الاثنين - 19 مايو 2025
الاثنين - 19 مايو 2025

الكرتون الجزائري.. بدقة بولندية

الكرتون الجزائري.. بدقة بولندية
لؤي خالد كاتب ـ بولندا

في مبنى سفارة الجزائر بـ«وارسو» لفتت انتباهي مسودة كتاب مصور سُمِّيت “rigor" يفشي اسمها بقوة ما، أحسست بها رغم جهلي مبدئياً بمعنى الكلمة.. هي لغة بولندية، ورحت أتأملها فاتضح لي أنها قصة كرتونية تروي مشهداً من مناظر الصراع العديدة التي تحملتها الجزائر والمنطقة بأسرها في وقت من الأوقات.

وبرغم بساطة الرسوم الأخرى، إلا أنها جميعها مرسومة بخط أسود عريض يبدو فجّاً في بعض الأحيان، وهنا صُدمت من مدى ذكاء المؤلف، أو بمدى استيعابه للحدود والمسميات الجزائرية ومفهوم الضراوة والثبات لدينا.


كان الكتاب موضوعاً بذكاء أسفل صورة فريق كرة قدم مكون من جزائريين من مختلف بقاع الخضراء، ترى فيه التباين العجيب الذي تحمله أرضنا المعطاءة، وبهذا، شكَّل الكتاب الذي يعني اسمه: الدقة والحزم (بعدة لغات لاتينية) الخطوط العريضة للطبيعة الجزائرية، التي تصطدم بها كلما تعاملت مع الجزائريين في محل عملهم، وكنت أختبرها في كل مرة حين أحضر فيها إلى السفارة.


لقد فوجئت أن تحديد معالمنا التي تظهر هنا من الصور والكتب ومكان الكراسي، كفيلة بوضع قواعد أفضل، ولا سيَّما أننا في عصر أصبح الكل فيه يتشدق، ويحلل المعاني المختلفة للأسماء والحدود، بغية وضع نفسه في مصاف الفاهمين، وخدمة لمآربه السياسية، كما نرى الآن عبثيَّة في العالم حول مواضيع من المفترض أن النقاش فيها قد طُوِيَ منذ زمن بعيد.

وهكذا ومن دون سابق إنذار تغيَّرت الخطوط السوداء العريضة إلى أخرى أقل اندفاعيّةً، وتحوّلت أسماء العاملين في السفارة في ذهني من ذوي المعاطف السوداء إلى المحققين الدؤوبين على إيجاد الحلول رغم ضعف حيلتهم أمام مُرتدي اللون الأزرق سواء من كانوا يمثلون (تان تان) الصحفي النبيه، أو (هادوك) البحار المغامر السكير.

.