنتاجاً وكتابة وإخراجاً وتمثيلاً، وخلفية مناسبة تماماً يمكن أن تحتضن كل هؤلاء البشر وقصصهم وهي إمارة أبوظبي التي تدور فيها الأحداث.

فيلم «الثلاثاء 12» هو إنتاج أردني سوري إماراتي مشترك، في أول أعمال المنتجة الإماراتية سهام الخزوز، قام بإخراجه وكتابته التونسي مجدي سميري، يشارك في تمثيله نيللي كريم من مصر، وباسم ياخور من سوريا، وستيفاني عطاالله من لبنان، بجانب عدد آخر من الممثلين والممثلات العرب، وقد تم بث الفيلم عبر تطبيق .jawwy tv

يسرد الفيلم 3 قصص مختلفة لثلاث فتيات يعشن مع ذويهن في أبوظبي، تجمع بينهن الروح المنطلقة المحبة للحياة والفن، والقهر المشترك الذي يتعرضن له بأشكال مختلفة من قبل الأهل. واحدة منهن بطلة رياضية في الجري، يسعى أبوها المتزمت دينياً لمنعها من ممارسة الرياضة بعد أن أصبحت فتاة بارزة الأنوثة. والثانية عازفة بيانو لديها فرصة للاحتراف، لكن أباها السكير العصبي يكاد يضيع حلمها، والثالثة راقصة باليه وممثلة موهوبة يحاول والدها أيضاً أن يمنعها من ممارسة الفن حتى لا يقال عنه إن ابنته "راقصة".

الفتيات من جنسيات وخلفيات اجتماعية وثقافية مختلفة، لكن يجمع بينهما «وحدة المصير» في القيود التي يحاول المجتمع أن يفرضها عليهن، وفي عدم استسلامهن لهذه القيود، كل بطريقتها، وبشكل ما يربط السيناريو بذكاء القصص الثلاث عبر بعض التفاصيل المشتركة، فوالد الأولى تسبب في حادث سيارة أدت إلى وفاة والدة الثانية دون قصد، ووالد الثالثة هو طبيب الأولى. وهناك بعض الأماكن تجمعهن معاً بالصدفة، مثل المستشفى التي تنقل إليها الأولى ويموت فيها جد الثانية بينما يولد فيها شقيق الثالثة!

يستطيع المخرج مجدي سميري ربط القصص أيضاً عبر القطع المتوازي بين الأحداث، خاصة في مشهد الاستهلال والنهاية، وكذلك عبر المونتاج بشكل عام والأهم، وهذا هو الأصعب، عبر الاختيار الصائب الموزون للممثلين، وللممثلات الشابات بشكل خاص، إذ تجمع بينهن ملامح متقاربة وأرواح متشابهة وجمال عربي خاص. إنهن يبدون مثل الزهرات البريئات الضعيفات، ولكن في داخلهن إرادة في صلابة الصخور. وعندما تلتقي اثنتان منهما في نهاية الفيلم نشعر بأنه أمر طبيعي ومتوقع بل وكأننا كنا ننتظره أيضاً، نسعد للقائهما، ونعرف بشكل ما أن في تضامن هؤلاء الفتيات وإصرارهن يكمن مستقبلهن، ومستقبل المجتمع العربي أيضاً.

ينتهي «الثلاثاء 12» بشكل محير. تنتصر الفتيات الثلاث بشكل يبدو ساذجاً بعض الشيء، ومخالفاً للواقع الذي نراه حولنا، ولكن سرعان ما يتدارك السيناريو الأمر، ويبين لنا بذكاء أن هناك ضحايا للقهر، ولكن الأمل والمقاومة هما الحل.

ربما توجد مشكلة في الفيلم، لا مفر منها، تتعلق باللهجة، أو اللهجات التي تتحدث بها الشخصيات، وهي مشكلة ستواجه أي إنتاج عربي مشترك، وعلى المشاهد أن يتعامل ويتأقلم معها.