الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مرعي الحليان: إدارات المسارح الإماراتية كسولة وعاجزة.. ونتاجها لا يلامس الناس

مرعي الحليان: إدارات المسارح الإماراتية كسولة وعاجزة.. ونتاجها لا يلامس الناس

قال الفنان الإماراتي مرعي الحليان إن المسرحي الفاشل لا يُطعم خبز وخير أبوالفنون، فالذي يأكل عيشاً من المسرح هو الذي يقدم مسرحاً يحبه ويقدره الناس فيقبلون عليه، مضيفاً أن وضع المسرح الإماراتي يحزنه، لأنه يتجه بعيداً عن هموم الناس وطموحاتهم وقضاياهم.

وأوضح الحليان في حواره مع «الرؤية»، الذي تعهد فيه بقول الصدق لا غيره بلا مجاملات، أن الفنان الذي يعتقد أنه وصل إلى حدود التألق يخدع نفسه أولاً قبل جمهوره، مبيناً أن إدارات الفرق المسرحية الإماراتية كسولة وعاجزة عن التسويق لمنتجها، فيما نتاجها بعيد عن هموم الناس والشارع، وعينها على المهرجانات الموسمية فقط، كما أنها لا تمتلك نفساً طويلاً مع العروض الجماهيرية.

وأكد الفنان الإماراتي أنه يعشق الروايات وقارئ نهم لها منذ أيام الصبا، لكنه لا يمتلك تكتيك السرد والكتابة الروائية، مشبهاً علاقته بمسرح الطفل بعلاقته بالطفل الذي يسكنه، مشدداً على أن كل ما يحيط بالطفل حالياً يهدد ثقافته النقية، ولذلك يقدم له قيماً تربوية ووطنية عالية في العروض المسرحية.. وتالياً نص الحوار:



*بعد هذه المسيرة الحافلة، هل مرعي الحليان راضٍ عن نفسه، وهل قدمت كل ما تطمح إليه؟

الفن ضرورة للإنسان وليس ترفاً مضافاً للحياة، فالفن مرآة الحياة والإنسان، بالفن نستطيع أن نقرأ أسرار الحياة وأن نكتشف ما وراءها، فهو ضرورة طالما الإنسان يحيا، لهذا لا ينتهي السؤال، وحينما يتوقف المبدع، فهذا يعني أنه توقف عن السؤال وعن التأمل وعن قراءة الحياة، هكذا ينظر الفلاسفة إلى ضرورة الفن.

وبالنسبة لي هي رحلة كرحلة العمر، وبالنسبة للرضى عن النفس فهذا الأمر يتعلق بالتصالح مع النفس، وبمصادقة الخير ومعاداة الشر ومحاربته.

أما الطموح، فما زلت مندهشاً من ذلك السر العظيم الذي وهبه الخالق للإنسان، السر المتعلق بغريزة الاكتشاف والبحث عن الخبايا المجهولة، والفن له علاقة كبيرة بالخبايا المجهولة وأسرار الجمال، فنستمر في البحث ولا نصل، ولكن في الطريق إلى ذلك نراكم تجارب، هذه التجارب فيها ما تبدو ذات قيمة وأخرى بسيطة، وهكذا يظل السؤال مستمراً والفنان الذي يعتقد أنه وصل إلى حدود التألق يخدع نفسه أولاً قبل جمهوره.



*يٌقال إن المسرح لا يطعم خبزاً، ولذلك هجره الشباب، ما رأيك في هذا الموضوع؟

لا، على العكس المسرح فن من الفنون، وكلها قد تؤدي إلى التكسب والعيش، لكن الذي يأكل عيشاً من المسرح هو الذي يقدم مسرحاً يحبه ويقدره الناس فيقبلون عليه، ولا يمكن لمسرحي فاشل أن يتكسب من وراء المسرح، مثلما هو التاجر الفاشل.

