الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

ذكرى سعيد صالح تستعيد ثنائية المخ والعضلات في «مدرسة المبدعين»

تمر غداً الذكرى الخامسة لرحيل نجم الكوميديا سعيد صالح،فيما يوافق اليوم الذكرى الـ80 لميلاده، وعلى الرغم من تقديمه ما يزيد على 300 عمل فني إلا أن أعماله مع رفيق مشواره عادل إمام، وخصوصاً «مدرسة المشاغبين» التي تعد أبرز ما تستدعيه بهذه المناسبة الفضائيات العربية، مازالت تحتل مكانة بارزة لدى جمهوره ومحبيه، رغم عدم تجازوها 15 عملاً (13 فيلماً ومسلسلاً ومسرحية).

حالة خاصة ونادرة تلك التي جمعت بين سعيد صالح وعادل إمام، ربما يرجع ذلك إلى صداقتهما الممتدة منذ مرحلة الدراسة الثانوية في مدرسة السعيدية، والتقارب الذي جمعهما دون غيرهما من الرفقاء الذين ظهروا في تلك الفترة.

والأكيد أن هذا التقارب ساهم بقدر كبير في صنع «كيميا» واضحة كالشمس ظهرت في أدائهما المشترك في أي عمل فني شاركا به، ليشكلا ثنائياً فنياً بارزاً ومميزاً من ضمن الثنائيات الفنية في السينما المصرية.

بدأت قائمة التعاون بين صالح وإمام بأعمال مسرحية قبل الاحتراف، في المسرح المدرسي والجامعي، ولمع نجم كل منهما في تلك الفترة، الأمر الذي خلق لهما مساحة معاً في مسرحية صنعت نجومية كل منهما وهي «مدرسة المشاغبين» التي شهدت الجملة الشهيرة التي قالها عادل إمام لسعيد صالح والتي يرى البعض أنها شكلت العلاقة بينهما وهي:«أنا المخ وأنت العضلات».

وحقق الثنائي من خلالها نجاحاً كبيراً بشخصيتي بهجت الأباصيري ومرسي الزناتي، الأمر الذي ساهم في محاولة استثمار هذا النجاح في العام نفسه من خلال فيلم لبناني بعنوان «شلة المشاغبين» الذي جمع نجوم المسرحية كلهم مع المطربة صباح التي جسدت دور المدرسة، ولكن هذا العمل لم يلق نجاحاً يذكر، وسقط من ذاكرة السينما وبقيت المسرحية.





بطولات جماعية

شق كل منهما طريقه فيما بعد في المسرح والسينما في أعمال فردية، لكن جمعتهما بطولات جماعية مع نجوم كوميديا آخرين مثل سمير غانم في فيلمي «أزواج طائشون» عام 1976 وفيلم «الأزواج الشياطين» مع ناهد شريف ومديحة كامل عام 1977، ليمثل هذا العمل آخر عهد البطولات المشتركة بينهما، حيث كانا يتساويان تقريباً في مساحات الأدوار.

مع بدء عام 1978 ونجاح أعمال عادل إمام جماهيرياً بشكل كبير، حمل هذا العام تعاون الثنائي من خلال عملين ولكنهما كانا يحملان اسم عادل إمام كبطل جماهيري، وهما فيلم «رجب فوق صفيح ساخن» ومسلسل «أحلام الفتى الطائر».



نجومية

جاءت مرحلة الثمانينات لتؤكد نجومية عادل إمام الجماهيرية وتصدره شباك التذاكر، وعلى الرغم من تجسيد سعيد صالح العديد من البطولات السينمائية في هذه الفترة إلا أنه لم يتردد أبداً في القيام بالأدوار الثانية في أعمال صديقه ورفيق مشواره عادل إمام.

بدأت تلك الفترة بالتعاون مجدداً من خلال فيلم «المشبوه» الذي لم يكن به أي مساحة للكوميديا، ليتمكن كل منهما من تقديم نفسه في دور مختلف يثبت إمكاناته كممثل.

