الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

مقلوبة ومسخن .. مفتول وسماقية تستدعي الذكريات

يمثل رمضان للجالية الفلسطينية في الإمارات، فرصة لاسترجاع ذكريات الماضي الجميل والتنافس في عمل الخير وختمة القرآن، وإبراز القيم الأصيلة من صلة رحم وتزاور وتبادل التحايا والنصائح وعمل الخير، الذي يطهر النفس، ويستعيدون به صور وذكريات الطفولة.وعلى الرغم من أن هناك عدداً من التقاليد التي راحت ضحية تحت عجلات التطور التكنولوجي، وأمست ذكريات لدى أهل فلسطين في الشهر الفضيل، إلا أن الكثير من أبناء الجالية ما زالوا يحتفظون بعادات ومظاهر اجتماعية وثقافية توارثتها الأجيال، وتمسك بها الأبناء لتبقى محفورة في الذاكرة، ومن أبرزها الإفطار الجماعي للأسر، وقائمة المأكولات التراثية.

وتتميز المائدة الرمضانية الفلسطينية بثرائها بأصناف كثيرة، حيث يعتبر المطبخ الفلسطيني من أكثر المطابخ تنوعاً، وتتميز نكهة أطباقه بارتباطها بقصص تاريخية تحكي عراقة الماضي والتراث الفلسطيني، ويأتي على رأس هذه الأصناف المقلوبة والمسخن والملوخية والمفتول والمنسف والسماقية والكعك والمعمول والزبيب والقطين، فيما تتصدر القطايف الحلويات من دون منازع.

زينة وفوانيس


تحرص الفلسطينية هيام حرب، المقيمة في عجمان، على الاستعداد مبكراً لاستقبال الشهر الفضيل، عبر تزيين ركن خاص من صالة المنزل بإضاءات على شكل هلال ونجوم وفوانيس رمضان، فضلاً عن شرائها لمفرش جديد يزين طاولة السفرة بألوان زاهية، فضلاً عن تجهيزات المطبخ عبر شراء كل «مونة رمضان» على رأسها التمر الهندي والخروب والشوربات كشوربة العدس والفريكة والخضراوات المشكلة.


وتحضر الفلسطينية ضحى أبو وطفة، المقيمة في العين، شنطة رمضان كي تهديها للأصدقاء المقربين المقيمين بالإمارات كنوع من التهنئة بمناسبة حلول الشهر الفضيل، حيث تضع فيها سجادة ومسبحة وزجاجة فيمتو وبعض عبوات الجيلي أو كريم الكراميل، وهي النكهات التي تنتظرها كل عام في رمضان.

نافذة على الثقافات

وحول أبرز الطقوس التي تميز الشهر الفضيل وتنتظرها كل عام، قالت ضحى «لمة العائلة يومياً من أجمل الطقوس والعادات التي نمارسها خلال رمضان على عكس جمعاتنا التي تتم مرة كل جمعة خلال بقية شهور العام، الأمر الذي يجعلني أتمنى أن يستمر رمضان طيلة شهور العام».

وأضافت أن الإفطار الجماعي مع زملاء العمل والأصدقاء من الجاليات الأخرى يعد طقساً مميزاً يمارسونه كل عام، ما يجعلها أمسية أشبه بنافذة تعرفها بثقافات وطقوس الجاليات الأخرى المقيمة بالإمارات، فضلاً عن الأجواء الروحانية والسكينة التي تحل على تعامل الناس مع بعضهم بعضاً.

وقالت «يعتبر مشروب الفيمتو من المشروبات الرمضانية التي اكتسبتها عائلتي في ظل إقامتنا ونشأتنا بالإمارات منذ الصغر، فضلاً عن مشروبات أخرى كقمر الدين والخشاف، أما الحلويات فنقوم بإعداد اللقيمات والكنافة والقطايف بحشوات مختلفة كالجوز والمكسرات والقشطة والجبنة».

ولفتت إلى أن والدتها تحرص على طبخ الملوخية في أول يوم من أيام رمضان، وأنها عادة مكتسبة منذ مولدها، في حين تحضر أطباقاً أخرى خلال الأيام الباقية من رمضان بالتناوب بين المسخن وهو عبارة عن طبقات من الخبز المحشوة بالبصل المقلي بزيت الزيتون وتعتلي الطبقة الأخيرة الدجاج المشوي والمكسرات، إلى جانب المنسف والمفتول والبرياني والكبسة والقدرة الخليلية.

تباين في الطقوس

ولعل طقوس الجالية الفلسطينية تتباين وفقاً للموقع الجغرافي، فلكل منطقة من مناطق فلسطين أطباق مختلفة، بحسب سميرة نمر الحريم المقيمة في دبي، والتي تعود إلى مدينة سلفيت القريبة من مدينة نابلس، والتي أشارت إلى أن أهالي الضفة الغربية يشتهرون بالمنسف لقربهم من الأردن والقدرة الخليلية والكنافة النابلسية بالجبن العكاوي، بينما يختلف أهالي قطاع غزة بطريقة تحضير الكنافة ويميلون لحشوها بالمكسرات والقرفة.

وقالت «من المتعارف لدينا أن اليوم الأول من رمضان لا بد أن يكون طبقاً إما أخضر كأطباق السبانخ والملوخية والفاصوليا الخضراء، أو أبيض كالأطباق التي يتم طهيها باللبن كالفول الأخضر والكوسا والعكوب باللبن التي تنمو في الأماكن الجبلية بالضفة الغربية».

سلطة غزاوية

وحول طقوس أهالي قطاع غزة، قال محمد مخللاتي، من مواليد الإمارات ومقيم بعجمان: «يتميز أهالي غزة بحبهم للمأكولات الحارة، فتجد نكهة الفلفل الحار بأشكاله في معظم الأطباق الغزاوية، ولعل طبق السلطة الغزاوية أساسياً خلال شهر رمضان المبارك، حيث تتكون هذه السلطة من الفلفل والثوم وعين الجرادة (بذور الشبت المجففة) التي تدق بالهاون بزبدية مصنوعة من الفخار، ويضاف إليها الطماطم والخيار والبصل والملح وزيت الزيتون، والتي تؤكل بالخبز الذي يميل معظم أهالي غزة لخبزه منزلياً»

طقوس متداخلة

قالت الفلسطينية وفاء الطنطاوي، من مدينة الرملة الواقعة بالأراضي المحتلة عام 1948 والمقيمة بعجمان منذ ثلاثين عاماً «قد تكون الاختلافات بين أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة كبيرة، ولكن في ظل أحداث النكبة والتغريبة الفلسطينية اكتسب الأهالي عادات وطقوس عدة متداخلة من حيث الطبخ واللبس والعادات».

ونوهت بأن نشأة ومولد أبنائها الخمسة في الإمارات أكسبهم طقوساً رمضانية من جاليات عدة، نتيجة الاختلاط مع أصدقائهم وجيراننا من جنسيات أخرى، إلى جانب طبخة السماقية الأساسية ليلة العيد، والتي اكتسبها المهاجرون من أراضي 48 إلى قطاع غزة