وأنا أحيل السؤال على هذا النحو: هل تقدم مسرحاً يهم الناس؟ إذاً أنت تستطيع أن تجمعهم حولك، لأنك ستكون عملة نادرة، صحيح أن المسرح يواجه صعوبة أمام تطور تقنيات سوشيال ميديا، والتطور الرهيب في صناعة السينما، إلا أن المسرح يبقى مسرحاً له خصوصيته التي تجعله مختلفاً، ولهذا على الفنان أن يقدم مسرحاً مختلفاً ويحبه الناس، هنا سيكون هو ومسرحه عملة نادرة.



*مسرح الطفل صعب، فهل ستظل فيه رغم قلة جمهوره؟

علاقتي بمسرح الطفل هي علاقتي بالطفل الذي يسكنني، أنا أعشق براءة ونقاء الطفولة، وأسعى للدفاع عن هذه البراءة من شرور الزمن، اليوم كل ما يحيط بالطفل يهدد مثله العليا، يهدد ثقافته النقية، ولهذا أقدم له قيماً تربوية ووطنية عالية في جميع أعمالي، أعلم الطفل ارتباطه بأهله وأرضه ووطنه، أعلم الطفل الخير والتعاطف والتسامح والحب، أعلمه ضرورة أن يبقى صديقاً للبيئة، ومتصالحاً معها.

هذه هي القيم التي أكرسها في تجاربي لمسرح الطفل، أما فيما يتعلق بالجمهور، فمسرح الطفل بخير ولديه جمهور كبير، فالأطفال يعشقون المسرح ويذهبون إليه، إلا أننا لا نزال بسطاء في مسألة الترويج للأعمال والاستمرار في تقديمها، لأن إدارات الفرق المسرحية كسولة، عينها فقط على المشاركة في المهرجانات الموسمية، لكنها لا تمتلك نفساً طويلاً مع العروض الجماهيرية.



*لماذا لم تؤلف كتاباً أو رواية حتى الآن، رغم أنك كاتب محترف؟

في الحقيقة أعشق الرواية، فأنا قارئ نهم للروايات منذ أيام الصبا، لكنني لا أمتلك تكنيك السرد الروائي ككتابة فهي خاصية لها أصحابها.

أنا مسرحي والتأليف المسرحي له خصوصيته هو الآخر، أنا أقرب إلى هذا اللون في الكتابة الأدبية، وأشعر أنها تمثلني ولأنني مشغول عملياً بالتأليف والإخراج والتدريب المسرحي، فلهذا لم أتفرغ لجمع أعمالي المسرحية في المجالين الكبار والأطفال.





*هل لديك عتب على شخص أو جهة ثقافية ما؟

ما يحزنني حقاً هو وضع المسرح الإماراتي، لأنني أعتقد أننا نسير ونتجه بعيداً عن الجمهور، وبعيداً عن الشارع، وبعيداً عن هموم الناس وطموحاتهم، نحن نفتقد إلى حساسية الشارع، لهذا أعمالنا بعيدة عن الهم اليومي ولا توجد لدينا قاعدة جماهيرية، موسمية المهرجانات ونوعية الأعمال التي تقدم في هذه المهرجانات تنفر الجمهور ولا تجذبه إليها.

ولدينا مفارقة عجيبة جداً تستحق التفكير والتأمل، فنحن أكثر دولة خليجية لديها مهرجانات مسرحية، والساحة المسرحية تنتج بما يعادل 20 إلى 25 عرضاً مسرحياً في العام الواحد، لكن لا أحد من الجمهور يعرف عن هذه الأعمال أو يتفاعل معها.

إدارات الفرق المسرحية عاجزة عن تسويق إنتاجها المسرحي، لأنها ليست ملمة ولا تمتلك خبرات في الترويج والتسويق، كتاب المسرح يكتبون أفكاراً مسرحية بعيدة عن إيقاع الحياة اليومي، والخلاصة يوجد لدينا مسرح وكأنه لا يوجد، ولدينا إنتاج مسرحي ولكنه ليس ظاهراً على السطح. هذا ما يؤرقني.