الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مدير عام "الوطني للتأهيل" بأبوظبي حمد الغافري: الإدمان الإلكتروني بوابة العنف والعدوانية وإيذاء الآخرين

مدير عام "الوطني للتأهيل" بأبوظبي حمد الغافري: الإدمان الإلكتروني بوابة العنف والعدوانية وإيذاء الآخرين
حذر الدكتور حمد الغافري، مدير عام المركز الوطني للتأهيل بأبوظبي، من خطورة الإدمان الإلكتروني، مؤكداً أن منظمة الصحة العالمية أدرجت إدمان الألعاب الإلكترونية ضمن تصنيفها الدولي للأمراض، مشيراً إلى أنه يمكن تشخيص أي شخص بكونه مصاباً باضطراب الألعاب الإلكترونية عندما يفتقد - وعلى مدار 12 شهراً على الأقل- القدرة على التحكم في عادات الألعاب.

وأشار الغافري في حواره مع «الرؤية» إلى أن الدراسات العالمية المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية أفادت بأن هناك أعراضاً مصاحبة لهذا النوع من الإدمان ومنها: الانعزال التام، واضطرابات الإدراك الحسي المتمثل في الهلوسة السمعية والبصرية، واضطرابات السلوك العدواني، الذي قد يؤدي إلى التورط في سلوكيات عنيفة قد تؤذي الشخص نفسه أو المحيطين به.

بات الإدمان الإلكتروني أحدث صور الإدمان في العصر الحالي، فما المقصود به وما مدى خطورته؟


في الوقت الراهن، لا يزال المختصون حول العالم يناقشون التعريف الأساسي للإدمان الإلكتروني، والذي يشمل على الأقل إدمان الحاسوب، والإنترنت، والألعاب الإلكترونية وكذلك إدمان استخدام الهواتف الذكية، علماً بأن منظمة الصحة العالمية أدرجت إدمان الألعاب الإلكترونية ضمن تصنيفها الدولي للأمراض.


* ومتى يتم تصنيف الشخص مدمناً إلكترونياً؟

وفقاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية للنسخة 11 من تقرير التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشكلات المتعلقة بالصحة، والذي تصدره المنظمة؛ فإنه يمكن تشخيص أي شخص بكونه مصاباً باضطراب الألعاب الإلكترونية عندما يفتقد -على مدار 12 شهراً على الأقل- القدرة على التحكم في عادات الألعاب لديه، ويعطي الأولوية للألعاب على الاهتمامات والأنشطة الأخرى، ويستمر في ممارسة هذه الألعاب على الرغم من عواقبها السلبية الوخيمة عليه وعلى أسرته وعلى المجتمع.



* إلى أي مدى انتشرت هذه الظاهرة في المجتمع الإماراتي، وكيف يتم التعامل معها؟

تنتشر السلوكيات، التي يمكن وصفها بالإدمان الإلكتروني، في مختلف مجتمعات العالم، التي تمتلك القدرات والبنية التحتية الواسعة للإنترنت وسهولة استخدام الأدوات الإلكترونية، كالحواسيب والهواتف.

وباعتبار الإمارات واحدة من الدول التي استطاعت أن تسخر هذه التقنيات لدعم مسيرتها التنموية، كان هناك لمثل هذه السلوكيات حضور لا يمكن التغاضي عنه بين مختلف فئات المجتمع.

ولا يمكننا القول إننا نسعى لإبعاد أفراد المجتمع عن أجهزتهم الإلكترونية، ولكننا نحاول -عبر البرامج التوعوية المختلفة- إرشادهم للاستخدام الأمثل لهذه التقنيات والأدوات التي يمكن بالفعل أن تكون ذات تأثير إيجابي غير محدود من الناحية العلمية والعملية، وكذلك الترفيهية.