وحمل العام التالي تعاوناً جديداً عبر فيلم «على باب الوزير»، ليحققا من خلاله نجاحاً لافتاً دفعهما لتكرار التجربة مرة أخرى في فيلمين عام 1984، هما «الهلفوت» و«أنا اللي قتلت الحنش».

الثنائي الأنجح

يتوقف التعاون بينهما لمدة ثلاثة أعوام متتالية، ليعودا بقوة في عمل هو الأبرز في مسيرة التعاون بينهما وهو «سلام يا صاحبي» 1987، إذ بات الجمهور منذ ذلك الفيلم ينظر لهما على أنهما أنجح ثنائي في السينما خلال فترة الثمانينات.

ورغم هذا النجاح اللافت والبارز الذي حققاه في هذا العمل، إلا أن التعاون بينهما توقف منذ ذلك التاريخ لمدة تسعة أعوام كاملة لم يقدما خلالها أي فيلم معاً، ولم يجيبا عن أي تساؤل حول غياب تعاونهما، إلا أن سعيد صالح قال ذات مرة ضاحكاً في أحد اللقاءات: «كلما عملنا فيلم يموتني هو في الآخر ويفضل عايش»، في إشارة إلى تكرار مشاهد وفاته في أربعة أفلام تعاونا فيها، ولكنه لم يظهر سبباً حقيقياً لهذا الانفصال.

في 1996 ظهر سعيد في دور صغير بفيلم «بخيت وعديلة 2» للمخرج نادر جلال، وذلك بعد فترة غياب دخل فيها السجن إثر تورطه في قضية مخدرات، ثم جاء ظهوره بعدها في عملين كضيف شرف مع عادل إمام وهما «الواد محروس بتاع الوزير» للمخرج نادر جلال 1997، وفيلم «أمير الظلام» للمخرج رامي إمام 2002، وقال سعيد وقتها إنه شارك في هذا العمل مساندة للمخرج الشاب رامي إمام في أول أعماله.

أما آخر تعاون بينهما على الشاشة فكان عام 2010 في آخر أفلام عادل إمام «زهايمر» للمخرج عمرو عرفة، حيث قدم مشهداً واحداً كضيف شرف، ولكنه أبكى جميع من شاهده في السينما وظل الجمهور يتذكره ويذكر كلماته المؤثرة خلال المشهد.

علاقة خاصة

وبعيداً عن التمثيل كانت تجمعهما علاقة خاصة جداًـ فعندما سأل عادل إمام عن موهبة «سعيد» في أحد اللقاءات التلفزيونية، قال: «سعيد رفيق دربي وممثل موهوب من الدرجة الأولى ونادر، قلما يجود الزمان بمثله فهو عملة صعبة، ودوماً الأشياء النادرة تكون باهظة الثمن، نحن تجمعنا طبيعة واحدة، نختلف في الشكل ولكننا واحد».

وخلال سنوات كثيرة حاول البعض الوقيعة بين الصديقين، لكن دون جدوى، ربما لأن العلاقة كانت تتخطى حدود زميلين جمعتهما مهنة واحدة، فعندما كان الصحافيون يسألون «سعيد» عن سبب تقديمه أدواراً صغيرة في أفلام عادل، كان يرد: «عادل صاحبي ولو طلبني في أي دور سأذهب فوراً».

وفي صباح يوم الجمعة الأول من أغسطس 2014، رحل سعيد صالح، وقيل إن عادل إمام لم يحضر جنازة رفيقه لأنه كان في «المصيف»، الأمر الذي نفاه عادل إمام فيما بعد قائلاً: «سعيد جزء من حياتي ويعلم الله أنني لم أفارقه لحظة وكنت دائم السؤال عنه.. وعندما أجد صعوبة في الوصول إليه كنت أتصل بابنته هند التي أحبها مثل ابنتي، وبكل أسف فإن الوفاة حدثت وأنا في زيارة لمدينة دبي، وكنت أتمنى أن أكون في وداعه، فقد كان صديقاً مخلصاً وفناناً موهوباً بمعنى الكلمة»، وأضاف: «إن رحيله كسر ظهري».