الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إلى ذلك اللقاء

إلى ذلك اللقاء
من دون أن أدري، وفي كل يوم أربعاء أتوه بين قلقي المتعب وانتظاري اللامحدود.. أرنو إلى ساعتي، قبل أن تهزني قشعريرة توقظني من حلم ما انفك لصيقاً بي منذ أن غادرت ولم تعد.. تلاحق عيناي زحف عقارب الساعة وهي تقترب من الثامنة من مساء كل أربعاء، ويقرع جدار ذاكرتي صوت هاتف لم يرن منذ أربع سنوات، كما اعتاد دائماً عندما كنتَ تبادرنا للاتصال حالما تطأ قدماك المطار، فرحاً بعودتك متلهفاً لأسرة أحبتك وملكتَها بحبك، وبتَّ كالهواء لأزاهير حياتها التي روتها يداك، وظللها حبك الدافئ.

العاشر من يناير عام ألفين وسبعة عشر، لم يكن كغيره من الأيام، ولن يكون كذلك أبداً، فهو يوم رحيلك إلى ملكوت الله، مكلَّلاً بتاج الشهادة، بعد أن قدمت أغلى ما تملك في سبيل الله والوطن، والإنسانية.

طفلاك، زاد عُمْرهُما أربعة أعوام، وزاد عمري أربعين وأنا أتجرع كل يوم ألم الشوق ومرارة الفراق.. تمضي بنا الأيام وتنجلي ليالينا على صباحات نحس فيها بالضياع، ونحن نبحث عنك في اللاشعور، أيها الشهيد الغائب الحاضر فينا.


يا حبيبي أحضرت لك العشاء، ومع الأطفال أنتظركَ منذ أربع سنوات، عندما شاءت الأقدار أن تغادرنا إلى الأبد، خالداً في جنات النعيم، مصداقاً لقوله تعالى: «ولا تحسبنَّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً ۚ بل أحياء عند ربهم يُرزقون» (سورة: آل عمران - الآية: 169) أشتاق إليك وأنت في داخلي تقيم، وأشمخ برأسي عالياً بعد أن ألبستني بها تاج زوجة الشهيد، أما عزائي فهو الرضا بقضاء الله وقدره، وتربية طفليك كما كنت تحلم على الإيمان بالله وحب الوطن، ليكونا خير خلَف لك أيُّها الغالي.