الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ذاكرتنا.. والأجهزة الذكية

ذاكرتنا.. والأجهزة الذكية
بقلم: رنا سعادة أستاذة اللغة العربية ـ الأردن

تمسك هاتفك النقال أو تضعه على أذنك، وفي الوقت ذاته تبحث عنه.. يتكرر هذا المشهد كثيراً، أو على الأقل ما يشابهه، كأن تبحث عن قلمك وهو أمامك أو عن حقيبتك وهي على كتفك.

هل أصبحت ذاكرتنا قاصرة عن مد يد العون لنا في أمور حياتنا البسيطة؟.. سؤال يتبادر إلى الذهن كلما حثثنا الذاكرة لتسعفنا في شؤوننا اليومية الخالية من التعقيد.


ومقياس تلك الأمور أنها روتينية، سهلة، يسيرة، لا تحتاج إلى مزيد جهد لاستحضارها.. لقد عودنا أنفسنا ـ مع الأيام ـ على ترك ذاكرتنا وراءنا، ونلهث وراء احتياجات اليوم والغد، فتتحول حياتنا إلى عجلة تستبق الأحداث ويتسلط فيها الضوء على الغد.. نلهث خوفاً من أن نضيع المستقبل فيضيع الماضي في ثنايا ذاكراتنا المهترئة، فنغدو كالهارب من الرمضاء إلى النار!


فقدنا ـ بالفعل ـ فرضة تذوّق حلاوة اليوم والاستمتاع بالحاضر.

كلنا مذنبون في حق ذاكرتنا، وفي حق اللحظة الراهنة، بدليل أننا ـ وبتواطؤ مع مقتضيات العصر ـ استبدلنا ذاكرتنا وقدرتنا العقلية على حفظ المعلومات بالذاكرة الرقمية، واحتلت أجهزتنا المحمولة من حواسيب وأجهزة لوحية وهواتف متحركة محل العقل، لتنسخ هذا النوع من الذكاء من عقولنا، فأصبحنا ننعتها بالذكية.. أجهزة ذكية نخزن فيها أرقام التواصل ونحفظ ملفاتنا الهامة في حواسيبنا، ونصل إلى المعلومات من خلالها.

وهكذا باتت هواتفنا الذكية تسعفنا قبل أن تسعفنا ذاكرتنا.. استبدال خاسر لا بد أن نواجه عواقبه الوخيمة على ذاكرتنا، وعلى عقول أبنائنا الأشد تأثراً بها منا.

فإن كان جيل الألفية الثانية قد تأثر بهذه الأجهزة الذكية على الوجه الذي نراه الآن، فإن جيل الـ2010 قد أبصر الدنيا من خلالها.. فماذا بعد؟