الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بالفيديو.. يمني يحول مخلفات الحرب إلى زينة للبيوت وأعمدة للخيام

للوهلة الأولى وأنت تشاهد ورشة خالد في شارع صنعاء وسط مدينة مأرب، ستظن أنها معرض سلاح، لما تراه من ذخائر وأجسام صواريخ، وظروف القذائف، وحافظات الرصاص التي ترصع واجهة الورشة وزواياها، التي أصبحت مزاراً لكثيرين من سكان مأرب الشغوفين بزيارة هذا المكان الفريد في المدينة.

لكن عندما تقترب من الورشة وتلتقي صاحبها خالد علي، سيتضح لك أن كل ما تراه ما هو إلا جزء يسير من مخلفات الحرب التي دأب خالد على جمعها منذ عام 2016 وتطويعها في أعمال فنية تباع لأهل المدينة والنازحين في مأرب.





«الرؤية» زارت ورشة خالد المكتظة بمخلفات الأسلحة، بينما كان العديد من الزبائن والزوار يصطفون أمامها بذهول. والتقت صاحبها الذي حكى قصته مع مخلفات الحرب قائلاً: في عام 2016 قررت بناء مظلة أمام ورشتي من مخلفات الحرب، كانت الفكرة عفوية ولكنها نجحت في لفت الأنظار وأبدى الزوار والزبائن إعجابهم بها وطلب أحدهم أن أصنع له نسخة مثلها.



مع الأيام تحولت فكرة خالد إلى مهنة رئيسية، حيث بدأ في جمع مخلفات الحرب، من الجنود الذين كانوا يجمعونها بدورهم من ساحات القتال ويبيعونها له بأسعار متفاوتة.

وشرع خالد في صناعة أعمدة حديدية من أجسام الصواريخ والذخائر الفارغة، وبيعها بأسعار زهيدة إلى النازحين الذين كانوا يستخدمونها في نصب الخيام.

وخلال العامين الماضيين زاد الطلب على هذه المنتجات التي تنفرد ورشة خالد بصناعتها على حد قوله لأن أصحاب الورش الأخرى يخافون من مخاطر هذه المخلفات إذا ما كان بعضها فعالاً.





وأكد أن لديه خبرة في التعامل مع مثل هذه المخلفات بعد أن تلقى دورة متخصصة في التعامل مع المتفجرات، حيث يستطيع بسهولة التمييز بين الذخائر الفعالة والتالفة.

ويضيف: إذا عثرت على ذخيرة لا تزال قابلة للانفجار أسلمها على الفور إلى مشروع مسام المعني بنزع الألغام والمتفجرات أو الجهات الأخرى المختصة.

وأشار إلى أن مهنته آمنة وتدر عليه الرزق بعد أن زاد الطلب عليها من قبل كثير في مأرب لأسباب متعددة، أهمها رخص ثمنها، وقدرتها على التحمل، ومقاومة الصدأ، ومنظرها الفريد اللافت للانتباه.



وعادةً ما يطلب زبائن خالد، تصنيع أعمدة متعددة الأحجام لاستخدامات مختلفة، ومظلات من تلك التي تزين بوابات المنازل، وهناجر مظللة، وزرائب للحيوانات، ومظلات للمحلات التجارية، ومؤخراً بدأ خالد في تصنيع أسرة نوم وغرف متنقلة من هذه المخلفات، وهو عازم على ابتكار المزيد مع الأيام.

وقال خباب أحد النازحين في مأرب لـ«الرؤية»: بينما كان ينتظر انتهاء خالد من تجهيز طلبه: نشتري العمود الحديدي الذي يبلغ طوله 6 أمتار بستة آلاف ريال يمني فقط ما يعادل “10 دولارات، بينما نشتري عموداً مماثلاً من متاجر الحديد بـ15 ألف ريال على الأقل. مؤكدًا أن هذه الأعمدة المصنوعة من مخلفات الحرب لديها صلابة عالية وبمقدورها تحمل كل الظروف على خلاف الأعمدة العادية التي يقضي عليها الرطوبة والصدأ في عامين.

وأضاف أجيء من مخيم دنه بالقرب من سد مأرب إلى هذه الورشة أنا والكثيرون من النازحين، فنشتري كل ما نحتاجه لبناء خيامنا، وندفع مبالغ مقبولة. مشيراً إلى أن خالد يبدي تعاونًا كبيرًا مع النازحين تقديرًا لظروفهم.





وأكد خالد أنه الفني الوحيد في اليمن الذي طوع مخلفات الحرب بهذه الطريقة، وحولها إلى أدوات سلام تنفع المواطنين، تخيل أن ترى باباً مصنوعاً من أجسام الصواريخ الفارغة، أو ذخائر الدبابات الفارغة، تعودنا ألَّا نرى من الصواريخ إلَّا الخراب والدمار، لكنني أعمل على تحويلها إلى أدوات سلمية لخدمة المواطنين بمحافظة مأرب التي عانت كثيراً من الحرب.





يعتقد خالد أنه من خلال عمله هذا يساعد أيضاً في التخفيف من انتشار مخلفات السلاح في أوساط المواطنين، ويحفز السكان على إيصال هذه المخلفات إلى ورشته حتى لا تكون خطراً عليهم، وفي مقابل ذلك يقدم لهم مقابلًا مَادّياً عن المخلفات التي يجيئون بها إلى ورشته، التي كانت في السابق محلاً لجمع الخردة ثم قرر تطويرها إلى ورشة مع زيادة الطلب على منتجاته.

ولدى خالد نظرة بعيدة المدى من وراء هذا الإنتاج، حيث بالإمكان -كما يقول- أن تبقى فكرة هذه المخلفات المُعاد تصنيعها، مع الزمن، بمثابة متحف متوزع، يشرح للأجيال حقبة قاسية من الحرب عاشتها اليمن.