* ما الأعراض المصاحبة للإدمان الإلكتروني؟

أفادت الدراسات العالمية المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية بتواتر أعراض مصاحبة لهذا النوع من الإدمان، على سبيل المثال: الانعزال التام واضطرابات الإدراك الحسي المتمثل في الهلوسة السمعية والبصرية واضطرابات السلوك العدواني الذي قد يؤدي إلى عنف شديد قد يؤذي الشخص نفسه أو المحيطين به.

* ما الفئات المستهدفة بنشاط المركز الوطني للتأهيل؟

نستهدف الفئات التي قد تشكل الحلقة الأضعف، والأكثر قابلية للتأثر بمثل هذه السلوكيات، وهي فئة طلبة المدارس والمراهقين وطلبة الجامعات. ونحرص على الوصول لهم عبر مختلف القنوات والوسائل. ونمتلك شبكة قوية من الشركاء في القطاع التعليمي، الذين يحرصون على تدريب كوادرهم وطلبتهم كذلك، ليصبحوا بمثابة سفراء لمركزنا يساهمون في توعية أجيال المستقبل،

وقد نفذ المركز، بالتعاون مع مدارس الإمارات الوطنية، مشروعاً توعوياً حمل عنوان «البرنامج المتكامل للوقاية المدرسية وتعليم الأقران»، هدف إلى تعزيز المهارات الحياتية لطلبة المدارس وتعزيز السلوك الاجتماعي الإيجابي والمعايير باستخدام تعليم الأقران المتبادل، وجرى تنفيذه على مدار عدة سنوات أكاديمية في 4 من فروع المدرسة ووفق خصائص اجتماعية وديموغرافية مختلفة.

* إلى أي مدى ساعد وجود عيادات لاستقبال المصابين بالإدمان الإلكتروني في حل هذه الأزمة؟

العلاج في كل حالات الإدمان هو المرحلة الأخيرة في سلسلة الأحداث، وواجبنا في المركز الوطني للتأهيل، واستناداً إلى قانون تأسيس المركز يتمثل في «علاج الإدمان بكل أنواعه باستخدام أحدث وسائل العلاج والوقاية المعروفة عالمياً، وبالتنسيق مع المراكز المماثلة والمتخصصة والمنظمات والوكالات الإقليمية والدولية العاملة في مجال مكافحة الإدمان وعلاجه».

والمركز يضم نخبة من المتخصصين في مجال التقييم النفسي والسلوكي وفي مجال التدخلات العلاجية النفسية واضطرابات المعرفة واضطرابات التحكم بالسلوك.

كما نمتلك في المركز الوطني للتأهيل القدرات والكوادر الطبية والتمريضية ذات الخبرة عالمية المستوى، ونحرص عبر شبكة علاقاتنا الدولية على مواصلة تطوير قدراتنا في التعامل وعلاج كل أنواع الإدمان، دعماً لما تعتمده الإمارات وقيادتها الرشيدة من استراتيجيات وطنية من شأنها دعم الارتقاء بالمجتمع الإماراتي المتنوع.

هل يقتصر التنسيق والتعاون على المجتمع المحلي أم أن هناك تنسيقاً مع جهات عالمية؟

كان انضمامنا إلى شبكة المركز الدولي لنقل التكنولوجيا المدعوم من قبل وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً، إحدى أبرز الشراكات التي ستتيح أمامنا فرصة تبادل الخبرات والمعلومات المرتبطة بمختلف أنواع مرض الإدمان مع دول مثل جنوب أفريقيا، وأوكرانيا، وفيتنام.

* هل بدأت العيادة الخارجية التابعة للمركز في استقبال الحالات؟

نواصل في المركز العمل والتنسيق مع شركائنا في منظمة الصحة العالمية، وأبرز المؤسسات المتخصصة في كل الولايات المتحدة واليابان؛ لتطوير قدراتنا التشغيلية وكوادرنا البشرية للتعامل مع أية مخاطر محتملة مرتبطة بالإدمان الإلكتروني للأطفال والبالغين على حد سواء. وأبواب المركز دائماً مفتوحة لكل من يعاني أو لديه شكوك حول إصابته بالإدمان على أي سلوك قد يؤثر سلباً على حياته.



