الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

«الأوضة المنسية أصبحت مُعتمة» حكايات عن الراحل إلياس الرحباني

«يا ريت الدنيي بتزغر وبتوقف الأيام.. وهالأوضة وحدا بتسهر وبيوت الأرض تنام».. الموسيقى الساحرة لأغنية السيدة فيروز، الأوضة المنسية، لن تنسى مهما طال الزمان، وبالتأكيد تذكرتها الآن مع قراءة هذا المقطع، لكن الآن أصبحت الأوضة المنسية معتمة، برحيل ثالوث الرحبانية، الموسيقار العالمي إلياس الرحباني، اليوم بعد معاناة مع فيروس كورونا «كوفيد-19»، عن عمر يناهز 83 عاماً.

لم يتشكل وجدان إلياس الرحباني من فراغ، فانتماؤه لعائلة فنية من الطراز الأول، تشبع بالموسيقى منذ نعومة أظافره، وحكي ثالوث الرحبانية عن طفولته وحكاياته مع الموسيقى بعدما قرر أن ينقل مجد وفن لبنان إلى العالمين العربي والغربي.

ذكريات إلياس الرحباني:

كانت ذكريات طفولة الرحباني على أنغام الموسيقى التي يسمعها في كل مكان حوله، بالقرية، بالمنزل، بالشوارع، ما جعله يعلق ويؤسر من الموسيقى منذ عمر الثلاث سنوات، ففي إحدى لقاءاته التلفزيونية، قال: «وأنا في الثالثة من عمري، سمعت أنغام موسيقى قادمة من دير الراهبات الذي يبعد عن منزلنا بـ20 متراً، ومن هنا عشقت البيانو، بعد أن كنت أظن أنه مجرد خزانة خشبية، وهذه الأنغام تصدرها الطبيعية».

تابع الرحباني: «بعد 5 سنوات أهداني صهري ​عبدالله الخوري​ بيانو، وكانت أختي سلوى تلميذة عند الراهبات، وكنا نعيش حالة عوز في المنزل، وكنت أستمع إلى ​ليلى مراد​»، مضيفاً: «عائلتي مؤلفة من 9 أفراد: عمي حضر من سويسرا، وجدتي، و3 بنات، وعاصي ومنصور ووالدتي، وأنا، الجميع يعشق الموسيقى».

منذ عمر الـ18، قرر إلياس أن يعزف على البيانو ويشق طريقه في عالم الموسيقى والتأليف، مثل أخويه عاصي ومنصور اللذين يكبرانه بسنوات عديدة، ما جعله يعتبرهما أبوين له، وتلقى علومه الموسيقية في البيانو والهارموني والتأليف الموسيقي في الأكاديمية اللبنانية (1945-1958)، وفي المعهد الوطني للموسيقى (1955-1956)، إضافة إلى تلقيه دروساً خاصة لمدة 10 سنوات، تحت إشراف أستاذين فرنسيين في الموسيقى هما ميشال بورجو (للبيانو) وبرتران روبيار (للهارموني والتأليف)، كما أراد دراسة المحاسبة فالتحق بمعهد «المتني» وأخذ أول درس، ولكنه خرج ولم يعد.

بعد سنوات قليلة، اتجه الرحباني إلى العالمية، وذلك بعد أن قدم أعمالاً مع إذاعة (بي بي سي) البريطانية في لبنان، ومن ثم انتقل إلى إذاعة لبنان، وعمل بها مخرجاً ومستشاراً موسيقياً لمدة 10 سنوات، بداية من 1962 و1972، وبعد 4 سنوات قرر أن ينتقل من لبنان إلى فرنسا ليعيش مع أسرته بعيداً عن الحرب التي كانت مشتعلة حينها في بيروت.

لكن بعد فترة، عاد واستقر في لبنان وافتتح استوديو خاصاً به بتقنيات عالية، وأخذ يسجل جميع الألحان والأغاني لكوكبة كبيرة من الفنانين والنجوم اللبنانيين والمصريين، والعرب أيضاً.

أعمال إلياس الرحباني:

قدم الراحل إلياس الرحباني، أكثر من 3000 عمل موسيقي بين ألحان لأغانٍ وأخرى موسيقى تصويرية لأعمال درامية من مسلسلات وأفلام وحتى البرامج الإذاعية.

من أبرز الألحان الموسيقية التي قدمها الرحباني، كانت الموسيقى التصويرية لفيلم «حبيبتي» مع الفنانة فاتن حمامة، و«دمي ودموعي وابتسامتي» و«أجمل أيام حياتي» مع الفنانة نجلاء فتحي، بالإضافة إلى المسلسلات اللبنانية الشهيرة «لا تقولي وداعاً»، و«عازف الليل»، و«ألو حياتي»، وغيرها من الأعمال.

كما ألّف أيضاً أغاني باللغتين الإنجليزية والفرنسية، ومنها أغنية once again و«هالي دبكة يابا أوف» لصباح، وتعاونت معه جوليا بألبوم كامل باللغة الفرنسية، ولحن وكتب بالفرنسية أغنيات للفنانين مانويل، ليلى بعلبكي، طوني فاليير وكارل إس، وألبوماً أوبرالياً لإيريني شماس، وتعاون مع ​باسكال صقر​ لمدة طويلة، وقدّم معها أجمل الأغاني، منها «يا سارق مكاتيبي»، «اشتقنالك يا بيروت»، قصيدة يا حبيبي، ومع الأمير الصغير بألبوم كامل تضمن أغنية «كذابة»، كما أحيا العديد من الحفلات والرسيتالات في كازينو لبنان، وأهم المسارح العالمية مع باسكال صقر والمغني الأوبرالي إدي عون، وأعطى أغاني فرانكو- عربي لفريال كريم​ ومنها أغنية «مطار أورلي» التي شارك فيها معها.

وصلت أعمال إلياس الرحباني، إلى المسرح، حيث قدم أوبريت «أيام الصيف» في مهرجانات بيت الدين، وادي شمسين، وألف «سفرة الأحلام، جوهرة الأندلس، إيلا»، فضلاً عن تأليفه 3 مؤلفات هي «نافذة القمر» التي ترجمت إلى الفرنسية، و«الذئاب تصلي» وهي مجموعة منوعة من خيال وفكر إلياس الرحباني، ويلفت فيها بنظرة فلسفية إلى أنه عندما تصلي الذئاب يكون «الإيمان» في خطر، والحق في طريق الانحسار.