الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المثلية في أفلام الكرتون

المثلية في أفلام الكرتون
بقلم: محمد عواد كاتب ـ الأردن

يستمر الانفتاح الإعلامي العالمي على قضايا المثلية حول العالم، والدعم غير المسبوق الذي تتلقاه الجماعات الناشطة للاعتراف بهذه الفئة كفئة ثالثة مستقلة، تنال حقوقها كاملة، بما يشمل ذلك الزواج وتفاصيل القانون والميراث.

واشتهرت منصة نتفليكس في الفترة الأخيرة بعرضها المستمر لشخصيات مثلية، لدرجة رأى فيها الغربيون أنفسهم مبالغة، لأن ميول بعض الشخصيات لا تهم في كثير من المواقف السينمائية، لكن الإصرار على عرضها أظهر وكأن هناك غاية في نفس يعقوب، والغاية هنا لم تكن تعاطفاً، فحسب كثير من المراقبين هي تجارية بحتة، لاهتمام هذه المنصة بشكل رئيس بالمشاهدين في أمريكا وبريطانيا وأستراليا، وهي دول أثبتت الدراسات فيها أن القدرة الشرائية لدى المثليين أعلى من غيرهم، وبالتالي محاولة إغرائهم بمحتوى مخصص لهم للاشتراك، تبدو غاية مبررة لدخول نتفليكس معارك في دول أقل أهمية له، لا تشرِّع المثلية حتى الآن.


ما تقدمه نتفليكس حتى الآن يتعلق بمحتوى مخصص للكبار، لكن الإشاعات المستمرة على أن شخصية «إيلسا» إحدى بطلات فيلم فروزن من ديزني، ستظهر في الجزء الثالث كشخصية مثلية لديها صديقة، هي النقلة المهمة في التعامل مع ذلك الانفتاح الإعلامي، فنحن أمام فيلم مخصص للأطفال، يجعل إحدى البطلات مثلية، وهي خطوة يبدو أنه كان مخططاً لها، في ظل أن شخصية إيلسا منذ الجزء الأول وهي ترفض العلاقات الغرامية، كتلميح إلى ميول مختلفة لديها.


هذا التلميح ظهر أيضاً في فيلم «Despicable me»، إذ إن إحدى الفتيات الثلاث اللواتي يشكلن أسرة بطل الفيلم، تبدو رافضة لأي علاقة بين رجل وامرأة، وأظهرت علامات القرف على أي نوع من المشاعر بين الجنسين، لكن لم يجرؤ أي فيلم كرتوني شهير على خطوة الإعلان حتى اللحظة، لكنها قادمة لا محالة، سواء مع «فروزن» الجزء الثالث أو غيره.

وإذ يمكن تفهم هذا الإنتاج من قبل هذه الشركات، فهي تستهدف مجتمعاً مختلفاً عنا تماماً من حيث البنية الفكرية والنظرة لمثل هذه التفاصيل، وإن كان الكبار في مجتمعنا يمتلكون حق الاختيار لما يشاهدونه ويتابعونه في زمن الفضاء الإلكتروني الحر، ومهما كانت هناك محاولات لمنعهم من الوصول لمشاهدة ما يريدونه، فسوف ينجحون في ذلك، لكن الموضوع يختلف تماماً عندما نتحدث عن الأطفال.

فالطفل بطبيعته يميل للتقليد، فلو أحب شخصية سيحاول استنساخها، وهنا نتحدث عن احتمال تقليد الطفل لمفاهيم مرفوضة تماماً في مجتمعه، بل مدانة بشكل قاسٍ، الأمر الذي قد يدخله في مشاكل لا تنتهي، وربما يعرضه لخطر الاستغلال، ويترك لديه جروحاً نفسية لن يداويها الزمن.

المسألة لا تتعلق باختلاف ثقافات وصراع أفكار، كما يحدث في المحتوى المعروض للكبار على غرار ما جرى في مسلسل «جن» الذي قدمته نتفليكس، إذ إنني أميل في هذه الزاوية إلى حرية الفرد البالغ بالاختيار واعتماده على عقله وليس تسييره، لكن الموضوع مع الأطفال مختلف تماماً، فهو لا يساعدهم، بل يهددهم جداً.

ومع وضوح تفوق نتفليكس في منطقتنا على كل المنافسين المحليين، ومع توقع تحقيق ديزني وأبل وأمازون التفوق نفسه، ولأن أطفالنا من حقهم مشاهدة المحتوى الأفضل والأكثر تقدماً الذي تقدمه هذه المنصات، فلا بد من خطوات قانونية تبدأ اليوم لتنظيم العلاقة مع هذه المنصات العملاقة، من حيث نوع المحتوى الذي سيتم عرضه للأطفال، من منطلق نقاش الحماية لهم قبل الوصاية على أفكار المجتمعات الأخرى.

هذه المنصات ستكون دائماً بحاجة للتواجد في أسواقنا ولو كانت صغيرة، مقارنة بالسوق الأمريكي والبريطاني من ناحية الفضاء الإلكتروني، فهي لن ترتاح لترك منصة أخرى تبدأ وتتطور في مناطقنا، وتنشر نحو أسواق أخرى تهددهم، لذلك ستكون مستعدة للتفاوض دوماً.