السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

أولئك يطلق عليهم لقب «سوبر صحفي»

أولئك يطلق عليهم لقب «سوبر صحفي»
بقلم: محمد سعيد الصاوي إعلامي ــ مصر

كثيرا ما نسمع عن أبطال خارقين يحاولون حماية كوكب الأرض من الغزاة الفضائيين، وتتعالى نبضات القلب والإثارة عندما نشاهد قدرتهم الهائلة على تحقيق المستحيل والإطاحة بالخصوم مهما كانوا جبابرة، ونرتجف خيفة عليهم عند سقوطهم خشية الظن بأنهم قد تم القضاء عليهم، ونتنفس الصعداء عندما يقفون مرة تلو المرة.

نرى قصص هؤلاء الأبطال على الشاشات فقط، ولكن هل يعيش الخارقون على كوكبنا حقا؟.. وهل يوجد بيننا من يواجه الصعاب كل يوم ويعيش حاملاً روحه بين كفيه؟.. نعم هناك كثيرون من هؤلاء يعيشون بيننا دون أن نعرفهم، لأنه لا يتم تصوير فيلم عنهم، أو يكتب عنهم كتاب أو تنتج لهم شركات الإنتاج مسلسلات تنشر على المنصات المقروءة والمرئية والمسموعة، ولا نرصد تكريماً لهم في مهرجانات السينما، ولم نسمع بهم بين الشخصيات الأكثر تأثيراً كل عام.


هم باختصار مجموعة من الباحثين عن المتاعب حيثما وجدت، يذهبون إليها دون تردد، ليس حباً فيها ولكن لكشف غموض ما حول قضية أو تحري المعلومات بحثاً عن فساد هنا أو هناك، هؤلاء نطلق عليهم «صحافيي الاستقصاء»، يعملون بعيداً عن الأضواء فهم ليسوا في حاجة لها.


لقد شهد العقد الماضي تجارب متنوعة وثرية لعدد من الصحفيين من كل أنحاء العالم.. تحقيقات صحفية محلية وعالمية ـ تعرف أيضاً بالتحقيقات عابرة القارات ـ وأسست عدة منظمات ومؤسسات دولية للإشراف على تنظيم وإدارة مجموعات العمل من مختلف الجنسيات.

أولئك الصحفيون أزاحوا الستار عن تحقيقات نفذت بأعلى درجات الاحترافية والسرية التامة في العمل والتنسيق، سقطت على خلفيتها عشرات الأقنعة عن رموز وزعماء العالم حيث تكشفت الحقيقة.. وثائق تحمل معلومات في غاية الخطورة عكف أصحابها عليها بالشهور المتواصلة دون كلل أو تعب من التقصي والتدقيق للتأكد من سلامتها وصحتها، للوصول إلى لحظة إعلان الحقيقية من ناحية ومجابهة خطر السجن أو النبذ، وربما القتل الذي طال أحدهم بالفعل!

تاريخ مليء بقصص وروايات عن صحفيين ضحوا بأنفسهم في سبيل كشف الحقائق والأدلة، وتقديمها للجمهور يحكم عليها كيفما يشاء دون تدخل منهم في توجيه آراء أو وجهات نظر.. لا يوجد يوم عالمي للصحفي للاحتفاء به وبدوره في مجتمعاتنا، ولكنه اليوم العالمي لحرية الصحافة حتى نتذكر دوماً أن العيد الحقيقي للصحفي هو أن يصبح طيراً حراً طليقاً يغرد كيفما يشاء دون قيود أو عراقيل.

لم يكن يعلم «يوهان جوتنبرغ» وهو يخترع آلته الفريدة للطباعة عام 1440 أنه سيأتي يوم يحظر فيه النشر، يوم تكمم فيه الأفواه بالحديد والنار، ولكن كلما ظهر الفساد في جانب ما من هذا العالم، وجد له من يقاومه ويضعه أمام الجمهور صاحب الحق في المعرفة والمحاسبة.

كما لم تقم موسوعة «غينيس» بإدراج معيار لقياس نسبة المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون أثناء أو بعد نشر تحقيقاتهم ضمن مؤشراتها العالمية للأرقام القياسية، فقط بعض الجوائز الإقليمية أو العالمية، ولكن يبقى الإرث الوحيد لهؤلاء هو التأثير الحقيقي بتحويل مجتمعاتهم للأفضل، لذا لا بد من الإشادة بدور خارقي هذا الزمان، الذين استحقوا عن جدارة لقب «سوبر صحفي»