* ومن هم الأفراد الذين يمكنهم الاستفادة من خدمات المركز؟

أبواب المركز مفتوحة لكل أفراد مجتمع الإمارات على اختلاف الجنسيات. ومؤخراً، حرصنا على أن تكون خدماتنا الإلكترونية أكثر تكاملاً، بحيث تتيح لكل أفراد المجتمع التواصل مع فريقنا المختص لطلب الاستشارات حول مختلف القضايا المرتبطة بالإدمان بكل أنواعه وبالأنماط السلوكية المرتبطة به والناتجة عنه.

ويمكن لكل أفراد المجتمع زيارة المركز أو التواصل معه هاتفياً من خلال الرقم المجاني 8002252 أو عبر صفحاته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، لحجز مواعيد الزيارات، كما يمكن للراغبين في الحصول على الاستشارة الإلكترونية التواصل مع المركز عبر الموقع الإلكتروني الخاص به، علماً بأن المركز يتعهد ووفقاً للقانون بالحفاظ على سرية معلومات مرضاه وحماية خصوصياتهم.

* وما دور الأسرة في إنقاذ أبنائها من الإدمان الإلكتروني؟

الأسرة هي صمام الأمان لأي مجتمع. ويعد تماسكها وترابط أفرادها المعيار الأساس لمخرجاتها في نطاقها الضيق، والنطاق الأوسع للمجتمع ككل.

هنا تكمن ضرورة تحفيز الآباء والمربين للانتباه لنوعية الأنشطة التي يمارسها أبناؤهم إلكترونياً ومحاولة ضمان سلامتها من جهة، وعدم استهلاكها لوقتهم وطاقاتهم من جهة أخرى.

وعلى مدار العام الماضي، شهدنا تغيرات غير مسبوقة على حياتنا، فأصبح عالمنا افتراضياً. ولم يكن هذا التغيير سهلاً لنا أو لأطفالنا، لكن كان يتوجب علينا جميعاً الالتزام بحماية مجتمعنا من خطر كوفيد-19 الذي ألم بالعالم أجمع. هذا التغيير حتم علينا أيضاً أن نعيد النظر في مفهوم اللعب بالنسبة لأطفالنا، خاصة مع انتقال أغلبه إلى ألعاب وأنشطة إلكترونية فردية كانت أو جماعية، آخذين بعين الاعتبار حجم المخاطر المرتبطة بمثل هذه الألعاب، خاصة عند الحديث عن احتمالية الانتقال إلى إدمان هذه الألعاب.

* وما إسهامات المركز في عملية توعية الآباء حول خطر الإدمان الإلكتروني؟

خلال الفترة الماضية صممنا برنامجاً متخصصاً يحمل عنوان «برنامج المهارات الوالدية»، نهدف من خلاله إلى تنمية مهارات الوالدين في التعامل مع أبنائهم، والسبل الصحيحة لفرض الرقابة السليمة والطرق الفعالة لتقديم وإعطاء النصائح والإرشادات، هذا البرنامج يسهم في تعزيز قدرة الوالدين على تجنيب أطفالهم مخاطر الانخراط بأية سلوكيات غير سليمة في المستقبل بما في ذلك الإدمان.

وكما يقال، فإن الوقاية دوماً خيرٌ من العلاج، لذا يتوجب علينا جميعاً كآباء ومسؤولين عن رعاية الأطفال، أن نحرص على أن نكون قدوة حسنة لهم، ومشاركتهم متعة طفولتهم باللعب معهم، ومن ثم سلك الطريق الصحيح على صعيد أساليب الوقاية والرقابة التي تبقيهم في مأمن من مخاطر الألعاب الإلكترونية المرتبطة بالسلوكيات والتي قد تسبب أزمات نفسية أو حتى الوصول إلى مرحلة الإدمان وهذا ما نخشاه.