الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

الموقفان الأوروبي والأمريكي.. ومجلس التعاون الخليجي

الموقفان الأوروبي والأمريكي.. ومجلس التعاون الخليجي

خالد المصري

بقلم: أحمد الباز

تُعتبر الولايات المتحدة هي الحليف التقليدي لدول مجلس التعاون الخليجي، ولطالما سعت واشنطن إلى تطويق منطقة الخليج بهدف منع أي قوى دولية أخرى من ممارسة دور هناك، خصوصاً أوروبا، ورغم ذلك، فإن دول مجلس التعاون قد سعت منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي إلى توسيع علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وهي الرغبة التي تبادلها الطرفان، ما مهد لتحول في غاية الأهمية يتكئ على أن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون هي علاقة «شراكة» ما يجعلها تختلف عن نمط العلاقة الذي تتبعه الولايات المتحدة في علاقاتها مع مجلس التعاون، أي نمط «السيطرة».


وهناك العديد من مظاهر الاختلاف بين كل من السلوك الذي تتبعه أمريكا، وذلك الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي عند تدشين علاقات مع مجلس التعاون الخليجي، والخطوط العامة لهذا السلوك كالتالي:


أولاً: السمة العامة للتواجد الأمريكي بمنطقة الخليج هو أنه تواجد عسكري، فاللقاء الذي جمع بين الرئيس أيزنهاور والملك سعود عام 1945 كان على متن السفينة الحربية «كوينسي»، كما رُفع العلم الأمريكي على ناقلات النفط الخليجية إبان الحرب العراقية الإيرانية، وتم تأسيس قوة المنطقة الوسطى العسكرية الأمريكية بالخليج، بالإضافة إلى تثبيت التواجد العسكري الأمريكي من خلال عملية عاصفة الصحراء عام 1991، ثم التوسع عسكرياً بعد حرب العراق عام 2003، كما للأسطول الأمريكي الخامس مقر في البحرين، وقاعدة أمريكية في قطر.


ثانياً: على عكس الولايات المتحدة، فإن الاتحاد الأوروبي حاضر في القلب الخليجي بأشكال مختلفة، تتعدى الشكل العسكري الأمريكي، سواء على المستوى الثقافي، ومكاتب التمثيل الدبلوماسي الفاعلة بدول المجلس، وكذا مشاريع مكافحة الإرهاب.

ثالثاً: في حين أن التوصيات الأمريكية بشأن معالجة أزمات منطقة الخليج تعتمد على استراتيجية «القوة الخشنة»، فإن نهج الاتحاد الأوروبي يعتمد سياسة عدم التصعيد والدفع بالدبلوماسية لمعالجة الأزمات وتحييد العمل العسكري كلما كان ذلك ممكناً، ويتضح ذلك في ذهاب الولايات المتحدة إلى العراق وهي لم تحصل على إجماع أوروبي بشأن الموافقة على شن حرب على بغداد، نظراً لأن الأوروبيين قد أبدوا قلقهم من النتائج المترتبة على استخدام الولايات المتحدة للقوة العسكرية، وهو نفس الموقف الأوروبي من الدعوة الأمريكية لتشكيل تحالف بحري في الخليج.

رابعاً: بينما تتعامل الولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون انطلاقاً من مبدأ«السيطرة»، فإن الاتحاد الأوروبي يتبع نهج «الشراكة» في علاقاته مع هذه الدول، حيث يمكن ملاحظة حالة العلاقة التشاركية بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي في صفة المؤسسات والمجالس بين الطرفين، حيث أخذت صفة «مجالس مشتركة، فتم تأسيس المجلس الوزاري الخليجي الأوروبي المشترك، الذي يعقد اجتماعات سنوية بين الطرفين لمناقشة ما يستجد من أمور والأخذ بتوصيات الطرفين.

خامساً: ترتب على هذا السلوك الأوروبي المخالف للسلوك الأمريكي، أن شعرت دول مجلس التعاون بأنها تتمتع بحالة من النّدية والاستقلال في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وهو عكس ما كانت تشعر به في علاقاتها مع الولايات المتحدة.

لذا يجب دعم أي مشاريع تحول نحو تمتين العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون، وترويج رؤية جديدة بأن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يكون موازناً عقلانياً له خبرة بحقل العلاقات الدولية، هذه الخبرة الأوروبية التي تعترف بها الولايات المتحدة بنفسها، حيث قال بريجنسكي يوماً «من الضروري التعاون مع أوروبا بدلاً من السعي نحو تفتيتها، فالأوروبيون لديهم خبرة واسعة في بعض المجالات أفضل من تلك التي نمتلكها نحن الأمريكيين»