الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

واقع صفقة القرن.. بلا عواطف

واقع صفقة القرن.. بلا عواطف

تالتلاتلا صفقة القرن

بقلم: أحمد أمين نمر إعلامي ـ الأردن

منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يسمى بصفقة القرن، ضج العالم بين مؤيد ورافض للخطة أحادية الجانب، التي، فعلياً، ألغت جميع المبادرات السابقة وقرارات الأمم المتحدة التي جاءت نتاج عقود من المفاوضات والشد والجذب.

ولكن بالنظر لبنود الصفقة وموعد إعلانها في هذا التوقيت، من جانب، والحقائق على أرض الواقع الفلسطيني، من جانب آخر، كان لا بد أن نواجه أنفسنا قبل أن نلوم غيرنا، بعيداً عن العواطف، ونجيب على السؤال الأهم، وهو: لماذا وصلنا إلى هذا الوضع؟


بداية، من الوهم الاعتقاد أن إعلان ترامب في الوقت الحالي هو لكسب اللوبي الصهيوني في الداخل الأمريكي، لمواجهة محاولة عزله من رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عبر الكونغرس، ذلك لأن القرار الأخير «كما حصل» لمجلس الشيوخ الذي يمتلك الجمهوريون النصيب الأكبر منه، وهو قوة ترامب الفعلية في الداخل الأمريكي، ومن يؤيد أن الإعلان يأتي في ظل اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، فلا بد أن يقرأ المشهد من جديد، ويبحث في برنامج ووعود دونالد ترامب الانتخابية بالنسبة لإسرائيل، التي يمكن القول: إنه أنجزها جميعاً بإعلان صفقة القرن أخيراً، حتى صُنف الصديق الأفضل للدولة الصهيونية على مر التاريخ، حسب رئيس الوزراء الإسرائيلي.


أما من جانب نتنياهو، فربما، يكون المستفيد الأكبر من الصفقة وموعدها بضرب 3 عصافير بحجر واحد، العصفور الأول هو التخلص من اتهامات الفساد التي تلاحقه، أما العصفور الثاني فيتجسد في كسب موقف الأغلبية على الساحة الإسرائيلية التي أيد ثلاث أرباعها الصفقة في جولة الانتخابات المقبلة، أما العصفور الثالث، والأهم، فهو إرضاء أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» بتطبيق خطته بتبادل المنطقة المأهولة التي كان ينادي بها في السنوات الماضية، التي تقترح تبادل الأراضي المأهولة بالعرب واليهود بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، ما قد يُوجد توافقاً لحكومة مستقبلية، فشل كل الأطراف في تشكيلها عقب الانتخابات، الاثنين الماضي.

في المقابل، عند الحديث عن الواقع الفلسطيني، علينا أن نعترف أنه الممهد الأول، والأساس المتين لإعلان صفقة القرن، ويمكن تلخيصها بثلاث نقاط أساسية، أولها: ضعف موقف الأحزاب الفلسطينية في ظل استمرار الانقسام، وعدم وحدة الصف بين التنظيمات السياسية، وهو ما جعل بعضهم يرتمي في أحضان دول خارجية، مستفيدة من استمرار الانقسام بما يخدم مصالحها، البعيدة كل البعد عن مصلحة الشعب الفلسطيني.

أما النقطة الثانية فتتلخص في الواقع المفروض على الأرض، فإسرائيل مطبقة فعلياً بنود صفقة القرن وأكثر، فهي مسيطرة على كل مناحي الحياة في الضفة، وتفرض هيمنتها على القدس والمسجد الأقصى في ظل صمت عربي ودولي، حتى الأغوار، فمن ينكر أنها بيد الإسرائيليين فعلياً؟

أما اللاجئون فلم ولن يعودوا في ظل استمرار الاحتلال، ومع هذا تستمر خطط الاستيطان في التوسع والتمدد على حساب الأراضي الفلسطينية.

والنقطة الثالثة وليست الأخيرة، تتلخص في القيادة الفلسطينية الحالية التي هي نفسها مهندسة اتفاقية أوسلو في عام 1993 ولم تقدم للفلسطينيين أي شيء منذ إعلانه، بل أنتجت سلطة ضعيفة متهالكة، متوسط أعمار قيادتها فوق الستين.

الحديث يطول عن الواقع الفلسطيني، ولا يكفيه مقال واحد لمناقشته، ولكن يجب أن يكون إعلان صفقة القرن، بغض النظر، كنت مؤيداً أم رافضاً، بداية لتغير الواقع الفلسطيني للأفضل، للتمكن من المفاوضات بموقف القوي، وأن نتقدم ولو لمرة خطوة إلى الأمام دون الرجوع للخلف كحالنا دوماً.