الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

خطورة الرسائل المُبطَّنَة

خطورة الرسائل المُبطَّنَة
بقلم: محمد باحارث كاتب ـ السعودية

في غياب الدور الرقابي على الدعاية والإعلان، تقوم جهة بعمل قوانين للإعلانات المرئية والمسموعة، وجهة أخرى بإعداد قوانين للإعلانات المطبوعة، وجهة أخرى لعمل قوانين لوكالات الدعاية والإعلان، وأخرى بعمل قوانين للتخفيضات والعروض.

وفي الدول المتقدمة مثل: الولايات المتحدة الأمريكية هنالك هيئة متخصصة للدعاية والإعلان تُنظم قوانين سوق الإعلانات وتشرف عليه بشكل متخصص، مثل: الفيدرالية الأمريكية للإعلان، ومجلس الإعلانات، وجمعية المعلنين الأمريكية، والجمعية الأمريكية لوكالات الدعاية والإعلان.


لذلك أكرر حاجتنا إلى هيئة للدعاية والإعلان تسحب الصلاحيات من الجهات الأخرى، وتضعها في مكان واحد موثوق به، وجهة واحدة مشرعة دون تخبط، كما يجب على كل واحد منا أن يسهم في رؤية ٢٠٣٠ بجدية، بما يطوّر أوطاننا، وبما يجعلنا نتجاوز واقعنا وسلبياته إلى مستقبل فيه الأمل لأبنائنا وللأجيال القادمة.


الملاحظ أن من بين ما يهدد مستقبل الجيل القادم هي الرسائل المبطنة (رسائل السبليمنال)، حيث تصل هذه الرسائل عبر وسيط مسموع أو مرئي ثابت أو متحرك، ولا يمكن للمتلقي تجنب سماع أو رؤية الرسالة وتنفيذ محتواها، ذلك لأنها تتجاوز وعيه والدفاعات الطبيعية للعقل وتزرع الأفكار بدون حواجز أو مقدمات، وهنا يمكن الخطر الحقيقي.

فعلى سبيل المثال إذا وضعت رسالة سبليمينال عبارة «اشتري كتابي» فإنه لا يمكنك التهرب من هذه الرسالة، لأنها أوامر تصل مباشرة إلى العقل، ولكن لكل شخص تفاعله معها مختلف، فمنهم من سوف يشتري الكتاب خلال ساعة، وآخر خلال 12 ساعة، وثالث خلال 48 ساعة، ولكن كلما كان الشخص أكثر مشاهدة للأفلام والمسلسلات كان أكثر تجاوبًا.

فمثلا هنالك فيلم وثائقي رائع جدا يشرح مدى خطورة هذه الرسائل اسمه Programing the Nation، أي برمجة الأمة و هو يشرح تاريخ هذه الرسائل ومدى تأثيرها على الإنسان بشكل عام وخاص.

كما قام المنوم المغناطيسي البريطاني الشهير دارين براون في برنامجه Mind Control باستعراض حلقة كاملة عن الموضوع بشرح الخطوات مفصلة ونتائجها على أفراد يعملون في مجال الدعاية والإعلان، واستطاع التأثير عليهم دون علمهم وهم خبراء في هذا المجال!.

فلذلك نحتاج إلى جهة متخصصة تراقب وتفحص كل الإعلانات ووسائلها وتضع قوانينها، وتحمي المواطنين من هذه الرسائل ومن الادعاءات والمزاعم غير الصحيحة.

تُرى من سيراقب الإعلانات والقنوات إذا كان فيها رسائل سبليمينال صوتية أو مرئية تدعو الناس إلى التظاهر أو إلى الشغب أو حتى التذمر والانتقاد؟، ومن هي القنوات التي تبث رسائل سبليمينال في جزيرتنا العربية؟، وكم متخصص يستطيع تفكيك هذه الشفرات وتحذيرالعامة منها؟.

إذن هناك جدوى من إنشاء شرطة إعلان ومختبر متخصص، لأن ذلك سيعود بالنفع العام على الدولة و يدر دخلا إضافياًّ لها، وستكون هنالك احصائيات مباشرة ودقيقة لسوق الإعلانات، كما سينتفع على القطاع الخاص بذلك.

للعلم توجد وكالات دعاية وإعلام تدس السم في العسل متعمدة، ووكالات تعمل لصالح دول معادية وتزرع عبارات وألفاظ وكلمات للتأثير الجمعي على المواطنين، وتأجيج الرأي العام، والتأثير على صناع القرار ومن حولهم.

فإذا كان أعداء الوطن يستغلون عدم وجود هيئة للدعاية والإعلان في بث رسائلهم عبر وسائط محلية، ولا توجد أي جهة او قانون يحاسبهم ويردعهم، من منطلق أنه مجرد إعلان، لكن أنا وأنتم نعرف أن المسألة أكبر من ذلك بكثير.

هنا أتساءل: ماذا سنخسر بالرقابة والتنظيم.. وماذا سنربح؟.. بغض النظر عن الإجابة.. هيا نبدأ.