الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

الانسجام النفسي

الانسجام النفسي
د. محمد سعيد حسب النبي أستاذ جامعي ــ مصر

من بديع ما كتب «هارولد شيرمان» الأديب والروائي الأمريكي: «أن التفكير الإيجابي الخلاق والإبداعي يتلخص في مراقبة الأفكار والسيطرة على الخواطر، والتي تعد مهمة شاقة وليست سهلة؛ فكمية الأفكار والخواطر التي ترد علينا لا شعورياً هائلة، ولذا فنحن نملك مراقبتها وإقصاء سيئها وقبول جيّدها، أما تجنبها فهو أمر لا يقدر عليه أحد». إن مراقبة الأفكار مهمة ضرورية وليست اختيارية، ووصولنا إلى الانسجام النفسي وتماسك البناء الداخلي لا يأتي صدفة، وإنما يتطلب جهداً متتابعاً وإرادة لازمة.

إن السلام الداخلي يجعل الإنسان قادراً على إدارة المواقف التي يمر بها، والمتمتعون بالانسجام الداخلي يمتلكون مهارة استعادة التحكم، حيث لا يسترسلون خلف المواقف التي يستتبعها المجهول، بل يعيدون للقارب النفسي توازنه وثباته.. إنهم أصحاب الشخصية الإيجابية الذين يتمتعون بثقة وتماسك واضحين، فلا ينساقون وراء الانفعالات والأفكار والعواطف، التي تبعد عن التماسك وتسلم إلى الأفكار السلبية.


وأصحاب الفكر السلبي يتصفون بالتشاؤم في رؤية الأشياء التي تحيط بهم، والمواقف التي يتعرضون لها، كما يتصفون بالمبالغة في تقييم الظروف، إنهم يحولون الوهم إلى حقيقة، واللاشيء إلى أشياء مسيئة. أما أصحاب التفكير الإيجابي فيتصفون بالتفاؤل، فيرون الجمال في كل شيء وفق منهج حياة يقودهم إلى النجاح الدائم.


إن مراقبة الأفكار منهج حياة يقصي كل فكرة سلبية؛ فقد صار من اليقين أن كل فكرة ما تلبث أن تستحيل إرادة، ومن ثم تصير فعلاً.. فعادةً، يصعب مع الوقت تغييرها. وبناء الشخصية الإيجابية يستلزم ثباتاً وانسجاماً داخلياً، وهي عملية ممكنة لمن أراد ذلك. إن التفاؤل والهدوء والحكمة من وسائل الانسجام النفسي، الذي يبقيك ثابتاً متطلعاً للجانب المشرق، ومتأملاً جمال الوجود والحياة.